المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من فتح الباب ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!



رورو
01-21-2010, 12:50 AM
مَنْ فَتَحَ الباب؟!

بقلم : أحمد رمضان









يقول الدكتور "شريف" وهو يحاول المحافظة على رباطة جأشه دون أن يفقد صوتُه حدتَه المعتادة، أو يحرِّك أصابعه بتلك الحركة العصبية الدائرية التي يعرف بأنها تثير أعصابي:


- برد شديد.. برد شديد.. لا أعرف كيف نتحمل الحياة في مثل هذا الجو البارد..


أقول له بابتسامة عريضة:


- قد وعدتني بقصة مرعبة يا دكتور..


- لستُ أفضَلَ من يحكي القصص المرعبة، ولو كنت تظن بأنني سأحكي لك قصة مرعبة تكتبها لمجلتك إياها فأنت مخطئ بحق!


همهمت بما معناه أن يدع تقدير هذه النوعية من الأمور لي قبل أن أطلب منه أن يبدأ بسرد ما حدث، عندها تنهَّد لثانية أو ثانيتين قبل أن يهمس:


- هنالك من يصرُّ على فتح الباب!!


* * *


- تدرك طبعاً أن عيادتي تقع في الطابق الأخير من ذلك البناء في حي المهندسين، وتدرك بأنني أدفع فيها مبلغاً محترماً من المال شهرياً جعلني أتراجع عن فكرة استئجار شقة سكنية، كل ما أحتاجه هو غرفة جانبية بسرير حديدي ومدفأة صغيرة ودولاب، وربما مصباح للقراءة لو قررت أن أفتح إحدى المجلات العلمية قبل أن أنام.

لست من ذلك النوع المختال الذي يبحث عن شقة كبرى بحمامين وثلاث غرف نوم، كما أنني لست أنجح الأطباء ولا أكثرهم شهرة، ولن تراني في محفل علمي إلا لو كان لرثائي بعد موتي أنا شخصياً، لهذا فلقد كانت الشقة/ العيادة حلاً مثالياً بالنسبة لي.


وفي بناء كهذا -يفيض بالمكاتب القانونية وعيادات الأطباء- تعتبر الساعة الثانية عشرة ساعة مهجورة، لقد عاد الجميع إلى منازلهم، ولم يتبقَّ في البناء إلا أنا والحارس عم "جمعة" البواب.


أقاطعه مؤكداً بأنني أعرف كل هذه التفاصيل، وأنني أتمنى لو ينتقل إلى حيث بدأت الأحداث الغريبة.


عندها قال لي وأصابعه بدأت تتشابك في إشارة إلى أنه سيبدأ بتلك الحركة العصبية السخيفة:


- لقد بدأ كل شيء بصوت الدقات..!


* * *


- أسمعها في منتصف الليل، قبل النوم وبعد الاستيقاظ، دقات متلاحقة غريبة أحس بأنني سمعتها من قبل، ولكنني لا أستطيع أن أربطها بمكان أو زمان، دقات رتيبة تأتي من اللامكان تقريباً، وتحمِل لي لغزاً كبيراً.



طبعاً ستسألني: ما هو ذاك اللغز، وسأقول لك بأن الأمر ببساطة هو أنني أسمعها من الأعلى، من السطح، وأنا أعرف تماماً بأنه لا أحد على السطح؛ لأنه -ببساطة- من دون باب على الإطلاق، لم تكن شقتي/ عيادتي في مخططات البناء، إلا أن صاحب البناء قرّر في اللحظة الأخيرة أنه لا مانع من وجود دور إضافي صغير على السطح، وهكذا صنع باب الدور من بقايا السلم التي كانت تصعد إلى السطح، ولم يفكر للحظة بأنه قد يحتاج السطح فيما بعد، فقرر أنه لا داعي لبناء سلم آخر إلى الأعلى.



بدأت أفتح نافذتي بين الحين والآخر وأنظر إلى الأعلى، لا شيء إلا السواد العام لسماء القاهرة دون نجوم، ولكنني متأكد من أن الدقات هذه تأتي من الأعلى برتابتها الدائمة ومللها الشديد. دقة.. دقتين.. دقة.. دقتين.. كأنما هي إشارة استغاثة من شخص ما، ولا مجيب!!



وفي إحدى الليالي قررت أن أعرف مصدر هذه الدقات التي أقلقت نومي وأصابتني بالضجر، وهكذا خرجت إلى شرفتي وأحضرت معي سلم المطبخ الصغير، وصعدت عليه وصولاً إلى السطح المهجور.



كان صوت الدقات يتعالى، وأحسست بأنني أقترب من مصدر الصوت بمجرد أن خطوت على السطح محاولاً ألا أسقط من ارتفاع الأدوار العشرة.






ولكن السطح كان خالياً، فارغاً، مظلماً، لا شيء عليه إلا أكوام من القمامة التي لا أعرف ما الذي أتى بها إلى هنا.


المرعب في الموضوع أنني كنت ما أزال أستطيع سماع الدقات إياها، ولكنها في هذه اللحظة كانت قادمة من الأسفل، دقات تتلوها دقات قادمة من شقتي/ عيادتي، في حين أنني عندما كنت في الأسفل كنت أسمعها من السطح.

نزلت على ركبتي، ووضعت أذني على الأرض وسمعتها جلياً..


عندها قررت أنه قد حان وقت النزول، نزلت السلمات البسيطة بحذر، ودخلت الشقة، لأجد المفاجأة الصغيرة:

لقد كان باب شقتي الخارجي مفتوحاً.



قاطعته متسائلاً إن كان متأكداً من أنه لم يفتح الباب ويتركه مفتوحاً من قبل، فقال لي وقد بدأت أصابعه ترتجف:


- أنا متأكد من أنني لم أفتح الباب.

أنا متأكد من أن هناك من يصّر على فتح الباب.



* * *


أغلقت الباب وأنا أبسمل وأحوقل، ولاحظت في تلك اللحظة أن صوت الدقات المرعب إياه لم يعد موجوداً كأنما اختفى، عندها قررت أنه قد حان وقت وجود شخص آخر معي في هذا الموقف.


رفعت سماعة الهاتف، وطلبت رقم عم "جمعة" البواب، إلا أن الهاتف ظل يرنُّ لبعض الوقت قبل أن ينقطع الاتصال، لا بد بأن "جمعة" قد ذهب في النوم كعادته في الليالي الباردة.

عندها قررت بأن "الصباح رباح"، وذهبت إلى غرفتي للنوم.

لا أعرف كم غفوت، وإن كنت أدرك أنه لم يكن لوقت طويل، إلا أنني عندما فتحت عيني أدركت أنني نائم في حوض الاستحمام في منزلي، وأن الماء يملأ الحوض حتى جوانبه، وأنني غارق في الحوض حتى القاع!!!



أمسكت طرفي الحوض بذراعي وأخرجت رأسي بأسرع ما أمكنني محاولاً أن أشهق بعض الهواء، سمعت صوت أنفاسي وإن لم أحس بأنني قد حصلت على أي هواء على الإطلاق في رئتي، نظرت إلى ثيابي المبتلَّة، وحاولت أن أقوم من الماء البارد الذي يغمرني إلا أن أطرافي كانت تؤلمني، احتجت جهداً جباراً حتى استطعت الخروج من حوض الاستحمام، وأخذْت أزحف حتى وصلت إلى المدفأة الصغيرة في غرفتي، شغّلتها وجلست بجوارها أرتجف، قبل أن ألمح بطرف عيني الباب الخارجي عبر باب غرفتي المفتوح.


لقد فتح أحدهم الباب.



* * *


أدركت عندها بأن هناك شخصاً ما -أو شيئاً ما- يريد التخلص مني، يريد قتلي أو ما هو أسوأ، ما معنى أن أستيقظ لأجد نفسي في حوض استحمامي غارقاً؟! ليس بالأمر مزحة سخيفة، ولا أعتقد أن أحد معارفي يمتلك حس الفكاهة من الأساس.





قمت مرتعشاً وأغلقت الباب، وعدت إلى غرفتي لأغير ملابسي وأدخل إلى سريري، ثم تذكرت بأن الباب -ولا بد- ظل مفتوحاً لفترة لا بأس بها من الوقت، لا بد أن هناك شخصاً ما يتلصَّص عليّ الآن، يستعد للانقضاض الآن، سيحولني إلى طعام العشاء الآن.



هكذا قمت من سريري دون أن أنير الأضواء، وسحبت النور الصغير الذي بجانبي والذي أقرأ على ضوئه الخفيف في ساعات الليل المتأخرة، إنه ثقيل ويصلح لتحطيم رأس من يريد تحطيم رأسي، ولعمري هذا سيكون جزاءً عادلاً.


أخذت أتحرك في المنزل بحركات بوليسية تعلمتها من كثرة مشاهدة أفلام هوليود، فأختبئ خلف باب، ثم أظهر فجأة ناظراً في كل الأرجاء، قبل أن أدفع باباً آخر بقدمي وأدخل بمفاجأة صارخاً وهكذا. ولكن المنزل كان خاوياً على عروشه.


وهكذا هدأت أعصابي، وقررت أن أتَّجه إلى غرفة نومي كي أنام، لا أحد في المنزل، لا أحد في الشرفة، لا أحد في أي مكان على الإطلاق، لهذا لم يكن هناك داعٍ لكل هذا القلق، وأنا لديَّ موعد في العاشرة صباحاً مع أول زبون، ويجب أن أذهب في النوم حالاً.



وهكذا فتحت باب غرفتي فقط كي أجد شخصاً آخر ينام داخل سريري.


* * *


لم يكن هناك أحد في السرير عندما استجمعت شجاعتي واقتربت أكثر.


وأيضاً لم يكن هناك وسائد متكومة على شكل بشري لو أن عقلك المنطقي قد قرر البحث عن حل منطقي، لم يكن هناك أي وسائد على الإطلاق، لم يكن هناك إلا شخص نائم فوق السرير على وجهه، والآن.. هذا الشخص لم يعد هناك على الإطلاق.

بعد الكثير من قراءة القرآن، والدعاء على عمائر المهندسين المليئة بالأشباح، قررت أنني -ببساطة- لن أذهب في النوم إلا مع طلوع الصباح، ولن أستيقظ حتى الظهيرة، وعلى المريض صاحب ميعاد الساعة العاشرة أن يذهب إلى أقرب جحيم.


وهكذا، أنرت كل أنوار المنزل، وجلست في الصالة، وقررت البقاء صاحياً حتى الصباح.. أي ساعتين أو ثلاث ساعات أخرى.


نمت بعد هذا القرار بسبع عشرة دقيقة.


* * *



صحوت في العاشرة صباحاً مع دقات قاسية على الباب، كان الصداع في دماغي يعلن بأن مخي يريد الفرار من مكانه، أدركت طبعاً بأن من يدق على الباب هو مريض الساعة العاشرة، والذي قرر أن يحترم مواعيده على عكس كل مرضى العالم أجمع، وهكذا اتجهت إلى الباب الذي استمر في إطلاق أصوات المعارضة؛ لأن هناك من يدق عليه من الناحية الأخرى.



ما إن لمست مقبض الباب حتى توقف الدق، فتحت الباب بعدها بثانية، وطبعاً لا أحد هناك.

نظرت في بئر السلم، لا أحد هناك على الإطلاق.



لا يمكن ألا يكون هناك أحد، لا يمكن أن تكون الدقات قد جاءت من تلقاء نفسها، لا يمكن إلا لو أن هذا المنزل مسكون بالأشباح بالفعل.

عندها قررت أنه قد حان الوقت لترك الشقة بأكملها والاتجاه إلى الخارج، الخروج من هذه الشقة التي تريد دفعي إلى الجنون، بدأت بجمع أغراضي عندما دق الباب من جديد.


اتجهت وَجِلاً إلى الباب وفتحته، فقط لأجدك أمامي، تطلب مني أن أحكي لك حكاية مرعبة؛ كي تكتبها في مجلتك.


أنهى الدكتور "شريف" كلامه هاهنا، فهززت رأسي بفهم، وابتسمت له وأنا أقول:


- وماذا تستخلص من هذه القصة يا دكتور "شريف"؟!


- أعتقد يا صديقي الذي لا أعرف له اسماً بأنك شبح ما تريد أن تقضي على البقية الباقية من أعصابي، كل هذه الدقات، كل هذه الأصوات، كل الأشخاص الذين يفتحون الأبواب ويدقون الأبواب ويتعاملون مع الأبواب، كل هؤلاء هم أنت فحسب، وتريد أن تتسلى على حسابي.


ابتسمت له وأخذت أنقر بقلمي على الدفتر أمامي قبل أن أقول له:


- في الحقيقة يا دكتور "شريف" لقد اقتربت جدّاً من الحل، ولكنك للأسف لست مصيباً تماماً..


فكل هذه الأشياء التي تسمعها هي بالفعل من صنع شبح قد مات هاهنا، رجل كان يسكن هاهنا، أصيب بنوبة قلبية في الحمام، واستطاع مقاومتها حتى وصل إلى سريره، حاول الاتصال بالبواب في الأسفل، ولكن البواب كان نائماً فلم يجد رداً، فمات الرجل في سريره.






تراجع الدكتور "شريف" خطوة إلى الوراء، وهو يقول:


- وهذا الرجل هو أنت..



- في الحقيقة.. لا.. هذا الرجل هو أنت يا دكتور "شريف"!!

لقد توفيت ليلة الأمس في الشقة هاهنا بنوبة قلبية، ولكنك ترفض الاعتراف بهذا، لهذا فأنت تجد كل هذه العلامات من حولك! دقات قلبك التي تسمعها قادمة من جدران شقتك تحاول تذكيرك بالنوبة القلبية التي أصبت بها، إحساس البرد الدائم الذي يتخلل جسدك يحاول تذكيرك ببرد الماء بعد أن فقد حرارته! ورؤيتك لجسدك أنت نفسك ميتاً في سريرك يذكرك بآخر لحظاتك على هذه الأرض، وعدم قدرتك على فتح الباب لزبائنك، فتتخيل الباب مفتوحاً ولكن لا أحد هناك!



أنت من يفتح الباب يا دكتور "شريف" متمنياً لو أن هناك من يفتح باب الشقة ليجد جثتك الميتة!

أنت من يفتح الباب وعليك الآن أن تتقبل هذه الحقيقة.


في تلك اللحظة تعالت الدقات من جديد على الباب فنظر كلانا إليها، قبل أن نسمع صوت "جمعة" البواب وهو ينادي الدكتور "شريف"، نظر إليّ الدكتور وحاول النطق إلا أن صوته لم يخرج من حنجرته، اندفع "جمعة" البواب بكل ثقله نحو الباب محطماً إياه وداخلاً، وتخلل شبحينا الهادئين إذ يجري هو واثنين آخرين إلى غرفة النوم قبل أن نسمعه يقول:


- لا حول ولا قوة إلا بالله..

أمسكت يد الدكتور "شريف" وأشرت له نحو الباب المفتوح.. ثم بدأنا نمشي باتجاهه.


* * *

تمت

Hend Elhabet
01-21-2010, 01:12 AM
مكنش المفروض اقرا الموضوع ده بليييييل

انتى عارفة انى بخاااااااااف يا مروة انتى عارفة

بس بجد الموضوع حلو للى مش بيخافوووو

شكرا ليكي