المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشعر و الابداع



محمد أسامة
12-15-2009, 02:24 AM
مقدمة
في الشعر و الابداع

ل محمد أسامة

" ان الكلمة هي أداة للعقل , و تصفية للجهل , و سلاح للعلم , و أسمى تعميق للفهم , و أقوى ترسيخ للعلم , و خير الكلام ما جاء على لسان الابداع , و يملؤ الذوق الأدبي بالاشباع , بكل أنواع الابتداع .
و لغتنا العربية جديرة بالاهتمام , ضروري بها الالمام , منبعا للالهام , فهي بلا ريب لغة القرآن , و شرف الانسان , فمادتها واسعة , و مداركها متسعة يافعة , فنونها متعددة غالية , متجددة عالية , غامرة بأنواع البيان , عامرة بألوان الدرر واللآلئ الحسان , يهفو اليها العقل , و ينبع منها حسن القول , و تهتز لها النفس الانسانية دون ريب , و تؤثر فيها بكل الحب , من كل فج و صوب ....
و الفن و الابداع هو كل ما يهز النفس , و يحيي فيها الأنس , و يندي له الحس , فتحرك فيها حاسة الابداع و الجمال , و نبضة الحب و الكمال , و تعلي فيها الذوق الرفيع , و تبعد عنها الحس الوضيع , فما لم يكن الفن قائما على أصول ثابتة , و مرتكزا على ركائز و اضحة غير باهتة , تحقق للنفس الايجابية , ويبعد عنها تلك السلبية .
فالرسم مثلا ان كان يعبر عن مشاعر صادقة دفيئة , و أحاسيس صادقة و ضيئة , برسمة جميلة و غير رديئة , تخاطب النفس , كان فيها الخير الكثير , والأثر الكبير , و النفع الوفير , أما اذا انحرف عن المشاعر الصادقة الوضيئة , الى المعاني المبتذلة الرديئة , و تخلى عن القيم الرفيعة العالية , و المثل السامية و كان ذلك مهلكة للنفس , و مفسدة للحس , و صادمة للذوق , و جالبة للرق ....
و الكلمة مثل غيرها بلا أي غبن , صورة من صو الفن , للذوق القويم , و الحس السليم , لا سيما ان كان منبعا اللغة العربية الرقيقة , التي و سعت القرآن بكل دقيقة , و شملت كل أنواع الفنون , و مختلف صور البيان , و سحرت اللب و الأذهان .....
فالكلمة الفريدة الأنيقة , البديعة الرشيقة , البليغة الرصينة مرآن للفن المرتفعه أوائلة , العالية منازله .....
و الأدب العربي واسع المعاني , غزير بالأماني , واسع الآفاق , ممتد الجذور و الأعماق , لا يعرف الغبن و لا الاخفاق , و لا يدرك الهم و الاشفاق , و منبعا للنور و الاستشراق , وصورة بليغة للاصباح و الاشراق , ينير الطريق بالفكر , و يحقق المرآة للعصر , فالأدب بفنونه التعددة , و فروعه المتجددة , من شعر و قصة و رواية , و خطب و مراسلات و حكاية , و مقالات و مناظرات و و توقيعات و ماكتبات , جدير بالمتابعة و الالهام , و تستحق التعقب و الاستلهام , في عصر ذهب فيه بريق الكلمة الرنانة , و الحكمة الطنانة , و تقدير الثمين من التراث و الأدب , و تبدلت فيه الرتب , و تضافرت فيه الحجب , وقل فيها الالمام بالتراث القديم , و الأدب القويم .....
و قد يقال أننا في عصر ليس بعصر صالح للشعر , و ليس زمنا لمثل هذا الفكر , فلم يعد هناك للشعر قارئ مهتم , أو جمهور ملم , على أنه من اعتقد بهذا الفكر, و آمن بهذا القول المضر , فقد و قع في شر مرير , و اثم كبير , و ظلم بين كبير , و ذنب كان شرة مستطير, بل انها صورة سيئة مستهجنة , قاتمة غير مستحسنة , كاذبة تقتل الفن , و تصرع الذهن , صورة خلفتها و سائل الاعلام الرجعية , المقروؤة منها و المرئية , التي أقصرت اهتمامها على الأحداث السياسية , و الأمور الاقتصادية و الرياضية , اضافة الى سرب المسلسلات التلفاذية , و غيرها من المجالات الأقل أهمية , التى لا تنفع الأمة , و لا تكشف الغمة , مما شغل الناس عن الثقافة الفكرية , و القراءة النافعة العلمية , فتدنت مستويات الثقافة عند أغلب الناس , بل كادت تفنى من الأساس , فانشغل الناس عما بنفع العقل بالعلم , و يعمق الفكر و الفهم وغفل أغلبهم عن النفع العميم , و الفكر السليم , و الذوق القويم , وصار الشعر و الأدب لديهم بسلة المهملات , و مدرج في النفايات , كأنه لا أصل له , أو خير فيه , أو نفع منه
ألم يعلم أن من تعمق في اللغة و فروعها , و ابداعتها و آدابها , وجد مدخلا لفهم القرآن الكريم , و الذكر الحكيم , وفهم آياته بيسر دون عسر أو تعتيم , كما أن الشعر بموسيقاه النادرة , و نغماته الآسرة , و نفحاته الباهرة , وفصوله الأنيقة , و كلماته الرشيقة , و عباراته الرقراقة الرفيقة , و أوزانه الرقيقة , و معانيه الدقيقة , و قوافية الطنانة العتيقة , هو من ديوان العرب , و درة الأدب , دون فصال أونزاع , أو جدال أو صراع , فهو النصف المتمم لفنون النثر من القصة و الرواية , و المقالة و الحكاية , و المناظرات البديعة , و المقالات الرفيعة , و المراسلات الرصينة و المكاتبات , والخطب البليغة و التوقيعات , بل يفوقها الشعر بآفاقه الموسيقية , و نبضاته الوترية , و صدحاته الساحرة القوية .....
لا ننكر تراجع منزلة الشعر في ذلك العصر , و تدني مستويات الفكر , لأسباب جماهيرية ليست فنية , اذ ان هناك شعراء معاصرين على مستويات عالية فنيا, و قدرات متطورة أدبيا ,
و منازل متألقة ابداعيا , لكنهم للأسف مجهولين و غير مشهورين , مغمورين و غير معروفين , بسبب ضعف الاهتمام بأعمالهم الشعرية , وتعقب انجازاتهم الأدبية , و انتاجاتهم
الثقافية , و انشغال و سائل الاعلام بأمور أقل أهمية و لعل الاهتمام بأشعار العاميات , و الأغاني و الزجليات , من تلك الأسباب والسلبيات , و لا نهاجم من قرأ في الشعر العامي , أو كتب في الأدب الشعبي , و لكن اللوم على من قدم العامي على الفصيح , و الشعبي على االأدب العربي الفسيح , حتى كاد شعر الفصحى أن يحتضر , و كاد الفن الأدبي أن يحتضر , فلابد لذاك الحال من تغيير و تعديل , و اصلاح و تبديل , و تجديد و تحويل ......
بل ان كثير من أشباه الأدباء , و أنصاف الشعراء , قد تخلو بالفرع عن الأصل , و ركب عقلهم الجهل , حينما اكتفوا بالشعر الحر , و دعوا الى الغاء عمود الشعر , الذي هو الفصل بين الشعر و النثر , بل و منهم من تعدى ذلك الى الغاء تفعيلات الشطر , و الدعوة الى قصيدة النثر , بداعي أنها لون من ألوان الشعر , و لا نحارب الشعر الحر , ولا قصيدة النثر , بل نحارب من اختلط عليه الأمر , و لم يميز الشعر عن النثر , فترك الشعر العمودي الى الحر , بداعي التغيير , وحرية التعبير , أو من دعا الى الغاء التفغيلات , لجهله بها , وعدم القدرة على تعلمها , و لانساوي من فهم و وعا الأوزان الخليلية الأصيلة , بمن اكتفى بشعر التفعيلة , أو من جهل قواعد التفعيلات من الأصل , و دعا الى الغائها من الجهل , يجهل العروض و يسمى نفسه شاعرا وما ينبغي له

وقد يقال لا وقت للشعر الآن , و قد تكالبت الأحداث السياسية المتوالية, و الخطوب و الأزمات الحالية , فلا وقت للابداع و الابتكار , بل الأولى صرف النظر عنها و الأنظار , و الاهتمام بقضايا العرب و المسلمين المعاصرة , فهى أولى بالمتابعة و المناصرة .
ومن آمن بذاك , فقد عرف نصف الحقيقة الأقل , و جهل نصفها الأجل , لماذا لا يكون الشعر نصيرا للمقاومة العربية , و القضاية الاسلامية , لقد التف كثير من الشعراء الصحابى حول الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ , و قد قال " ان من البيان لسحرا , وان من الشعر لحكمة "فلماذا لم يأمرهم بترك الشعر بداعي الجهاد , و رأى أنه يصطدم بصالح العباد ,
بل ان عصر الحروب الصليبية , كان من أزهى العصور الشعرية , فقد كثرت النصوص الأدبية , و القصائد الشعرية , الداعية الى الجهاد , و وصف المعارك في القنن و الوهاد , و الدعوة الى تحميس العباد , و عدوة الزهاد
و على من أراد أن يدخل في غمرة الشعراء , وفي ركب الأدباء , أن يكون ملما بفهم و اسع للغة و موادها , وتفعيلات العروض بأسرها , والعلوم النظرية برمتها , و الآداب بجعبتها , و أن يكون واسع الاطلاع , قادرا على الابتداع , فتنمو ابداعاته , و تعلو فنياته , وتسمو أدبياته , و تصفو مداركه , و تنضج مسالكه , فيأتي بالاستعارة البيلغة الرقيقة , و الصور البيانية الدقيقة , و أساليب الكناية الأنيقة
و نحاول في هذا الديوان تعديل الصورة القاتمة , و المعادلة الظالمة , و محاولة اعادة الشعر الى الأذهان , في كل مكان , و بأي زمان , لمجتمع بدأ قي النهوض لا القعوض , والثورة ضد الركود , و فك كل تلك القيود , مهما توالت العقود , و أقول في وصف الشعر


ألا ان الحياة بغير شعر كدرب من دروب الجاهلين
أليس الشعر نبضة كل حر و نور قد عـلا سـقف الجنان
فان الشعر ساحر كل لب و نور العاشقين بكل آن
أخال الشعر دوما مثل بحر يفيض لآلئ عـبر الزمان
فيكمن فيه در شــع نورا بأعماق البحار كذا الجمان
رســول للحياة بـغير ريب رسولا للمحبة ترجمان
ترفرف فوقهو غرر الأماني بأجنحة الكواكب في العنان
يهيم به الفؤاد و لا يداري كهيمه بالغوازي و الغـواني
يخف اليه عشقا ثم يهوي الى سحر المعازف و القـيان
و يعلو كل شيء في الوجود و تعلو فوقـه السبع المثاني
حياة دون شعر مثـل قـبر كصيحه صارخ أو دمع عان
ثراء من حــروف للبيان قطوف لآلئ در حســـان

mr.lonly
12-15-2009, 03:07 AM
مقالة رائعة وبداية مبشرة يا محمد اهلا بيك معانا شاعر علي الطريق

وياريت تنورنا في قسم المواهب والفنون