المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلة الكون عبر الزمان



Ma7amed Adel
11-03-2009, 05:43 PM
الكون ، هو الوجود الطبيعى بأسره، فهو كل ما هو موجود وما قد وجد و ما سوف يوجد، إلا أننا عند ما نتحدث عنه هنا، فإننا سنقصد المنظومة التى تربط مكوناته الداخلية من مجرات و نجوم و كواكب... الخ ، وهو مجال اهتمام علم الفلك .. البعض يفكرون في الكون، كمكان مغلق ذو حدود ما، و يمكن إدراك أبعاده عقليا، وهو وفق رؤيتهم آله بالغة الدقة و الإحكام كساعة ذرية .. بالغة الانتظام و التماثل كزخرفة شرقية، وهو فوق كل هذا ساكن بلا تاريخ ولا يشوبه أدنى تغيير، فهكذا وجد فى لحظة ما، وهو لابد منتهى فى لحظة أخرى. والحقيقة هى أن هذا التصور الطفولى أبعد ما يكون عن حقيقة الكون، الذى إن وجد و تحرك وفقا للضرورة المادية، إلا إنه أبعد ما يكون عن التماثل والحركة الدقيقة المحكمة، أو السكون أو المحدودية، فعلى سبيل المثال فإن حركة الأرض حول نفسها، وحول الشمس ليست حركة متسقة تماما، كما أن مكونات الكون لا يكف الكثير منها على التصادم والانفجار لتتولد فى تلك الحالة طاقات هائلة، تؤدى لتكون مكونات أخرى.
و امتداد الكون اللا محدود بأى حدود، والخالى من أى مركز ما، و الشاسع إلى ما لا نهاية، و ما لا يمكن أن يتخيله العقل العادى أو يتصوره.. هو أبلغ دليل على أن هذا الكائن الحى الواعى المسمى بالإنسان ليس له أى مكانة خاصة فى هذا الكون،.. فعمر الكون المرصود لنا حتى الآن قد سبق وجود الإنسان بمليارات السنين كما قد سبق وجود الأرض نشؤ و تطور ذلك الإنسان بمليارات أخرى من السنين، والتى لم يتواجد عليها
البشر إلا منذ نحو بضع ملايين من السنين،أما الإنسان العاقل فلم يتجاوز وجوده عليها بضع عشرات الألوف من السنين، ذلك الإنسان الذى لا يتجاوز عمره فى الغالب الأعم الثمانين عاما.
وما الأرض بكل ما عليها سوى كوكب متوسط الحجم نشأ منذ 4.5 مليار عام ككتلة نارية منفصلة عن الشمس، ذلك النجم المتوسط الحجم ذو الستة مليارات عام عمرا، و الموجود على أحد الحواف الخارجية لمجرة درب التبانة أو مجرة الطريق اللبنى ذات المئة مليار نجم، و المتفاوتين فى العمر والحجم والنشاط، تلك المجرة المشتركة فى مجموعة مجرات محلية تبلغ الأثنى عشر مجرة فى الكون المرصود لدينا حتى الآن، و الذى يتكون من 100 مليار مجرة، ويمتد حيزه المكانى إلى 16مليار سنة ضوئية، وتستطيع بالورقة والقلم حساب هذه المسافة، إذا عرفت أن الثانية الضوئية هى المسافة التى يقطعها الضوء فى الثانية، ومقدارها 300000 كيلو متر تقريبا، لتصل فى النهاية لمعرفة تلك المسافة الشاسعة التى تبلغ 1514 مليار مليار مليار كيلو متر. فمتى نتواضع سواء أكنا أفراد أو جماعات ونعرف مكانتنا الحقيقية فى الوجود؟.
يؤكد العلماء أن الحياة قد أتت نتيجة تطور خاص جداً، وعلى ما يبدو إنه نادر جداً فى المادة، نتيجة ظروف مادية معينة من حرارة و ضوء و مناخ و... الخ، و قد توافرت فى مكان بالغ الضآلة فى الكون، و سينتهى كل هذا فى زمن بالغ الضآلة بالنسبة لعمر الكون المرصود، و المعروف لدينا حتى الآن، فشمسنا ستنفجر بعد خمسة ملايين عام مبتلعة كوكبنا الجميل، بعد أن تكون قد أنهت الحياة نفسها على الأرض قبل احتضارها الطويل بزمن طويل.
و ربما فى أماكن أخرى فى هذا الكون اللانهائى، تتواجد كائنات حية أخرى لها ما للإنسان من وعى، و قد يظن بعضهم أن لهم مركزاً خاصا فى هذا الكون.. أو قد يكون البعض منهم قد توصل إلى الحقيقة، ويسخرون من الذين يظنون بأنفسهم هذا الظن .. فهناك مليار كوكب فى مجرتنا فقط من الممكن أن تتوافر فيها ظروف نشأه و تطور حياة وحضارة متقدمة مثل الحضارة البشرية، و بالطبع فأن هذا العدد يصبح أكبر بكثير لو كانت هذه الحياة بدائية، وربما تكون بعض إشكال الحياة الواعية والحضارات المتقدمة قد وصلت لمراحل أرقى من ما وصلت إليه البشرية، إلا أن المسافات الشاسعة و التى يصعب أو يستحيل اجتيازها تقف حجر عثرة فى الاتصال فيما بين هذه الحضارات، وذلك حتى مع توافر إمكانية الوصول، فأننا نحتاج للانتقال بين الكواكب الأخرى من خارج مجموعتنا الشمسية لسرعات تقترب من سرعة الضوء، وهى أقصى سرعة ممكنة لأى جسم لا يمكن أن يصل إليها إلا إذا تحول الجسم نفسه إلى ضوء.
(ا) الكون يرقص
كما أن للمادة تاريخ فإن للكون تاريخ أيضا، و ذلك مثلما هو الحال لسائر مكوناته، فلم يوجد الكون كما لم توجد مكوناته على نفس الحالة المرصودة لدينا الآن على نحو دائم، ولن تظل هذه الحالة بالنسبة للكون أو مكوناته كما هى الآن .. وليس ذلك فحسب بل إن كل مكونات الكون تتحرك سابحة عبر الفضاء اللانهائى بسرعات خيالية بالنسبة لمقاييسنا الأرضية البطيئة للغاية، فالكواكب تتحرك حول نفسها بسرعات متفاوتة، فأرضنا تتحرك مثلا حول محورها بسرعة نصف كيلو متر فى الثانية، كما تتحرك الأرض حول الشمس بسرعة 30 كيلو متر فى الثانية، و تتحرك النجوم حول نفسها أيضا بسرعات متفاوتة، وتتحرك حول مراكز المجرات جاذبة معها فى حركتها كل توابعها من كواكب وكويكبات و أقمار ومذنبات، فتتحرك مجموعتنا الشمسية حول مركز مجرتنا التى تبعد عنه بـ 30 ألف سنه ضوئية بسرعة 180 كيلو متر فى الثانية، و تتباعد وتتقارب المجرات بالنسبة لبعضها بسرعات كبيرة فتتحرك مجرتنا على سبيل المثال ونحن معها بسرعة 600 كيلو متر فى الثانية، كل هذا فى حين أن سرعة صاروخ الفضاء تبلغ 11 كيلو متر فى الثانية، و لا تتجاوز سرعة الطائرات النفاثة أو القطارات السريعة بضعة مئات من الكيلومترات فى الساعة، ونجرى نحن بسرعة بضع كيلومترات متر فى الساعة.
(ب) الكون فى حالة انفجار
فى لوحه الكون المرصود لدينا تتفجر مجرات ونجوم و كواكب قديمة، و تتكون مجرات ونجوم جديدة و كواكب باستمرار، وفى شتى أرجاءه تتقلص نجوم كانت نشطة لتتحول لنجوم غير نشطة مثل الثقوب السوداء، أو نجوم نيوترون، أو نجوم الأقزام بيضاء، وهى كلها أنواع من الأجرام الفلكية المتحولة من النجوم، سيأتى على ذكرها فيما بعد، و مازلت تتكون من السحب الهائلة للغبار الذرى مجرات و نجوما وكواكب جديدة كل يوم. والكون لمن يمكن أن يشاهده من خارجه، سيبدو له كما لو كان فى حالة انفجار هائل .
الكون تكوين مادى متجانس وهو ليس منبسطا كصفحة الكراس، حيث لا تتواجد أجرامه على مستوى واحد، و لا هو كرويا حيث أن الكتلة الكونية لا تتراكم فى مركز ما، ولكنه ذو طبيعة منحنية.. تتناثر مكوناته على منحنيات هندسية ، ليس هناك أذن أى مركز وحيد للكون أو حافة قابلة للتميز، ولو كان هناك مركز وحافة.. فلابد أن نتوقع رؤية تركيز للمادة فى اتجاه واحد صوب المركز، وترقيقا للمادة فى الاتجاه الآخر أى صوب الحافة ، فالكون فى حقيقته أشبه بمتوازى مستطيلات ذو تعرجات منحنية أشبه بسرج الفرس .
(ج) الكون الشفاف
بالرغم من العدد اللانهائى من الأجرام التى تكونه، وبالرغم من أحجامها البالغة الضخامة أحيانا.. إلا أنه يشبه صحراء قاحلة شبه خالية من الأجسام و إن لم تكن خالية من الجسيمات..فالطبيعة تكره الفراغ، حيث تتناثر به الأجرام كما لو كانت واحات تتباعد فيما بينها لمسافات شاسعة عبر الفضاء اللانهائى. فالكون الذى نعرفه الآن شفافا للغاية للإشعاعات.. فتكون معظم أجسامه من ذرات تتركز كتلتها فى نوى صغير جدا بالنسبة للفراغ الشاسع الذى تتواجد فيه الإلكترونات فى مستويات طاقاتها المختلفة، والمسافات بين الذرات و الجزيئات فى الغازات والسوائل والمواد الصلبة والكائنات الحية، والمسافات الهائلة بين الأجرام الكونية، تؤكد لنا أن حجم الكون أكبر بما لا يقاس من حجم المادة التى تكونه، و يؤكد مدى شفافية الكون و نفاذيته الهائلة للاشعاعات.. فنحن نشعر بصلابة بعض الأجسام عندما لا تختلط بالأجسام الأخرى، ولكن الأجسام الصلبة تغوص فى السوائل لأن المسافات بين جزيئات السائل كبيرة بحيث يضعف تأثير التنافر مما يجعل السوائل تختلط فيما بينها بسهولة، وتغوص فيها المواد الصلبة الأكثر كثافة منها، و نشق طريقنا لنفس السبب وسط الغازات بسهولة، لان المسافات بين جزيئاتها أوسع ولذلك فهى أكثر شفافية وأقل كثافة . ونحن نرى المواد الصلبة معتمة ومصمتة على غير حقيقتها لان جزيئاتها تنتظم فى بلورات تمنع نفاذ الضوء من خلالها، إلا إننا نرى الزجاج شفاف بالرغم من صلابته الظاهرية، لأن جزيئاته لا تنتظم فى شكل بلورات، وكأنما هى فى حاله سيولة، بالرغم من تلك الصلابة الظاهرة، و لنفس هذا التركيب الجزيئى المتميز ينكسر الزجاج بسهولة.
ونحن لو ضغطنا الشمس إلى نفس كثافة المادة فى الثقب الأسود لحصلنا على كره قطرها 3 كيلو متر من المادة شديدة الكثافة والصلابة والحرارة، أما أرضنا فستكون كرة قطرها 2سنتيمتر، أى فى حجم ثمرة المشمش، وبالتالى يصبح كل عالم البشر لا يتجاوز القشرة الخارجية لهذه الثمرة بكل مدنهم و بحارهم و جبالهم و كل تضاريس جغرافيه أرضهم والغلاف الجوى والأعماق السحيقة للقشرة الأرضية.
فالكون الذى نعيش فيه وأمكنا رصده حيث يمكن أن تكون هناك أكوان متعدد، كان منذ حوالى 20 بليون سنة تقريبا حسب نظرية الانفجار الكبير، لم يكن مكونا من ذرات بل من أبسط الجسيمات الأولية، التى كونت فيما بعد الجسيمات الأعقد كالبروتونات والنيوترونات، ثم فيما بعد الذرات و هكذا.. و قد كانت درجه الكون فى ذلك الوقت حوالى عشره مليارات درجة مئوية، و لم يكن الكون فى ذلك الوقت شفافا بل مصمتا و معتما للغاية لكل أنواع الإشعاعات، والتى كانت تختلط بالكتلة تماما، وتصطدم بها، وكانت كثافة الكون تبلغ حوالى 3.8 مليون كيلو جرام فى سم3، و لك أن تتخيل لتر ماء يزن 3.8 ألف مليون كيلو جرام حيث أن لتر الماء 1000سم3 وهو يساوى كيلو جرام وزنا حسب المقاييس الأرضية، و فى ظروفها العادية، إلا أن الكون أخذ يتمدد و يبرد تدريجيا، و أخذت كثافته تقل و شفافيته تزداد وحرارته تقل.. وبعد فترة تكونت أنوية ذرات مستقرة، و ذلك عندما وصلت درجه الحرارة إلى 3000 مليون درجة مطلقة، وباستمرار مسيرة التبريد و التمدد و نقصان الكثافة وزيادة الشفافية، أصبحت الحرارة تسمح بتكوين ذرات ثابتة، وأصبحت الكتلة شفافة للإشعاعات، كما انفصلت كل من الكتلة والطاقة عن بعضها، و أخذت الكتل تتجمع فى شكل سحب هائلة من الغبار الذرى المكون أساسا من ذرات الهيدروجين وهذه السحب الهائلة هى أساس الوحدات الكبرى للكون المسماة بالمجرات.

Marwa Mahmoud
11-03-2009, 06:28 PM
بشكرك جداا على الموضوع وعلى المعلومات الجميلة الموجود فيه

طويل شويه بس بجد الله يفتح عليك

جزاك الله كل خير