المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البقاء لله - دكتور مصطفى محمود



محمد الفرارجي
10-31-2009, 07:48 PM
السلام عليكم

أعزي نفسي واعزي الجميع في واحد رغم اختلاف البعض عليه ومعه إلا أننا فقدنا رمزا مصريا لايوجد مثله وهوه الدكتور مصطفى محمود رحمه الله.

وهذه مقالة منقولة من موقع محيط.
رحيل صاحب "العلم والإيمان"



محيط - سميرة سليمان



مصطفى محمود
شيعت مصر اليوم السبت أحد أنجب أبنائها د. مصطفى محمود عن عمر يناهز 88 عاما ، بعد أن ترك بصمات واضحة في العلم والفكر والبحث وأضاء الطريق لملايين من الناس حول العالم ، وكانت له أياد بيضاء في مجال العمل الخيري ومنها مستشفى وجمعية خيرية شهيرة باسمه في حي المهندسين يتوافد إليها عشرات الناس كل يوم .

ويواري جثمان الفقيد الثرى في مدافن الأسرة بمدينة السادس من أكتوبر، ويقام العزاء ليلاً في سرادق كبير في جامع مصطفى محمود في المهندسين.

وخلافا للتوقعات خلت جنازة مصطفى محمود من رموز المجتمع ، وشيعه البسطاء بدموعهم الغزيرة . إبحار بين أشهر مؤلفات د. مصطفى محمود




وقالت "أمل" ابنة الراحل لـ"محيط" أن والدها رحل في هدوء، بلا مقدمات سوى تدهور الحالة الصحية التي أدخل على إثرها العناية المركزة ، مضيفة : "كان نائماً في سكينة تامة لكنه لم يستيقظ مرة أخرى، لقد كنت معه طوال الوقت لكنه لم يتحدث ولم يترك وصية"، ونفت أن يكون والدها أصيب بفقدان الذاكرة أو الاكتئاب كما أشيع منذ فترة .

أما قريبته "نورتان" فأكدت أن د. مصطفى كان دائم الصلة بعائلته ويودهم، وكان دائم التحدث معهم حول الصلاة وقراءة القرآن باعتبارها الأعمال الباقية للإنسان في أخراه ، وكان يكرر مقولته بأن القرآن أفضل ما يؤنس وحشة كبار السن تحديدا والإنسان عموما .



تشييع الجثمان
وقالت لـ"محيط" أن صلته بربه كانت شغله الأساسي بالحياة ، ورددت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" ، معتقدة أن مصطفى محمود رحل مخلفا الثلاثة أشياء ، ويحسب له هؤلاء المرضى المحتاجين الذين وجدوا نافذة نور في جمعيته الخيرية .

أما ابنة خالة الراحل "نيرة مصطفى" فكانت تغالب دموعها وهي تؤكد أيضا أن د. مصطفى ترك أثرا بالغا في أسرته كلها، وكانت الجماهير حريصة على متابعة برنامجه الشهير "العلم والإيمان" كل يوم اثنين، وكشفت أنه امتنع بإرادته عن الحديث في الفترة الأخيرة من حياته ، وكأنه يسبح في حالة من التأمل الكامل .

وتحدثت لـ"محيط" أيضا إحدى الممرضات المشرفات على علاجه ، وقالت أنه كان ينصحها وزميلاتها كثيرا وخاصة بقيمة التواضع والتعاون ، وأن يحرصن على القراءة دوما ، وقالت أن أوراقه وكتبه لم تكن تفارقه حتى لحظاته الأخيرة في الحياة .

من جانبه استنكر د . أحمد عبد العليم نائب رئيس جمعية "مصطفى محمود" الخيرية وأستاذ جراحة التجميل خروج جنازة لا تليق بصاحبها العالم والمفكر المصري الكبير ، وقال لـ"محيط " أنه تعرض للتجاهل حيا وميتا ، ورغم احتشاد مئات المواطنين من محبي د. مصطفى محمود ، إلا أن رموز المجتمع وشخصياته الرسمية غابوا جميعا لسبب غير معروف .

أنشأ د. مصطفى عام 1979 مسجده في القاهرة المعروف بـ "مسجد مصطفى محمود" ويتبع له ثلاثة ‏مراكز‏ ‏طبية‏ تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود ويقصدها الكثير من أبناء مصر نظرا لسمعتها الطبية، ‏وشكل‏ ‏قوافل‏ ‏للرحمة‏ ‏من‏ ستة عشر ‏طبيبًا‏، ‏ويضم المركز‏ أربعة ‏مراصد‏ ‏فلكية ، ‏ومتحفا ‏للجيولوجيا‏، يقوم عليه أساتذة متخصصون. ‏ويضم‏ ‏المتحف‏ ‏مجموعة‏ ‏من‏ ‏الصخور‏ ‏الجرانيتية،‏ ‏والفراشات‏ ‏المحنطة‏ ‏بأشكالها‏ ‏المتنوعة‏ ‏وبعض ‏الكائنات‏ ‏البحرية‏.




فلسفته وأعماله

".. ‏لو‏ ‏سئلت‏ ‏بعد‏ ‏هذا‏ ‏المشوار‏ ‏الطويل‏ ‏من‏ ‏أكون؟‏! ‏هل‏ ‏أنا‏ ‏الأديب‏ ‏القصاص‏ ‏أو‏ ‏المسرحي‏ ‏أو‏الفنان‏ ‏أو‏ ‏الطبيب؟‏ ‏لقلت‏: ‏كل‏ ‏ما أريده‏ ‏أن‏ ‏أكون‏ ‏مجرد‏ ‏خادم‏ ‏لكلمة‏ ‏لا‏ ‏إله‏ ‏إلا‏ ‏الله‏، ‏وأن‏ ‏أكون‏ ‏بحياتي‏ ‏وبعلمي‏ ‏دالا‏ًً ‏على‏ ‏الخير" .. بهذه الكلمات لخص العالم الجليل الراحل د. مصطفى محمود هدفه بالحياة في كتابه الشهير "رحلتي من الشك إلى الإيمان".

مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، من الأشراف، ينتهي نسبه إلى عليّ زين العابدين ولد عام 1921، وكان توأما لأخ توفي في نفس العام، وعاش مصطفى في مدينة طنطا، درس الطب وتخرج عام1953 و لكنه تفرغ للكتابة والبحث عام 1960 تزوج عام 1961 و انتهى الزواج بالطلاق عام 1973 وله منه ولدين "أمل" و "أدهم". وتزوج ثانية عام 1983 وانتهى هذا الزواج أيضا بالطلاق عام 1987

ألف محمود 89 كتابا تتراوح بين القصة والرواية الصغيرة إلى الكتب العلمية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى الفكر الديني والتصوف ومرورا بأدب الرحلات ومنها : " الإسلام في خندق، زيارة للجنة والنار، عظماء الدنيا وعظماء الآخرة، علم نفس قرآني جديد، الإسلام السياسي والمعركة القادمة، المؤامرة الكبرى، عالم الأسرار، على حافة الانتحار، الله والإنسان، أكل العيش، شلة الأنس، رائحة الدم، لغز الموت، لغز الحياة، الأحلام، اينشتين والنسبية، في الحب والحياة، يوميات نص الليل، المستحيل، العنكبوت، الخروج من التابوت، رجل تحت الصفر، الإسكندر الأكبر، الزلزال، حوار مع صديقي الملحد، هل هو عصر الجنون؟ ، والغد المشتعل " .

وقدم 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير "العلم والإيمان" وقام الدكتور مصطفى محمود بإنشاء مسجد في القاهرة باسمه هو "مسجد مصطفى محمود" عام 1979 ويتبع له "جمعية مسجد محمود" والتي تضم "مستشفى محمود" و "مركز محمود للعيون" ومراكز طبية أخرى إضافة إلى مكتبة و متحف للجيولوجيا وآخر للأحياء المائية ومركز فلكي.

بداية النبوغ

بدأ حياته متفوقًا في الدراسة، حتى ضربه مدرسٌ للغة العربية؛ فاكتأب ورفض الذهاب إلى المدرسة ثلاث سنوات، وما إن رحل ذلك المدرس عن مدرسته، حتى عاد مصطفى وبدأت تظهر موهبته وتفوقه وحبه للعلم!

في منزل والده أنشأ معملاً صغيرًا، أخذ يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الصراصير، ثم يقوم بتشريحها، وفيما بعد - حين التحق بكلية الطب- اشتُهر بـ"المشرحجي"، نظرًا لوقوفه طول اليوم أمام أجساد الموتى، طارحًا التساؤلات حول سر الحياة والموت وما بعدهما.

كان مرهف الحس يجلس على شاطئ النيل صغيراً، يتأمل ويصنع المراكب الورقية ويقذف بها في المياه، وكان يحب الموسيقي خاصة آلة "الناي" وحينما سئل يوماً عن الناي ولماذا يؤثر فيه قال: "حي ينفخ في حي".

الأدب والطب

على الرغم من احترافه الطب متخصصًا في جراحة المخ والأعصاب، فإنه كان نابغًا في الأدب منذ كان طالبًا، وكانت تنشر له القصص القصيرة في مجلة "روز اليوسف"، وقد عمل بها لفترة عقب تخرجه، مما دفعه لاحتراف الكتابة، ‏وعندما‏ ‏أصدر‏ ‏الرئيس‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏قرارًا‏ ‏بمنع‏ ‏الجمع‏ ‏بين‏ ‏وظيفتين‏، كان‏ ‏مصطفى‏ محمود ‏وقتها‏ ‏يجمع‏ ‏بين‏ ‏عضوية‏ ‏نقابتي‏ ‏الأطباء‏ ‏والصحافيين‏، ولذا ‏قرر‏ ‏الاستغناء‏ ‏عن‏ ‏عضوية‏ ‏نقابة‏ ‏الأطباء‏ .

عندما سئل ماذا يملك الطبيب من إمكانات تشجعه على أن يكون أديبًا وفنانًا؟ أجاب بأن "للطب علاقة وثيقة بالحياة وأسرارها وخفاياها، فالطبيب هو الوحيد الذي يحضر لحظة الميلاد ولحظة الموت، وهو الذي يضع يده على القلب ويعرف أسرار نبضه، وكل الناس يخلعون ثيابهم وأسرارهم، بين يدي الطبيب، فهو الوحيد الذي يباشر الحياة عارية من جميع أقنعتها، وبما أن الطب علم، والأدب علم، فالتكامل في الحياة البشرية قضى بأنه لا غنى لأحدهما عن الآخر، يعني الطب والأدب، وكذلك الطبيب والأديب".



في حلقة من برنامجه الشهير
لغز الحياة

تأثر مصطفى محمود بتيار المادية السائد في عصره وقال عن ذلك في أحد كتبه: "احتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب، وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل مع النفس، وتقليب الفكر على كل وجه لأقطع الطرق الشائكة، من الله والإنسان إلى لغز الحياة والموت، إلى ما أكتب اليوم على درب اليقين".

كانت المشكلة الفلسفية الحقيقية التي كان يبحث عنها هي الدين والحضارة، أو العلم والإيمان، وما بينهما من صراع متبادل أو تجاذب؛ ففي كتابه "رحلتي من الشك إلى الإيمان" يقول: "إن زهوي بعقلي الذي بدأ يتفتح، وإعجابي بموهبة الكلام ومقارنة الحجج التي تفردت بها، كان هو الحافز، وليس البحث عن الحقيقة ولا كشف الصواب، لقد رفضت عبادة الله لأني استغرقت في عبادة نفسي، وأعجبت بومضة النور التي بدأت تومض في فكري مع انفتاح الوعي وبداية الصحوة من مهد الطفولة".

وعلى الرغم من هذه الأرضية المادية التي انطلق منها؛ فإنه لم يستطع أن ينفي وجود القوة الإلهية، فيقول: "تصورت أن الله هو الطاقة الباطنة في الكون، التي تنظمه في منظومات جميلة، من أحياء وجمادات وأراضٍ وسماوات، هو الحركة التي كشفها العلم في الذرة وفي الـ"بروتوبلازم" وفي الأفلاك، هو الحيوية الخالقة الباطنة في كل شيء".

وجد في داخله صوت الفطرة يناديه وقاده إلى معرفة الله، هكذا كانت رحلته من الشك إلى اليقين تمهيدًا لفض الاشتباك بين العلم والإيمان، وذلك عن طريق علوّ الإنسان بالمادة إلى ما هو أبعد أفقًا وأرحب مدًى.

بعدها جاءته فكرة برنامجه الشهير "العلم والإيمان" التي عرضها على التليفزيون المصري فاعتمدوا له 30 جنيها مصريًا فقط للحلقة الواحدة! في حين أن البرنامج كان يستلزم السفر للخارج ومتابعة آخر الأبحاث، حتى قابل رجل أعمال شهير، فحدثه في أمر البرنامج، فإذا به يخرج دفتر الشيكات، قائلا له: "لن أناقشك في النفقات، ولكن المهم خروج هذا العمل العلمي والديني إلى النور".

ولاقى البرنامج نجاحًا كبيرًا، ومع ذلك بعد سنوات فوجئ الراحل مصطفى محمود بإبعاد هذا البرنامج الجماهيري عن خريطة التليفزيون المصري دون إبداء الأسباب.

منهج الإسلام

كان مصطفى محمود دائم التأكيد أن الإسلام منهج ليس من فكره الصراعُ الطبقي، بل يهدف إلى التوازن بين الفرد والمجموع، وليس إلى تذويب الأفراد في المجموع كما في الاشتراكية، ولا إلى التضحية بالمجموع لصالح قلة من الأفراد كما في الفكر الرأسمالي.

وأوضح أن الأيديولوجية الإسلامية تعمل على إشباع الحاجات الروحية للإنسان، وليس المادية فقط، فالمسلم حينما يتصدق أو يزكي فهو يتعامل مع الله، لما أخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم من أن الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد المحروم، وهذا - عند مصطفى محمود- ما يعطى للمنهج الإسلامي خصوصية وسموًا في الهدف، إذ يشعر المسلم برقابة من الله ورقابة من الضمير، وعلى ذلك فالصبغة الروحية للنشاط الاقتصادي شرط من شروط الإسلام، فليس في الإسلام انفصال بين ما هو روحي وما هو مادي.

شاهد على عصره

يقول جلال العشري في كتابه "مصطفى محمود شاهد على عصره": " كان مصطفى محمود يتعاطى الأشياء بعقله، ثم يعيها بوجدانه ثم يجسدها بقلمه، فإذا هي مسرحية أو رواية أو قصة قصيرة، فإذا هي قطعة من الواقع وشريحة من الحياة، أو هي بنية حية فيها دسم الواقع ونبض الحياة، فنه القصصي غير قابل للتمذهب، استطاع أن يفلسف حياته ويحيا فلسفته، وأن يتخذ من أزماته النفسية الحادة وزلازله الباطنية العنيفة وتجاربه الحية وخبراته الوجدانية مادة لأدبه".

كان السؤال المحوري في قصصه القصيرة هو مشكلة تعالي الإنسان على ذاته وعلى ذوات الآخرين، أما في رواياته فكان المشكل هو: إلى أين يريد الإنسان أن يصل؟ وألاّ يؤدى هذا العلُوّ على كل شيء إلى اللاشيء؟ وما هي المستحيلات التي لابد أن يواجهها؟ وهذه المستحيلات عنده هي: الإنسان، المجتمع، الزمن، التاريخ، وروح العصر. ويبرز ذلك الفكر في رواياته: "المستحيل" و"الأفيون" و"العنكبوت" و"الخروج من التابوت" و"رجل تحت الصفر"، ذلك هو المنهج الفلسفي الذي بنى رواياته عليه.

معاركه

دخل مصطفى محمود في حياته عدة معارك، ووجهت إليه عدة اتهامات، أهمها:

اتهام منتقدوه له بأن مواقفه السياسية متضاربة، تصل إلى حد التناقض في بعض المواقف، إلا أنه لا يرى ذلك، ويؤكد أنه ليس في موضع اتهام، وأنّ اعترافه بأنه كان على غير صواب في بعض مراحل حياته هو ضرب من ضروب الشجاعة والقدرة على نقد الذات، وهذا شيء يفتقر إليه الكثيرون ممن يصابون بالجحود والغرور، مما يصل بهم إلى عدم القدرة على مواجهة أنفسهم والاعتراف بأخطائهم.

اشتهر بهجومه المتواصل على الصهيونية، وأكد أن اليهود وراء هذه الشبكة الأخطبوطية للفساد والإفساد في العالم كله، مما تسبب في لزوم حارس‏ ‏بباب منزله ‏منذ‏ ‏سنوات‏،‏ ‏بتكليف‏ ‏من‏ ‏وزارة‏ ‏الداخلية،‏ ‏لحراسته بعد‏ ‏التهديدات‏ ‏التي‏ ‏تلقاها.



من مؤلفاته الشهيرة
نشر في مقالاته أفكارًا كثيرة كانت مثار جدل بين المثقفين، كدعوته إلى علم النفس القرآني، ويقصد به محاولة فهم النفس فهمًا جديدًا مؤسسًا على القرآن والسنة، وهي بمثابة محاولة للخروج بعلم نفس إسلامي جديد، ومثل تنبُئه بسقوط الحضارة الغربية وانهيار الرأسمالية وتوابعها دون أن يطلق المسلمون رصاصة واحدة، بسبب الترف والتخمة وعبادة الشهوات والغرق في الملذات، كحضارات كثيرة ذكرها لنا التاريخ.

وتأتي الأزمة الشهيرة المعروفة باسم "أزمة كتاب الشفاعة" والتي وقعت عام 2000م لتثير الكثير من الجدل حوله وحول أفكاره، وتتلخص فكرة الكتاب في أن الشفاعة التي سوف يشفع بها رسول الله عليه الصلاة والسلام لأمته، لا يمكن أن تكون على الصورة التي نعتقدها نحن المسلمون، ويروِّج لها علماء وفقهاء الشريعة والحديث!! إذْ الشفاعة بهذه الصورة تمثل دعوة صريحة للتواكل الممقوت شرعًا، وتدفع المسلمين إلى الركون إلى وهم حصانة الشفاعة، التي ستتحقق لنا لمجرد الانتساب إلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وعليه ظهر مصطفى محمود وكأنه منكر لوجود الشفاعة من أساسها!


عزلته

كان مصطفى محمود يعترف بالضعف البشري، في الفترة الأخيرة اعتلت صحته وأصيب بجلطة في المخ ثم تعافى بعدها ولكنه آثر العزلة، كان يعتبر ‏حياته‏ ‏هجرة‏ ‏مستمرة‏ ‏نحو‏ ‏إدراك‏ ‏الحياة‏ ‏والبحث‏ ‏عن‏ ‏الحقيقة‏، ‏وكل‏ ‏كتاب‏ ‏قام‏ ‏بتأليفه‏ ‏هو‏ ‏محطة‏ ‏على‏ ‏طريق‏ ‏هذا‏ ‏السفر‏ ‏الطويل‏، ‏وعلى الرغم من‏ ‏ذلك‏ ‏فهو‏ ‏-‏‏على‏ ‏حد‏ ‏تعبيره‏‏-‏ ‏مازال‏ ‏في‏ ‏بداية‏ ‏الطريق‏، ‏وكل‏ ‏ما‏ ‏كتبه‏ ‏يعد في‏ ‏نظره‏ ‏بعيدا‏ ‏جدًا‏ ‏عن‏ ‏أحلامه‏، ‏وبالتالي‏ ‏ابتعاده‏ ‏عن‏ ‏الحياة‏ ‏الاجتماعية‏ ‏لا‏ ‏يعني‏ ‏أنه‏ ‏أنجز‏ ‏المهمة.

‏حياته‏ ‏كلها‏ ‏كانت‏ ‏قراءة‏ ‏لدرجة‏ أن ابنته "أمل" تقول إنهم كانوا يظنون أنه‏ ‏غير ‏موجود‏ ‏في‏ ‏المنزل‏ ‏بسبب‏ ‏اعتكافه‏ ‏على‏ ‏الكتب ‏بالساعات‏،‏ وازداد حبه للقراءة ‏بعدما‏ ‏اعتزل‏ ‏التأليف‏ ‏بكل‏ ‏أنواعه‏‏، ‏وكان لا يشاهد ‏التليفزيون‏ ‏إلا‏ ‏لمتابعة‏ ‏الأخبار،‏ ‏وأصبحت‏ ‏عبارة‏ "شيء‏ ‏مؤسف" ‏تعليقه‏ ‏الوحيد‏ ‏على‏ ‏معظم‏‏ ما‏ ‏يراه‏، وكان ميّالا إلى العزلة ويعترف بأنه ‏فقد‏ ‏ملكة‏ ‏الابتكار.‏

‏يقول‏ عن رؤيته للحياة: "قررت‏ ‏بعد‏ ‏الفشل‏ ‏الثاني "يقصد زواجه"‏ ‏أن‏ ‏أعطي‏ ‏نفسي‏ ‏لرسالتي‏ ‏وهدفي‏ ‏كداعية‏ ‏إسلامي‏ ‏ومؤلف‏ ‏وكاتب‏ ‏وأديب‏ ‏ومفكر‏. ‏وقد‏ ‏اقتنعت‏ ‏تماما‏ ‏بأن‏ ‏هذا‏ ‏قدري‏، ‏ورضيت‏ ‏به‏. ‏ومنذ‏ ‏هذا‏ ‏الحين‏ ‏وأنا‏ ‏أعيش‏ ‏في‏ ‏جناح‏ ‏صغير‏ ‏بمسجدي‏ ‏بالمركز‏ ‏الإسلامي‏. ‏أغرق‏ ‏وحدتي‏ ‏في‏ ‏العمل‏ ‏وتعودت‏ ‏أن‏ ‏أعطي‏ ‏ظهري‏ ‏لكل‏ ‏حقد‏ ‏أو حسد‏ ‏ولا‏ ‏أضيع‏ ‏وقتي‏ ‏في‏ ‏الاشتباك‏ ‏مع‏ ‏هذه‏ ‏الأشياء‏ ‏وأفضل‏ ‏أن‏ ‏أتجنبها‏ ‏وأتجنب‏ ‏أصحابها‏ ‏حتى‏ ‏لا‏ ‏أبدد‏ ‏طاقتي‏ ‏في‏ ‏ما‏ ‏لا‏ ‏جدوى‏ ‏وراءه‏.. ‏انتصاراتي‏ ‏على‏ ‏نفسي‏ ‏هي‏ ‏أهم‏ ‏انتصارات‏ ‏في‏ ‏حياتي‏.. ‏وكانت‏ ‏دائما‏ ‏بفضل‏ ‏الله‏ ‏وبالقوة‏ ‏التي‏ ‏أمدني‏ ‏بها‏ ‏وبالبصيرة‏ ‏والنور‏ ‏الذي‏ ‏نور‏ ‏به‏ ‏طريقي".

صديق المشاهير

كتبت د.لوتس عبدالكريم في مقال لها بمجلة "الشموع" الفصلية أنه فى أخريات أيام الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، كان يعانى من اضطراب فى المخ عقبه نزيف إثر جرح قديم غائر فى رأسه، وقد عاد من علاجه بأمريكا دون أن يتحسن. قال لها : "أريدك أن تأخذينى إلى مصطفى محمود أشوف الرجل ده عمل معجزات فى حياته بالتغلب على كل مشكلاته إزاي .. ده أصابته أمراض كثيرة وخطيرة تغلب عليها، وساءت علاقته بزوجته إلى حد العذاب لكنه نجح فى النهاية فى بلوغ الهدوء النفسى والراحة وانتصر على كل آلامه وشفى.. أود معرفة أسراره".

وتذكر أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب كان يبكى بين يديه فى أمسيات كثيرة معترفا بذنوبه ويسأله النصيحة ليغفر الله له.

وتضيف: كانت الملكة فريدة ملكة مصر السابقة تتابع باهتمام بالغ برنامجه التليفزيونى "العلم والإيمان" وبعدها تتصل به تليفونيا لتستفسر منه عما غمض عليها فهمه أو عن حشرة غريبة أو حيوان أو قطعة من الخشب، وكانت تلجأ إليه فى أيامها الأخيرة لتسأله شرحاً لبعض ما ورد بالقرآن الكريم، وذات يوم استيقظت صباحا مذعورة تقول لها إنها وجدت خاتمها مكسورا وكان عليه صورة الملك فاروق ولم تكن تخلعه أبداً من أصبعها، وطلبت منى الاتصال بالدكتور مصطفى لسؤاله إذا كان هذا من تأثير السحر، فأجابها ضاحكاً بأن الكسر ليس بسبب السحر وأن من الخير لها أن تخلعه وتتبرع به ولكنها لم تقبل !! .

آراؤه السياسية

كان د. مصطفى صديقا شخصيا للزعيم الراحل أنور السادات ولم يحزن في حياته أكثر من حزنه على مقتله وهو هنا يقول: "كيف لمسلمين أن يقتلوا رجلا رد مظالم كثيرة وأتى بالنصر وساعد الجماعات الإسلامية ومع ذلك قتلوه بأيديهم".

كما كان حزينا علي حالة العزلة الثقافية المحيطة بالعالم العربي، واللهاث وراء عملية النصب الكبرى التي تدبرها أمريكا للعالم تحت مسمي "العولمة والتغيير". وفي رأيه أن الولايات المتحدة الأمريكية تحمل بداخلها بذورا متناقضة قد تؤدي بها إلى نفس مصير الاتحاد السوفيتي.

هاجم الشيوعية وهاجم الديمقراطية الأمريكية معللا ذلك بأن الشيوعية أثبتت فشلها وها هي قد سقطت، أما الديمقراطية فهو لا يهاجمها في حد ذاتها، وإنما يهاجم الديمقراطية الهشة المزيفة التي تريدها الولايات المتحدة الأمريكية بعناصر ورموز ومجموعات مصالح.

وله رأي خاص في شأن السياسة الأمريكية الآن، إنها تسعي لتأسيس امبراطورية علي النمط الروماني القديم، وهذا ما تأكد بعد انهيار النظام الشيوعي وهو ما تأكد أكثر بعدما اتخذت أمريكا أحداث 11 سبتمبر ذريعة لاجتياح أفغانستان والعراق.

ويعرب عن حزنه للموقف العربي المتخاذل وسلبيته والتي يرجع السبب فيها لغياب الديمقراطية الحقيقية ووجود فجوة بين الشعوب والحكام مما لا يتيح لهم الاتحاد وهذا شئ خطير، ولكنه كان يحمل بداخله دوما نظرة تفاؤليه جعلته يقول: "..لا تعول علي الظاهر فسيأتي العدل قريبا، وربما ما يفعله الطغاة هو خير لنا كي نجتمع ونتحد، وكل ما ينقصنا لحدوث هذا العدل هو وجود ديمقراطية بصيرة".

وكان الراحل هو أول من بشر بزوال دولة إسرائيل، قائلا: "..أن كل ما نراه من هرولة بعض الدول في اتجاه إسرائيل سواء دولا عربية أو إسلامية، ربما يكون من قبيل إدارة الصراع بين هذه الدول وإسرائيل، أو أن بعضها يتخذ من إسرائيل وسيلة للحصول علي رضاء أمريكا او تجنب نقمتها في الفترة الراهنة، وزوال إسرائيل مرهون بحدوث الصحوة العربية والانتباه للخطر الداهم الذي يهدد الجميع".

ALY ELSAYED
10-31-2009, 07:54 PM
لا حول ولا قوه الا بالله

الدوام لله

الخبر ده احزني جدا جدا

ربنا يرحم هذا العالم الكبير يارب

ويدخله فسيح جناته

ان لله وان اليه لراجعون

Mohamed Hashem
10-31-2009, 07:55 PM
رحم الله الدكتور مصطفى محمود
لقد كنا نتثقف من برامجه وكتبه
وأثرى حياتنا بالعديد والعديد من القيم والأخلاقيات
بعد أن كثر الخلاف حوله استقر الجميع بعد مماته أنه كان
رمزا من رموز الحركة الفكريه الدينية فى وقته
رحم الله فقيد مصر الذى ارتبطت ذكرياتنا مع موسيقى تتر برنامجه الأشهر
العلم والإيمان
شكرا لك يا محمد

Marwa Mahmoud
10-31-2009, 07:57 PM
إن لله وإن إليه راجعون

اللهم أغفر له و ارحمه و اعفو عنه و أكرمه
اللهم وسع مدخله و ادخله الجنة و غسله بالثلج و الماء والبرد
اللهم يمن كتابه و هون حسابه و لين ترابه و ثبت أقدامه و ألهمه حسن الجواب
اللهم طيب ثراه و اكرم مثواه واجعل الجنة مستقره و مأواه

ولا حول ولا قوة إلا بالله

MUHAMED SAMY
10-31-2009, 07:59 PM
....البقاء لله...إنه ثروة علمية...أسكنه الله فسيح جناته.

Ahmed Hosny
10-31-2009, 08:04 PM
انا لله وانا اليه راجعون فعلا احنا فقدنا رمز من رموز مصر بل العالم كله
وان شاء الله ربنا يدخله فسيح جناته واكيد علمه اللى علمه لناس كتير
هو سبب دخوله الجنه
"اذا مات ابن ادم لا ينقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية علم ينتفع به ولد صالح يدعو له"

زهرة
10-31-2009, 08:20 PM
البقاء والدوام لله
اللهم ارحمه برحمتك
واجعل مثواه الجنه
خسارة كبيرة فعلا فقدت مصر عالم عظيم وجليل
ان لله وان اليه راجعون

alaa eid
10-31-2009, 09:47 PM
البقاء له وحده
اللهم أغفر له و ارحمه و اعفو عنه و أكرمه
اللهم وسع مدخله و ادخله الجنة و غسله بالثلج و الماء والبرد
اللهم يمن كتابه و هون حسابه و لين ترابه و ثبت أقدامه و ألهمه حسن الجواب
اللهم طيب ثراه و اكرم مثواه واجعل الجنة مستقره و مأواه
جزاك الله كل خير يا بشمهندس
ويااااااارب ارحمه ويرحمنا جميعا

محمد الفرارجي
10-31-2009, 11:28 PM
الشكر للجميع ولكن أردت أن نتذكر المرحوم بإذن الله بالدعاء عل الله أن يرحمه بدعوة داعي له

اللهم ارحمه فبالفعل تأثرت بالخبر لدرجة لا توصف

الله يرحمه

Hend Elhabet
10-31-2009, 11:41 PM
إنا لله وإنا إليه راجعون
رب ارحمه واغفر له ولجميع اموات المسلمين

حسام المصرى
11-01-2009, 12:03 AM
البقاء لله
لله ما اعطى ولله ما اخذ

Ma7amed Adel
11-01-2009, 12:13 AM
البقاء لله واحده ان لله وانا اليه راجعون

Mohamed Hashem
11-01-2009, 01:42 AM
الشكر للجميع ولكن أردت أن نتذكر المرحوم بإذن الله بالدعاء عل الله أن يرحمه بدعوة داعي له

اللهم ارحمه فبالفعل تأثرت بالخبر لدرجة لا توصف

الله يرحمه



لا أراكم مكروها فى عزيز لديكم
ولكنها سنة الحياه عزيزى محمد
فلا تحزن