أجرة القاهرة ... أجمل ما قرأت فى وصف المجتمع المصرى

[Mohamed Hashem]

(5)

نادرا ما ركبت مع سائق تاكسى لم يختبر تجربة الهجرة .. بعضهم سافر لمدة طويلة إلى أكثر من دولة
أما هذا السائق فتجربته فى مجال الهجرة بدأت منذ عام 1977 وحتى عام 2004 ومتقطعه على حد قوله .. وما إن يعود للوطن حتى يبدأ من جديد .. سافر إلى العراق والكويت والسعودية وليبيا ومر بالطبع على الأردن وسوريا .. تجربة حية مع أحد مصادر الدخل الرئيسية فى مصر وهى تحويلات المصريين المقيمين أو بمعنى أدق المضطرين للإقامة فى الخارج

انتقد السائق بعنف الأوضاع فى مصر وأكد لى أنه شبع شعارات جوفاء عن حب الوطن ولو لم أكن مصريا والكلام اللى لا بيودى ولا بيجيب .. وشرح لى انه عاد منذ عامين مضطرا لظروف قهرية ... وكل ذلك كلاسيكى إلى حد كبير وليس فيه جديد بل ومشترك لدى شريحة كبيرة من السائقين ولكنه حكى لى قصصا عن الغربة جديدة على أذنى التى سلمتها لهؤلاء الكادحين منذ قرابة الربع قرن
قال لى :
عارف الفرق ايه بين السادات ومبارك ؟
كنت بالطبع لم أفكر فى أى فرق بينهما مسبقا فلم أرد
السائق: الفرق يا سيدى أن السادات كان مهتم جدا بأولاده اللى خارج مصر .. كان الراجل حامينا بحق أما مبارك فالراجل سايب البلاد تاكل فينا زى ما تاكل طب احكى لك حكاية عشان تفهم الحركة دى ( لا داعى على الإطلاق لإستخدام كلمة حركة هنا ولكنه قالها هكذا )
فى السبعينات اليونان فتحت موضوع الهجرة للمصريين على البحرى .. وفى الآخر صوتوا من كتر المصريين اللى سافروا اليونان قاموا عملوا ايه ؟
أنا : إية؟
السائق: عرضوا فيلم أبى فوق الشجرة بتاع حلم فى سينما حى المصريين وطبعا كبسوا عليهم ولموا كل اللى دخل الفيلم وحطوهم فى مركب على الاسكندرية .. اصل معظمهم من اسكندرية
مين عرف بالموضوع ده؟ .. السادات .. عمل ايه ؟ كلم وزير الداخلية يلم ميت جريجى فورا ويطلعهم على أول طياره
رئيس الوزارة اليونانى عرف .. وكلم السادات .. قال له .. اللى تعمله فى ولادى أعمله فى ولادكم .. وهدده .. وقال له انت لسه مشفتش حاجه .. رئيس الوزارة اليونانى كلم المركب .. تلف وترجع تانى .. وراح مديهم كلهم اقامة .. أى والله اقامة
دى حكاية معروفة إزاى حضرتك متعرفهاش
أكدت له أننى لم أسمع بها قبلا فقال لى : طب اسمع دى أصل حكايات السادات كتير .. كان فى تتش بين مصر وبقية الدول العربية

من ساعة كامب ديفيد .. وأنا كنت ساعتها فى العراق صدام كان قالب الدنيا على مصر وبدأت تحصل غلاسات وكان فى ساعتها مناوشات كده بين العراق وايران .. وكانت الدنيا مولعة نار .. راح السادات مكلم صدام وقال له بص يا ابن الناس .. سياسة ونختلف ماشى لكن حد يلمس ولادى لأ .. وكان فى حى لبش عايش فيه المصريين اسمه المربعة فى بغداد .. فراح السادات قال له أنا يا صدام حسيب عليك ولادى فى المربعة المهم فهم صدام ومحدش لمس مصرى فى العراق
أما دلوقتى .. إحنا بنتلطش من كل الخلق .. النهاردة والنعمة الشريفة - وأخرج سندويتشا من درج السيارة وهزه بعنف أمام عينيه - إحنا بنتهان آخر إهانة ..
كنا قد وصلنا .. ولما توقف بالسيارة
ختمها ...
بس برضه أحسن ما نتهان فى بلدنا

ونلتقط طرف الخيط .. لأذكر نفسى وإياكم - ويارب يسمعونا ويفهموا بقى – كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ..... فاهمنى ؟ ولا أكمل ....
وإلى لقاء