المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كي يصبح الإعلام سلاحاً مقاوماً...



mr.lonly
02-08-2010, 02:54 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعدطول غياب عن قسم حوارات وقضايا قررت طرح قضيه هي من اخطر ما يكون اذا احسنا استغلالها


كي يصبح الإعلام سلاحاً مقاوماً




أصبح الإعلام في عصر التقدم التكنولوجي والمعلوماتي والاتصالات المرئية والمسموعة من أخطر الأسلحة في العصر الحديث. وقد اُعتمد على استخدام الكلمة سلاحاً، وتوظيف الصورة لتمرير سياسات ومواقف، وبات من الأهمية بمكان، بل ومن الضرورة أن تستخدم المقاومة هذا السلاح بالطريقة الناجحة والمفيدة، لتوصيل أحقيتها في ممارسة الفعل المقاوم بأشكاله المختلفة.

الإعلام المضاد الموجّه يعمل على قلب الحقائق، والإيحاء بأن الاعتداءات الوحشية التي يمارسونها على الشعوب المقهورة والمغلوبة مجرد حالة من حالات الدفاع عن النفس. وهذا ما يسر لهم تبرير المجازر وهي تقع على مرأى من العالم، ولعل ما نراه من قتل يومي جماعي في العراق، وملاحقة المقاومين في فلسطين، والتدمير في الجنوب اللبناني، والرأي العام العالمي منحاز للباطل، وهذا بسبب التأثير الإعلامي الذي "مع بالغ الأسف" تشارك فيه بعض وسائل الإعلام والأنظمة العربية.

وبعض تلك القنوات الفضائية التي تحمل أسماء عربية ما هي إلا أبواق لمراكز إعلامية معادية للعرب، ولا أريد هنا أن أذكرها بالاسم فقد باتت معروفة ومكشوفة، ومدربة ككلاب الأثر وحراسة مكاسب احتلالية.

الإعلام المرئي له تأثيرات بصريّة وسمعيّة على المشاهد، ولعب دوراً خبيثاُ في إظهار الحملة العسكرية ما هي إلا لتحرير الشعوب، في حين أن كل من يملك البصر والبصيرة، يستطيع أن يصل لنتيجة مخالفة تماماً، وما التدمير الشامل على الأرض إلا لاحتلال أرض وسرقة ثرواتها، وإنكار حقوق الشعوب، وليست الشعارات الإعلامية غير تبريرات وُظفت لهدف خدمة الاستعمار بوجهه القبيح.
هنا لا يمكن لنا أن نتجاهل ضرورة دور الإعلام المقاوم، ولا الطريقة في إدارته لاختراق الإعلام المضاد، وتغيير الرأي العام لصالح مشروع المقاومة، خاصة وأن تهمة "الإرهاب" باتت مصطلحاً واسعاً لاتهام كل من يواجه الهيمنة "الأمرو-صهيونية".

لقد تنبه حزب الله إلى أهمية وخطورة الآلة الإعلامية، فاشتغل على تطويرها بالتزامن مع تطور الحزب ومقاومته على الأرض، وليس أدل على ذلك من المجريات إبان الاعتداء "الإسرائيلي" الأخير على الجنوب، فقد استطاعت قناة المنار الفضائية أن تفرض مصداقيتها على العدو قبل الصديق، وقد كان ذلك واضحاً بالدليل القاطع.

الحرب الإعلامية تستمر ولو سكت صوت الرصاص والقنابل، وهي بذلك تعمل على تحضير الرأي العام، والتأثير عليه لفعل قادم.
لقد ساهمت شبكة المعلوماتية بنقل الحقائق التي تريد المقاومة أن توصلها، ولكنها تعرضت للتشويه والتسفيه، لأن الكثير مما يصل إلى القنوات الفضائية الأكثر شيوعاً، والأسرع في تلقي ونقل الخبر، لا يتمتع بالمصداقية، ومشكوك به كونه منقول عن شبكة المعلوماتية، وليس من مصدر مستقل أو موثوق به.

القنوات الفضائية هي أقوى سلاح إعلامي، ولكن كيف يمكن أن يكون مؤثراً في الجماهير العربية المعنية تثقيفاً وتوجيهاً، لدحض إدعاءات غايتها تشويه صورة وإنجازات المقاومة؟،ولقد تابعنا كيف كان المسعى المضاد لتحويل النصر في الجنوب اللبناني والفلسطيني العام المنصرم إلى هزيمة، واعتبار المقاومة في العراق جماعات متمردة وعصابات خارجة عن القانون.

هناك خطوات متعددة يجب توفرها كي تدعم نجاح الإعلام المقاوم، وأهمها مؤهلات إعلامية واعية، وكما تقتضي الحكمة "لا تقل كل ما تعرف، ولكن اعرف ما تقول"، فإن انتقائية واختيار ما يجب نشره من البداهة المهنية المتخصصة، التي تعكس نضج الوسيلة والغاية المنشودة من إذاعتها.
ومن المهم نصب كمائن إعلامية، وتوظيف حدث هام بعينه، كاللقاءات المتكررة بين عباس وأولمرت، وضرورة تحليل هذه اللقاءات، وما ترمي له من مراوغة وتكريس الانقسام الفلسطيني، في حين أن الخط العام واضح لا التباس فيه، وأن اللقاءات أشبه بتخدير موضعي لفئة تنظر إلى السلام مع "إسرائيل" كالقشة التي ستنقذ الغريق، فحاصرة الغرقى، ودحض رؤيتهم الفاشلة، مهمة الإعلام الموجه لخدمة استمرار مكافحة الحلفاء "المعتدلين"، بتقديم حقائق وبراهين ثابتة لا جدال حولها. فعلى سبيل المثال، التزامن المشبوه في إجهاض محاولة سرايا الجهاد أسر ضابط في الجيش "الإسرائيلي" ، ولقاءات عباس وأولمرت الحميمية، من أهم ما يمكن توظيفه إعلامياً.
كما أن السلطة الفلسطينية ورغم استشهاد 12 مقاوماً ومدنياً في يوم واحد، لم يقم أي مسؤول من حكومة "البين" بشجب الاعتداء الصهيوني، وكأن الشهداء لا يعنون شيئاً للمسؤول الأول عن كل الشعب، والذي اكتسب "كما يدعي" شرعيته منه!. أما حل المؤسسات الخيرية، يهدد البنية الثقافية والاجتماعية التكافلية، وإغلاقها سيؤدي إلى آثار تدميرية لكل المجتمع الفلسطيني، وليس استهدافاً موجهاً لحماس فقط.

هناك أحداث وممارسات يجب أن يُسلط الضوء عليها، ولا يُترك للمشاهد متاهة التبريرات والاحتمالات. فالتواصل اللحظي والتدقيق في تصريحات معينة لا تصب بالمصلحة الوطنية، من مهام الإعلام الناجح أن يعريها ويغوص في تحليلها. وهذا ما يقودنا إلى ضرورة توحيد قوى المقاومة ومواقفها، حتى تستطيع مواجهة الأوهام بالحقائق، ودحض الأكاذيب بوقائع ثابتة وموثّقة، وبمصداقية لا تكرس الاستعلاء بفصيل عن آخر، أي بالحياد الإيجابي لتوصيل معلومة مهمة، وأن المستهدف هو عامة الشعب، وطلائع المقاومين فيه.

إن الأوسلويين يعملون بجهد وبكل وسيلة للقضاء على أشكال المقاومة، على اعتبار أنها العدو والخصم لأصحاب الرايات الاستسلامية، على أساس شخصنة القضية، وليس على أساس الوقوف بحزم وحياد ومساءلة أمام مشروع السلام الواهي الذي سيقود بالنهاية إلى تصفية القضية الفلسطينية.

الحياد بالطرح والتوثيق وعدم الانجراف لردود الأفعال وإهمال الفعل الرئيس، وانعزالية المواقف والتأكيد على الشعاراتية والضجيج ، تضعف الحجة وتعمق الخلافات مع أطراف مقاومة أخرى. وتتيح الفرصة للغوغائيين بنقل المعركة إلى الهامش، والتركيز على شخصيات لها وزنها الوطني الثابت، يقوي من تسليط الأضواء على الحدث الأهم.

الإعلام المقاوم ضرورة ملحّة، وتأثيره مطلوب، ولا بد أن يؤدي إلى زعزعة الصف المعادي، وكشف سيل الأكاذيب الذي تستخدمه الآلة الإعلامية والعسكرية الاحتلالية والأبواق المتبجحة، بمقولة شريك سلام، الذي يرفض القسمة في الأرض والثروات، ويتبنون افتراءً تلك النظرية الحمقاء، وهم يسلكون طريق حجب أو التقليص في معلومات معينة ونقاط مفصلية عن طريق الإعلام، لغسل أدمغة العامة وتضليلهم، فلماذا لا يستخدم الإعلام المقاوم النهج نفسه؟.

كما أن إظهار الأسير شاليط والأسرى عند حزب الله على شاشات التلفاز، سيفقد العدو التوازن في عبثية المساعي لاستردادهم، و تنفيذ عملية نوعية في فلسطين الـ 48، سيحبط كل ما يحاول عباس الرهان عليه. ثم توضيح الصورة للقاء الخريف ووصف هيكلية الدويلة الفلسطينية المزمع ظهورها على حدود الـ 67، منزوعة السلاح، ومحاصرة وتحت السيادة "الإسرائيلية"، تعني ترحيل فسطيني الـ 48إليها لتحقيق (دولة عنصرية بموصفات محددة) كما ورد في المطروح الجديد، أما مستقبل هذه الدولة الفلسطينية المسخ، فيعني التنازل عن فلسطين العربية لصالح كيان نشأ على أرضها، الأمر الذي لم يحدث في تاريخ نضال الشعوب قاطبة.

إذن هناك قضية أساسية تتلخص في الاحتلال غير المشروع، وقضايا أخرى تفرعت عنها وبُنيت عليها، وجبت على الأوسلويين أصحاب المراسيم والفرمانات قمع الشعب، والقضاء على إرادة المقاومة، ويظهرون في الوقت نفسه الود والتنسيق مع العدو، فالتركيز على أحداث كهذه، وتعريتها تتطلب قدرة مؤهلة لا تقل كفاءة عن قدرة المقاتل في ساحة المعركة.

عندما كشفت الوثائق عن "شبكة جاسوسية وبائية" فلسطينية، رغم أهميتها وخطورتها، إلا أنها لم تكن على المستوى الإعلامي المطلوب، في حين أن ردود الفعل الرافضة لكيفية إعدام خائن في غزة، وظفت عملية التصوير بشكل سلبي على حساب تجسيد جريمة الخيانة.

أخيراً... المصطلحات المغلوطة المستخدمة كثيرة، وانتقالنا من رمز "التأليه" لشرعية مفروضة على الشعب بموافقة صهيونية، يجب أن تخضع لعملية تدقيق ومراجعة من قبل إعلام يسعى إلى إعادة بناء جيل تعرض لغسيل ذاكرته، من خلال إعلام مدروس ظاهره مقولة الممكن، وباطنه موت الثوابت والأسس، يعمل على تفكيك أبجديات الصراع من أجل إقامة إمبراطورية حدودها الشرق الأوسط بأكمله، وصناعة "هُبل واللات والعزى" كرموز غير قابلة لإعادة النظر في تجاوزها الخطوط الحمراء، ثم الإدعاء بشرعية مستوحاة من سلطة تعمل كوسيط تجاري لتصفية شاملة للقضية الفلسطينية، على إيقاع مكاسب ومصالح شخصية. فالتفسير الخاطىء لماهية الشرعية الفلسطينية، وهي في الحقيقة سلطة موظفة من المحتل، ما يعني ابتعادها تماماً عن الشرعية الأساسية المقاومة له.

عندما نتحدث عما يحدث في فلسطين المحتلة، فإن المشهد ذاته ينطبق في العراق، والطرق الملتوية نفسها تسلكها قوى أصبحت بقدرة السفير الأمريكي في لبنان موازية للخط الوطني، ولهذا فالأقطار العربية بعدت أو قربت باتت تتعامل مع مخططات معادية واحدة بالشكل والمضمون، مما يقتضي مواجهتها بحكنة ودهاء مهني في تسليط الضوء على الأحداث التي تحرك الرأي العام إيجاباً، وتقف حائلاً دون تحقيق مهام الإعلام المضاد، وتحد من تأثيره وقدرته في تسفيه وتشويه إنجازات المقاومة على أرض الواقع.