أجرة القاهرة ... أجمل ما قرأت فى وصف المجتمع المصرى

[Mohamed Hashem]

قرأت لكم كتاب "تاكسي .. حواديت المشاوير" للكاتب خالد الخميسي الناشر دار الشروق وبرغم أنني لا أعرف هذا الكاتب جيدا إلا أنني فوجئت بأن طبعة الكتاب الذي بين يدي تحمل الرقم 14 في دائرة حمراء زاهية دلالة على أنه كسر كل الأرقام القياسية في مبيعات الكتب التي بارت أسواقها هذا الزمان ..
المهم استعرت الكتاب من صاحبه وقضيت معه أوقات فراغي خلال ثلاثة أيام هي مدة عزلتي عن العالم الخارجي (انقطع فيهم الاتصال بالانترنت) وقبل أن أصل إلى منتصف الكتاب .. أيقنت انه سيكون لكم نصيب منه ..

وللأمانة.. أكثر ما شدني للكتاب .. بخلاف بساطة الأسلوب .. وواقعية الحوار والمضمون .. تطابق الزمان والمكان والأمور كثيرا .. بيني وبين الكاتب .. فالأحداث دارت في شوارع القاهرة .. وأحداثي المماثلة دارت في شوارع الإسكندرية ... والكاتب يسرد قصص من رواية سائقي التاكسي وأنا أجد لذة غريبة في التحدث إليهم بل و "نكش" السائق أي فتح اي موضوع والسلام وهم ثرثارون بطبيعتهم يميلون إلى التحدث قتلا للوقت أو للملل .. والكاتب يصف نفسه بأنه زبون "سقع" لسيارات التاكسي وأنا من كثرة إستخدامى لتلك المواصلة صادفني الحظ أن ركبت مع نفس السائق في نفس السيارة مرتين وكان ذلك قبل شراء سيارتي المتواضعة منذ ثلاثة أعوام
لن أطيل عليكم أكثر من ذلك .. ولنبدأ بالمقدمة فهي لا تقل إمتاعا عن محتوى الكتاب

كلام لابد منه

منذ سنوات وأنا زبون "سقع" لسيارات التاكسي درت معها في شوارع وأزقة القاهرة بحيث أصبحت أعرف حواريها و مطباتها أكثر من أي سائق آخر

وأنا من هواة الحديث إلى سائقي التاكسي فهم بحق أحد ترمومترات الشارع المصري يضم هذا الكتاب بين دفتيه بعض القصص التي عشتها وبعض الحكايات التي جرت مع سائقين من ابريل 2005 إلى مارس 2006

حاولت أن انقل هذه القصص كما هي بلغة الشارع وهى لغة خاصة وفجة وحيه وصادقة تختلف تماما عن لغة الصالونات والندوات التي اعتدنا عليها

وسائقي التاكسي ينتمون في معظمهم إلى شريحة اجتماعية مطحونة اقتصاديا يعملون في مهنة مرهقة بدنيا فوضع الجلوس الدائم في سيارات متهالكة يدمر أعمدتهم الفقرية وحالة الصراخ الدائم الموجودة في شوارع القاهرة تدمر أجهزتهم العصبية وحالة الزحام المستمرة تنهكهم نفسيا والجري وراء الرزق بالمعنى الحرفي للجري يشد ضفائر الكهرباء في أجسادهم للمنتهى أضف إلى ذلك أن مردود التاكسي لو تم حسابه بشكل علمي أي واضعين في الاعتبار كافة العناصر من إهلاك للسيارة وأجرة السائق والضرائب وقيمة التجديد والمخالفات .. الخ سنجد انه مشروع خاسر مائة بالمائة وأصحابه يتصورون أن التاكسي يربح لأنهم لا يضعون في الحسبان العديد من المصروفات غير المنظورة ونتيجة لذلك فحالة التاكسي متهالكة وبائسة وقذرة وسائقيها يعملون عليها كالرقيق

وفى المحصلة العامة ستجد الآن سائقي التاكسي من كل التخصصات ومن كافة الشرائح العلمية بدءا من الأمي إلى حملة الماجستير لأني لم أقابل حتى الآن سائقي تاكسي حاصلين على الدكتوراه

ولدى أولئك السائقين خبرات واسعة بالمجتمع حيث أنهم يعيشون عمليا في الشارع ويلتقون بمزيج هائل من البشر بشكل يومي وتتجمع لديهم من خلال الحوارات التي يقيمونها وجهات نظر معبرة جدا عن شريحة الغلابة في المجتمع المصري

والحق يقال فأنني كثيرا ما أرى في التحليلي السياسي لبعض السائقين عمقا أكثر مم أجده لدى العديد من محللين سياسيين يملئون الدنيا صخبا فحضارة هذا الشعب تتجلى في بساطته فهذا الشعب المصري العظيم الرائع معلم بحق لكل من يريد أن يتعلم

انتهى كلام الكاتب والتقط طرف الخيط منه لأقول لكم كل يوم سنتناول قصة سائق مختلف لنتعلم منها بعضا من قيم و أخلاقيات ومثل عليا وحكم وعظات أيضا
فإلي الغد .. انتظرونا

[yousef]

الفكره جامده جدا وجديده
وفعلا الطبقه ديه زي ما حضرتك قولت عنهم بالظبط من كل الشرائح وكمان عندهم خبره في كتير من المجالات المختلفه من خلال خبرتهم وكلامهم مع الناس
فكره الموضوع هايله جدا وشدتني وبجد هستني اول حكايه وباذن الله اكون اول رد يشكرك علي الموضوع الهايل

وبجد الله ينور

[ALY ELSAYED]

الله ينور يا بشمهندس محمد

فكره جميله جدا وفعلا الناس دول في منهم الامين والكويس جدا وفي منهم الصايع والحرامي

عايزين نعرف جميع القصص المفيده

جزاك الله كل خير

[محمد الفرارجي]

عموما
الكبير كبير
ومش غريبة عليك الأفكار الجميلة دي

عجبني حاجتين

1- انك قلت قريت يعني نقلت التاكس ملاكي وبعت النمر.

2- انك أخذت من الكتاب المفيد ما قصيتش ولزقت وخلاص.

وبعدين فكرة انك تتكلم عن كتاب قريته

والله والله والله

ممكن تبقى فكرة ممتازة في القسم الثقافي بدل ما هو معتمد على النقل بصورة كبيرة كده
كل واحد قرا كتاب حتى لو من وجهة نظره تافه

يدخل يدينا ملخص ليه وباسلوبه والله الفكرة ممتازة

بس التطبيق

شكرا يا مصبرني

[Mohamed Hashem]

الفكره جامده جدا وجديده
وفعلا الطبقه ديه زي ما حضرتك قولت عنهم بالظبط من كل الشرائح وكمان عندهم خبره في كتير من المجالات المختلفه من خلال خبرتهم وكلامهم مع الناس
فكره الموضوع هايله جدا وشدتني وبجد هستني اول حكايه وباذن الله اكون اول رد يشكرك علي الموضوع الهايل

وبجد الله ينور

الله ينور يا بشمهندس محمد

فكره جميله جدا وفعلا الناس دول في منهم الامين والكويس جدا وفي منهم الصايع والحرامي

عايزين نعرف جميع القصص المفيده

جزاك الله كل خير

عموما

الكبير كبير
ومش غريبة عليك الأفكار الجميلة دي

عجبني حاجتين

1- انك قلت قريت يعني نقلت التاكس ملاكي وبعت النمر.

2- انك أخذت من الكتاب المفيد ما قصيتش ولزقت وخلاص.

وبعدين فكرة انك تتكلم عن كتاب قريته

والله والله والله

ممكن تبقى فكرة ممتازة في القسم الثقافي بدل ما هو معتمد على النقل بصورة كبيرة كده
كل واحد قرا كتاب حتى لو من وجهة نظره تافه

يدخل يدينا ملخص ليه وباسلوبه والله الفكرة ممتازة

بس التطبيق

شكرا يا مصبرني

شكرا جدا جدا جدا
وطالما عجبتكم حاكمل

[Mohamed Hashem]

( 1 )

يا إلهي .. كم عمر هذا السائق ؟ وكم عمر هذه السيارة ؟

لم أصدق عيني عندما جلست بجانبه .. فإن عدد تجاعيد وجهه بعدد نجوم السماء . تضغط كل تجعيده على الأخرى "بحنيه" وتصنع وجها مصريا نحته مختار (مثال مصرى 1891-1934) أما يداه اللتان تضغطان على المقود فإنهما تتمددان وتنكمشان عبر شرايينها البارزة وكأن شرايين النيل تغذى الأرض اليابسة مع رعشة خفيفة لا تحرك المقود يمينا أو يسارا فالسيارة تسير ثابتة إلى الأمام وتصدر من عينيه المغطتين بجفنين عملاقين حالة سلام داخلي تبعث في وفى الدنيا الطمأنينة

شعرت بمجرد الجلوس إلى جانبه بفعل مجال مغناطيسي يصدره أن الحياة بخير

أنا: حضرتك أكيد بتسوق من فترة طويلة
السائق: انا باسوق من 48 سنة
لم أتصور أنه يمارس مهنة قيادة السيارات الأجرة منذ قرابة خمسين عاما لم أجرؤ على سؤاله عن سنه ولكنى وجدت نفسي أسأله عن النتيجة
أنا: وإيه يا تري خلاصة خبرتك اللي ممكن تقولها لواحد زيي علشان أتعلم منها
السائق: نملة سوداء على صخره سوداء فى ليلة ضلمة يرزقها الله
أنا: قصدك ايه ؟
السائق: احكيلك حكاية حصلت الشهر اللى فات علشان تفهم قصدى
أنا: ارجوك
السائق: عييت عشر تيام عيا جامد اوى ماكنتش قادر اتحرك من السرير وبعد اسبوع ماكانش فى البيت مليم .. انا عارف ومراتى مخبية عليا وكل ما اقولها حنعمل ايه.. تقولى الخير كتير يا ابوحسن وهى عمالة تشحت اكل من الجيران القصد بعد عشر تيام قلت لها حانزل الشغل .. حلفت عليا وقعدت تصرخ وتقول انى لو نزلت ح اموت منها وبصراحه انا كنت تعبان جدا بس كدبت عليها كدبه بيضا قلت لها حاروح القهوة اقعد مع صحابى اتهوى شوية زهقت من السرير ونزلت دورت العربية وقلت يارب يارزاق
فضلت ماشى لغاية ما لقيت عربية 504 عطلانه والسواق بيشاور لى ولما وقفت جنبه قال لى خد الزبون اللى معايا المطار علشان عربيتى عطلت ووافقت
الزبون طلع من عمان .. سالنى حتاخد كام قلت له اللى تجيبه ..
وانا فى الطريق اكتشفت انه رايح قرية البضائع .. وافتكرت ان ليا واحد صاحبى شغال هناك فلما وصلنا ساعده صاحبى ده فى تخليص الحاجات بتاعته .. خد بالك كان ممكن اروح ماألاقيهوش
سالنى تانى .. عاوز كام يا حاج .. قلت له اللى تجيبه فراح مدينة خمسين جنيه وشكرته وسألنى راضى فرديت راضى
قال لى بص يا حاج الجمرك هنا كان حياخدوا 1400 جنيه وانا دفعت 600 جنيه والفرق طالع من ذمتى واجرة التاكسى 150 جنيه .. والخمسين اللى معاك دول حلاوتك .. آدى الف جنيه
شفت يا استاذ مشوار واحد جاب لى الف جنيه .. ممكن اشتغل شهر وما أجبهموش .. شوف ربنا نزلنى من البيت عيان .. وعطل العربية ال 504 البريمو وسبب الاسباب
علشان يرزقنى
اصل الرزق دا مش بتاعك والفلوس دى مش فلوسك .. كله بتاع ربنا .. دى الحاجه الوحيدة اللى اتعلمتها فى حياتى

انتهى كلام المؤلف .. والتقط الخيط – كالعادة – لأذكر نفسى واياكم ... كله ملك الله .. المال .. العلم .. الصحة .. شبابك .. قوتك ..
فأحسن التصرف فيما أستخلفك الله فيه
والى اللقاء

[alaa eid]

جميييييييييييل جدا
تسلم ايدك يا بشمهندس

[Mohamed Hashem]

تسلمى لولو

[yousef]

سبحان الله
وطبعا الارزاق علي الله
واكيد مستنين الباقي بجد الله ينور

[Mohamed Hashem]

( 2 )

كانت سيارات الأجرة لا تستطيع أن تتحرك من شدة الزحام فى شارع عباس العقاد بمدينة نصر الساعة التاسعة مساء واجهات المحلات تتلألأ بأنوار النيون حتى إنى أغمضت عينى من شدة لمعان الأضواء وتسلل إلى السيارة من أحد المقاهى أو المحال صوت كاظم الساهر يغنى قولى أحبك
مصمص السائق شفتيه وقال بحسره:
يا عينى يا عراق يا حسرة قلبى على العراق وأهلها
أنا : رحت العراق ؟
السائق: قضيت فيها أحلى سنين عمرى .. العراقيين دول أجدع ناس لغاية دلوقتى مش قادر أصدق اللى حصل للعراق مش ده اللى كنت متخيله خالص
أنا: ايه اللى كنت متخيله ؟
السائق: بصراحة كنت حاسس ان صدام حينتصر على الامريكان حتى لما شفت بعينى الدبابات الأمريكانى بيتمشوا فى شوارع بغداد قلت فى عقل بالى دى خطة من صدام عاملها علشان يدخلهم بغداد وبعدين يعملوا لهم مقلب ويقضى عليهم
مش قادر أصدق لغاية دلوقتى بس برضه رجاله مفيش يوم عدى إلا وقتلوا لهم كام واحد أمريكانى حيصفوهم واحد واحد إن شاء الله
أنا : من بقك لباب السما بس مش شايف إن صدام سبب كل البلاوى ؟
السائق: انا بحب صدام كان له مواقف جدعنه كتير اوى مع المصريين ما تنساش إنه درس فى القاهرة ... فى التمانينيات وأنا فى العراق كان فى شوية رخامة مع المصريين لقيت صدام طالع يقول خطبه وراح قايل إن أى عراقى حيتعرض لواحد مصرى حيأخد ست شهور حبس .. كده على طول خبط لزق بعدها كنا بنمشى فى بغداد مرفوعين الرأس .. هما عايزين البترول بتاعهم وضربوا كرسى فى الكلوب ودمروا العراق يا عينى
بس زى ما بأقولك كده .. أنا عارف العراقيين كويس ومعاشرهم فوق العشر سنين دول شعب رجاله وحيطلع عين الأمريكان .. كلها كام شهر وحيهربوا ولاد اللذين دول من هنالك وديلهم فى سنانهم قبل ما يحصلهم زى اللى حصل لهم فى فيتنام
أنا: وامتى عرفت ان دى مش حركة من صدام وان بغداد وقعت فعلا ؟
السائق: والله انا لما عرفت انهم قبضوا على صدام عيطت وحسيت اننا بنتفعص زى الحشرات .. وخفت وفكرت فى أصحابى هناك ياترى عايشين ولا ميتين بس انا بقولك لحضرتك وحتشوف فى الآخر العراق هو اللى حينتصر
سرت فى جسدى قشريرعه من أمل وتفاؤل
ونزلت من التاكسى تحت منزلى فوجدت أربعة من المراهقين الشباب أحدهم يدخن السجائر المارلبورو الأمريكية والآخر يلبس حذاء نايك الشهير والثالث يرتدى تى شيرت على صدره علم أمريكا
فتبخرت شحنة التفاؤل وصعدت منزلى مطأطأ الرأس

المرة دى مش لاقى حاجه تتقال بعد كلام الكاتب غير ... حسبنا الله ونعم الوكيل