الدينمو
12-20-2010, 05:27 PM
الفصل العاشر
مشكلة التغيرات المناخية
• المناخ كظاهرات هو مبنى على إحساس الإنسان به لذلك إذا أردنا إدراك التغيرات لابد من النظر بنظرة شمولية بحيث لا نحدد عامل وحيد بصورة حدية قاطعة سببية على أنه هو المسبب فى التغيرات المناخية و إنما هي (( جملة من العوامل فى ظل أداء متوازن )) . فالآراء التى ناقشت أسباب التغيرات المناخية لم تتناول فى تعليل أسباب التغير المناخي سوى عامل واحد أو عاملين على حد أقصى فلذلك واجهت بعضها النقد الشديد نتيجة القصور فى إثبات التغيرات اعتماداً على العامل المسبب لنقص الدلائل عليه ، ولذلك يجب أن تكون بدايتنا هي الجمع بين جميع العوامل التى يحتمل أن تكون مؤثرة و محاولة التوصل إلى التفاعلات التى تحدث فيما بينها و مما يؤدى إلى الاقتراب من تفسير التغيرات المناخية فى المستقبل.
نظريات تفسير التغيرات المناخية :-
يمكن تقسيم هذه النظريات إلى قسمين هما :-
1. نظريات تقول أن الأرض هي مصدر التغير المناخي .
2. نظريات تقول أن عوامل خارج الأرض هي المؤثرة في تغير المناخ .
أولاً : نظريات الإشعاع الشمسي :-
هي نظريات تؤيد أن الأسباب المؤثرة في تغير المناخ مصدرها خارج الأرض مؤداها أن الإشعاع الشمسي المكتسب يتغير فى كميته نتيجة ارتباطه بظاهرة البقع الشمسية و اتفق الكثير من الباحثين على دورات قصيرة الفترة لنشاط و فاعلية الإشعاع برز منها بصفة خاصة دورات قد تكون كل 11 أو 12 سنة. فقد اقترحت دورات لحدوث البقع الشمسية تتراوح أطوال فتراتها من 80 أو 90 سنة لاحظ بعض الباحثين أن هناك ارتباطاً بين نشاط البقع الشمسية و كمية الأمطار و مستوى البحيرات فى شرق أفريقيا .
و بالرغم من تعرض دور التغيرات فى النشاط الشمسي لكثير من البحث كما أنها هوجمت كثيراً فمن الصعوبة القول أن ناتج الشمس من الإشعاع قد تغير بما فيه الكفاية حتى يكون له تأثير على مناخ الأرض و ذلك لنقص الأدلة و لكنه أيضاً يعتبر افتراض محتمل .
ثانياً : التغير المناخي و الاختلاف فى المغناطيسية الأرضية :-
بدأت دراسات تبحث العلاقة بين التغيرات في قوة المجال المغناطيسي الأرضي و التغيرات المناخية و على الرغم أن الدراسات فى مراحلها المبكرة إلا أنها أثبتت وجود بعض العلاقات الوطيدة بين درجات الحرارة و القوة المغناطيسية فالقوة المغناطيسية تزداد فى المناطق التي تزداد فيها البرودة و تقل في المناطق التي تزداد فيها درجة الحرارة أي أن العلاقة بين القوة المغناطيسية و درجة الحرارة فبذلك هي أحد النظريات المؤيدة لداخلية أسباب التغير المناخي.
و لكن حتى الآن لا يوجد سبب أو برهان واضح يفسر هذه العلاقة فمن المحتمل أن تكون التغيرات في المجال المغناطيسي الأرضي استجابة للتغيرات في النشاط الشمسي و أن المناخ و المغناطيسية الأرضية يرتبطان معاً باستجابتهما للأحداث الشمسية .
هناك الكثير من النظريات الأخرى مثل ( نظريات التغير المناخي و الشكل الهندسي للأرض ) و ( افتراضات تتضمن تغيرات في جغرافية يابس الأرض ) نكتفي منها بعرض النظريتين السابقتين و فيما يلي أهمية دور الإنسان في التغير المناخي .
ثالثاً : دور الإنسان في التغيرات المناخية :-
التغيرات المناخية الحديثة سببها نشاطات إنسانية و لذلك تتم بشكل حاد و خلال فترة قصيرة نسبياً مما يزيد من الشعور بحدتها و عنفها ، عموماً هذه التغيرات هي مرحلة انتقالية يعاد فيها تشكيل المناخ العالمي على صورة جديدة ثم تحدث بعد ذلك حالة استقرار حيث يعتاد الإنسان على المناخ الجديد .
يعتقد العلماء أن تغيرات المناخ في القرن الـ 20 أثرت بحد كبير على الإنسان الذي كان مسئولاً عن بعض التغيرات التي أحدثها في الغلاف الجوى و من أهم العمليات البشرية التى أثرت في شكل المناخ هي : -
• استهلاك الوقود الحفري مثل الفحم و البترول حيث تتزايد معدلات استهلاك الطاقة العالمية يتزايد بمعدل حوالي 4% سنوياً أي أنه يتضاعف الاستهلاك كل 17 سنة .
• زيادة تركيز مركب ثاني أكسيد الكربون (CO2) مما يؤثر على كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض و بشكل عام فالزيادة فيه لابد أن تؤدي إلي الدفء فتضاعف كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تؤدي إلي رفع درجة حرارة سطح الأرض.
• زيادة استخدام الوقود الحفري قد يكون سبباً فى قلة الأمطار بتقليلها نشاط تيارات الحمل.
• نشاط الكيماويات خاصة الكلوروفلورميثين Chlorofluoromethanes التى تنبعث إلى الهواء عندما تستعمل المبيدات و ما شابهها و من المعتقد انفصال هذه الغازات ضوئياً في طبقة الإستراتوسفير فتنتج كميات من ذرات الكلور تؤدي إلى تحطيم الأوزون المتحكم في الإشعاع الشمسي .
• الطائرات النفاثة و الصواريخ التي تطير في طبقات الإستراتوسفير يخرج منها كيماويات سامة من خلال الدخان العادم مما يترتب عليه نتائج خطيرة على المدى القصير .
• الإنسان نفسه ينظر إليه كأحد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى التصحر و ذلك يعتمد علي الحقيقة المتعارف عليها أن وجود غابة في أي منطقة له أثر على اقتصاديات المياه في المنطقة و يؤكد العلماء أن تدخل الإنسان عمد إلى تلويث الجو و إزالة كثير من الغابات و الأشجار و يؤدي كلا العاملين إلى رفع المحتوى الحراري للجو فالملوثات الجوية تعوق تسرب الحرارة من سطح الأرض إلى الفضاء و إزالة الغابات و الأشجار يؤدي إلى نقص امتصاص ثاني أكسيد الكربون الجوي فيزداد تركيزه تدريجياً و يزداد بالتالي مدي الاحتباس الحراري في جو الأرض .
النتائج المتوقعة للتغيرات المناخية :-
أ- التغير المناخي و ارتفاع مستوي سطح البحر :-
لقد بدأت مستويات البحار و المحيطات بالارتفاع حيث ارتفعت خلال القرن الـ 20 بمقدار 10 – 20 سنتيمتراً و يتوقع أن تكون مستويات البحار بحلول العام 2100 في حدود 65 سنتيمتراً و ستتفاقم الآثار المترتبة علي ارتفاع مستويات البحار بشكل خاص بسبب الزيادة المتوقعة في عنف و تواتر العواصف التي ستدفع بالأمواج إلى أراض داخلية إضافية مهددة السكان و الممتلكات .
و حين ترتفع المحيطات ستعطل نظم صرف المياه و ستتجه المياه المالحة عشرات الكيلومترات داخل الأنهار و ستلوث إمدادات المياه الجوفية السطحية و ستختفي مناطق واسعة من الأراضي الزراعية المنخفضة و ملايين الأفدنة من المستنقعات المالحة التى تعتبر مواقع تكاثر العديد من الأسماك و الطيور .
و دون أخذ إجراءات حماية فإنه يحتمل تشرد الملايين من البشر في بنجلاديش فيما تفقد دول كمصر و الصين و الهند قطاعات واسعة و مهمة من الأراضي الزراعية و يتضح أن الدول النامية هي التي ستتكبد الآثار السيئة حيث ستغمر المياه بنهاية هذا القرن ما يقرب من ثلاثمائة جزيرة مرجانية في المحيط الهادئ قد توجد حلول هندسية و لكن باهظة التكلفة لا تقوى عليها الدول النامية باقتصادياتها الضعيفة.
ب- التغيير المناخي و الزراعة العالمية :-
من المتوقع حدوث فوضي في أنماط إنتاج الغذاء نتيجة ارتفاع درجات الحرارة و تغير أنماط الجو و كميات الأمطار و تقلص إمدادات المياه و جفاف العديد من المناطق الزراعية الحالية و مناطق أخري ستشهد زراعة نباتات كانت لا تزرع فيها .
من المتوقع زيادة كميات الأمطار السنوية عالمياً نتيجة ارتفاع درجات الحرارة و لكن ذلك لن يحدث فكميات المطر ستنخفض 20% و العديد من المناطق التي ستتقلص فيها فترات زرع الحبوب و تتفاقم مشكلة الفيضانات و التعرية و يحتمل أن يعاني معظم منتجي الحبوب في العالم من نقص كبير في الإنتاج و يتقلص إنتاج المواشي و يحتمل أن تتصاعد حدة الرياح الموسمية في جنوب شرقي آسيا مؤدية إلي سقوط أمطار غزيرة في الصيف و أمطار أقل في الخريف .
تشير البحوث أن مناطق وسط القارات و المناطق غير البعيدة عن الاستواء ستشهد كميات أقل من الرطوبة الضرورية لنمو النباتات و توجد احتمالات لانخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية بشكل ملحوظ .
و نستطيع مواجهة هذا النقص في إنتاج الغذاء في النصف الشمالي من كوكب الأرض و حين يرتفع معدل درجة الحرارة العالمية بـ 1,5 درجة مئوية يسمح باستخدام أراضي لم يمكن زراعتها في الماضي بسبب برودة الطقس و بذلك يمكن التوسع شمالاً في المستقبل .
و ستساهم الحشرات الضارة المتزايدة في تصاعد أمراض النباتات في عالم أكثر حرارة في انخفاض المحاصيل الزراعية و ستساعد درجات الحرارة المرتفعة في انتقال الحشرات الناقلة للجراثيم إلي مناطق كان يستحيل بقاءها فيها على قيد الحياة من قبل نتيجة برودة المناخ .
ت- التغير المناخي و صحة الإنسان :-
يؤثر التغيير المناخي بالسلب في صحة الإنسان من خلال إلقاء الفوضى في إمدادات الغذاء و المياه العذبة و تشريد ملايين البشر و تغيير أنماط الأمراض بشكل غير متوقع فقد أشارت البحوث إلي أن صحة الإنسان يمكن أن تتأثر بالتغييرات الطفيفة في متوسط و معدل درجات الحرارة و هناك احتمال تصاعد انتشار بعض الأمراض الرئيسية في ظروف درجات حرارة أكبر و سكان الدول النامية سيكونون الأكثر عرضة للآثار السلبية للاحتباس الحراري .
و ستؤدي التغيرات المناخية إلي تبديل النظم الإيكولوجية الخاصة بالحشرات و العوامل التي تنقل أو تسبب العديد من الأمراض و حين تزداد درجة حرارة الجو فإن حدود المناطق الاستوائية قد تمتد إلي مناطق معتدلة في جنوب الاستواء و العديد من الأمراض سوف تنتشر و تزداد نسب الوفيات بصورة كبيرة.
في المحيطات توجد أمواج تعرف بـ (( الأمواج السامة الحمراء )) تقتل الحياة البحرية بسبب انتشار كائنات دقيقة جداً تزداد مع ارتفاع درجات الحرارة و نتيجة تسرب فضلات الأسمدة الزراعية في الأنهار و المياه الساحلية مما سيوقع الفوضى في مخزون الغذاء البحري و يزيد من حالات التسمم الناجم عن تناول الأسماك الملوثة علماً بأن الأسماك تمثل 40% من مصدر البروتين الحيواني الذي يستهلكه سكان آسيا .
نصيب مصر من التغيرات التي سيستقر عليها شكل المناخ في المستقبل :-
يعد إحلال الغاز الطبيعي محل السوائل البترولية أحد العوامل المساعدة على تخفيف حدة التلوث الجوي لضآلة ما يحتويه الغاز من كربون حيث ارتفع استهلاك مصر في الربع الأخير من القرن الماضي عما كان عليه من قبل فزادت كمية الانبعاث الكربوني فكان لابد من وضع إستراتيجية تساعد على خفض الانبعاث الكربوني بتخفيض ما يستهلك من الوقود البترولي .
و نظراً لاهتمام العلماء بالأنهار و دالاتها حيث تحتوى كميات كبيرة من النفط و الغاز الطبيعي و كما أن سواحل القارات تعتبر ترمومتراً لقياس مدي ارتفاع و انخفاض الأراضي و معرفة الطغيان البحري على اليابس و في ضوء هذه الدراسات نالت دلتا نهر النيل في مصر شهرة عالمية كنموذج مثالي للتغيرات المناخية فقد أجريت دراسات على المنطقة بين شرق بورسعيد و غرب الإسكندرية انتهت إلى الاعتقاد بأن الجزء الشمالي لأراضي الدلتا ينخفض بمعدل يتراوح بين 0,04 و 0,05 من السنتيمتر في العام الواحد و أن الدلتا تميل ناحية الشمال الشرقي تدريجياً خلال فترة السبعة آلاف سنة الأخيرة .
و يعتقد أن مياه البحر ستغمر حوالي 30 كيلومتراً داخل أراضي الدلتا من الناحية الشرقية بحلول عام 2100 .
و من مظاهر التغير المناخي في مصر ما يلي :-
1. نظراً لاتساع البحر الأحمر الدائم و حدوث الهزات الأرضية المستمرة و هبوط أراضي الدلتا ناحية الشرق و ارتفاعها في الغرب لتزحزح القارة الأفريقية إلي جنوب أوروبا هو السبب في هبوط الدلتا ناحية الشرق و احتمال دخول مياه البحر المتوسط منها إلي الدلتا .
2. تخلخل المناخ يعبر عن دورات مناخية طبيعية تحدث علي كوكب الأرض فقد وجدت في حفريات الأشجار القديمة التى ترجع إلي أكثر من 300 سنة أن هناك دورات مناخية تكثر فيها الأمطار فتكون حلقات سميكة داخل الساق تتلوها حلقات ضيقة و يعتقد الباحثون أنها دورات مناخية داخل دورة أخري أوسع .
• هناك دراسة قام بها علماء البيئة توصلوا منها إلى نماذج يمكن أن تحدث في المستقبل و لخصوها في 3 سيناريوهات أو تصورات هي :-
i. التصور الأول : وجد العلماء أنه بحلول 2030 سترتفع درجة الحرارة درجتين مئويتين سينتج عنها انصهار الجليد فى مناطق تراكمه و حدوث تمدد حراري للمحيطات سيؤدي إلي زيادة حجم المياه فتعلو منسوبها إلى ما يصل نحو 29 سنتيمتراً عما كانت هي عليه سنة 1990 و بنهاية القرن الحالي سيصل الارتفاع إلي نحو 110 سنتيمتراً و هناك مناطق ستتعرض إلي الغمر و التآكل و حركات المد و الجزر بالإضافة إلي تدمير منشآت حضرية ستتسبب في تشريد 60% من سكان العالم يعيشون بالقرب من المناطق الشاطئية .
ii. التصور الثاني : فيري العلماء أن ارتفاع منسوب سطح البحر و إن كان ينخفض إلي حوالي نصف هذا التصور فسيستمر و أن الآثار المتوقعة ستحدث و لكن في ضعف الوقت المتوقع .
iii. التصور الثالث : هناك دراسة مستفيضة تناولت تصورات لمستقبل الحياة البشرية في ظل التغيرات المناخية ما يهمنا منها دراسة عن دلتا النيل و الساحل الشمالي لمصر وضعت ثلاث احتمالات (سيناريوهات) هي :-
i. إذا ارتفع منسوب سطح البحر حوالي 50 سنتيمتراً .
ii. إذا ارتفع منسوب سطح البحر حوالي 100 سنتيمتراً .
iii. إذا ارتفع منسوب سطح البحر حوالي 150 سنتيمتراً .
و توضح الخرائط مدي و حجم الأراضي التي ستغمرها المياه إذا ما استمر النشاط الصناعي في العالم على ما هو عليه حالياً و بنهاية هذا القرن الحالي ستغمر حوالي 30 كيلومتراً إلي داخل البلاد .
فيما يلي موجزاً أوصي به العلماء بالنسبة لشواطئ مصر الشمالية و بعض المناطق المهددة بالإغراق في العالم :-
1. إعادة تقييم خطط التنمية في مدينة الإسكندرية و بورسعيد و دمياط و خاصة مناطق الموانئ و القرى السياحية و المناطق الترفيهية ز مناطق التعمير على طول الشاطئ فيجب أن تكون في مناطق مرتفعة.
2. إعادة تقييم شبكات الصرف .
3. زحزحة مشاريع استصلاح الأراضي إلي داخل البلاد .
4. إعادة تقييم و دراسة الآثار الاقتصادية لاستخدام و تمرير رسوبيات نهر النيل من أمام السد إلى مجرى النيل خلف السد للتقليل من تآكل الدلتا .
:a34: :a34: :a34: :a34: :a34:
و هذه كانت المحاضرة السادسة من المشكلات البيئية
مشكلة التغيرات المناخية
• المناخ كظاهرات هو مبنى على إحساس الإنسان به لذلك إذا أردنا إدراك التغيرات لابد من النظر بنظرة شمولية بحيث لا نحدد عامل وحيد بصورة حدية قاطعة سببية على أنه هو المسبب فى التغيرات المناخية و إنما هي (( جملة من العوامل فى ظل أداء متوازن )) . فالآراء التى ناقشت أسباب التغيرات المناخية لم تتناول فى تعليل أسباب التغير المناخي سوى عامل واحد أو عاملين على حد أقصى فلذلك واجهت بعضها النقد الشديد نتيجة القصور فى إثبات التغيرات اعتماداً على العامل المسبب لنقص الدلائل عليه ، ولذلك يجب أن تكون بدايتنا هي الجمع بين جميع العوامل التى يحتمل أن تكون مؤثرة و محاولة التوصل إلى التفاعلات التى تحدث فيما بينها و مما يؤدى إلى الاقتراب من تفسير التغيرات المناخية فى المستقبل.
نظريات تفسير التغيرات المناخية :-
يمكن تقسيم هذه النظريات إلى قسمين هما :-
1. نظريات تقول أن الأرض هي مصدر التغير المناخي .
2. نظريات تقول أن عوامل خارج الأرض هي المؤثرة في تغير المناخ .
أولاً : نظريات الإشعاع الشمسي :-
هي نظريات تؤيد أن الأسباب المؤثرة في تغير المناخ مصدرها خارج الأرض مؤداها أن الإشعاع الشمسي المكتسب يتغير فى كميته نتيجة ارتباطه بظاهرة البقع الشمسية و اتفق الكثير من الباحثين على دورات قصيرة الفترة لنشاط و فاعلية الإشعاع برز منها بصفة خاصة دورات قد تكون كل 11 أو 12 سنة. فقد اقترحت دورات لحدوث البقع الشمسية تتراوح أطوال فتراتها من 80 أو 90 سنة لاحظ بعض الباحثين أن هناك ارتباطاً بين نشاط البقع الشمسية و كمية الأمطار و مستوى البحيرات فى شرق أفريقيا .
و بالرغم من تعرض دور التغيرات فى النشاط الشمسي لكثير من البحث كما أنها هوجمت كثيراً فمن الصعوبة القول أن ناتج الشمس من الإشعاع قد تغير بما فيه الكفاية حتى يكون له تأثير على مناخ الأرض و ذلك لنقص الأدلة و لكنه أيضاً يعتبر افتراض محتمل .
ثانياً : التغير المناخي و الاختلاف فى المغناطيسية الأرضية :-
بدأت دراسات تبحث العلاقة بين التغيرات في قوة المجال المغناطيسي الأرضي و التغيرات المناخية و على الرغم أن الدراسات فى مراحلها المبكرة إلا أنها أثبتت وجود بعض العلاقات الوطيدة بين درجات الحرارة و القوة المغناطيسية فالقوة المغناطيسية تزداد فى المناطق التي تزداد فيها البرودة و تقل في المناطق التي تزداد فيها درجة الحرارة أي أن العلاقة بين القوة المغناطيسية و درجة الحرارة فبذلك هي أحد النظريات المؤيدة لداخلية أسباب التغير المناخي.
و لكن حتى الآن لا يوجد سبب أو برهان واضح يفسر هذه العلاقة فمن المحتمل أن تكون التغيرات في المجال المغناطيسي الأرضي استجابة للتغيرات في النشاط الشمسي و أن المناخ و المغناطيسية الأرضية يرتبطان معاً باستجابتهما للأحداث الشمسية .
هناك الكثير من النظريات الأخرى مثل ( نظريات التغير المناخي و الشكل الهندسي للأرض ) و ( افتراضات تتضمن تغيرات في جغرافية يابس الأرض ) نكتفي منها بعرض النظريتين السابقتين و فيما يلي أهمية دور الإنسان في التغير المناخي .
ثالثاً : دور الإنسان في التغيرات المناخية :-
التغيرات المناخية الحديثة سببها نشاطات إنسانية و لذلك تتم بشكل حاد و خلال فترة قصيرة نسبياً مما يزيد من الشعور بحدتها و عنفها ، عموماً هذه التغيرات هي مرحلة انتقالية يعاد فيها تشكيل المناخ العالمي على صورة جديدة ثم تحدث بعد ذلك حالة استقرار حيث يعتاد الإنسان على المناخ الجديد .
يعتقد العلماء أن تغيرات المناخ في القرن الـ 20 أثرت بحد كبير على الإنسان الذي كان مسئولاً عن بعض التغيرات التي أحدثها في الغلاف الجوى و من أهم العمليات البشرية التى أثرت في شكل المناخ هي : -
• استهلاك الوقود الحفري مثل الفحم و البترول حيث تتزايد معدلات استهلاك الطاقة العالمية يتزايد بمعدل حوالي 4% سنوياً أي أنه يتضاعف الاستهلاك كل 17 سنة .
• زيادة تركيز مركب ثاني أكسيد الكربون (CO2) مما يؤثر على كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض و بشكل عام فالزيادة فيه لابد أن تؤدي إلي الدفء فتضاعف كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تؤدي إلي رفع درجة حرارة سطح الأرض.
• زيادة استخدام الوقود الحفري قد يكون سبباً فى قلة الأمطار بتقليلها نشاط تيارات الحمل.
• نشاط الكيماويات خاصة الكلوروفلورميثين Chlorofluoromethanes التى تنبعث إلى الهواء عندما تستعمل المبيدات و ما شابهها و من المعتقد انفصال هذه الغازات ضوئياً في طبقة الإستراتوسفير فتنتج كميات من ذرات الكلور تؤدي إلى تحطيم الأوزون المتحكم في الإشعاع الشمسي .
• الطائرات النفاثة و الصواريخ التي تطير في طبقات الإستراتوسفير يخرج منها كيماويات سامة من خلال الدخان العادم مما يترتب عليه نتائج خطيرة على المدى القصير .
• الإنسان نفسه ينظر إليه كأحد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى التصحر و ذلك يعتمد علي الحقيقة المتعارف عليها أن وجود غابة في أي منطقة له أثر على اقتصاديات المياه في المنطقة و يؤكد العلماء أن تدخل الإنسان عمد إلى تلويث الجو و إزالة كثير من الغابات و الأشجار و يؤدي كلا العاملين إلى رفع المحتوى الحراري للجو فالملوثات الجوية تعوق تسرب الحرارة من سطح الأرض إلى الفضاء و إزالة الغابات و الأشجار يؤدي إلى نقص امتصاص ثاني أكسيد الكربون الجوي فيزداد تركيزه تدريجياً و يزداد بالتالي مدي الاحتباس الحراري في جو الأرض .
النتائج المتوقعة للتغيرات المناخية :-
أ- التغير المناخي و ارتفاع مستوي سطح البحر :-
لقد بدأت مستويات البحار و المحيطات بالارتفاع حيث ارتفعت خلال القرن الـ 20 بمقدار 10 – 20 سنتيمتراً و يتوقع أن تكون مستويات البحار بحلول العام 2100 في حدود 65 سنتيمتراً و ستتفاقم الآثار المترتبة علي ارتفاع مستويات البحار بشكل خاص بسبب الزيادة المتوقعة في عنف و تواتر العواصف التي ستدفع بالأمواج إلى أراض داخلية إضافية مهددة السكان و الممتلكات .
و حين ترتفع المحيطات ستعطل نظم صرف المياه و ستتجه المياه المالحة عشرات الكيلومترات داخل الأنهار و ستلوث إمدادات المياه الجوفية السطحية و ستختفي مناطق واسعة من الأراضي الزراعية المنخفضة و ملايين الأفدنة من المستنقعات المالحة التى تعتبر مواقع تكاثر العديد من الأسماك و الطيور .
و دون أخذ إجراءات حماية فإنه يحتمل تشرد الملايين من البشر في بنجلاديش فيما تفقد دول كمصر و الصين و الهند قطاعات واسعة و مهمة من الأراضي الزراعية و يتضح أن الدول النامية هي التي ستتكبد الآثار السيئة حيث ستغمر المياه بنهاية هذا القرن ما يقرب من ثلاثمائة جزيرة مرجانية في المحيط الهادئ قد توجد حلول هندسية و لكن باهظة التكلفة لا تقوى عليها الدول النامية باقتصادياتها الضعيفة.
ب- التغيير المناخي و الزراعة العالمية :-
من المتوقع حدوث فوضي في أنماط إنتاج الغذاء نتيجة ارتفاع درجات الحرارة و تغير أنماط الجو و كميات الأمطار و تقلص إمدادات المياه و جفاف العديد من المناطق الزراعية الحالية و مناطق أخري ستشهد زراعة نباتات كانت لا تزرع فيها .
من المتوقع زيادة كميات الأمطار السنوية عالمياً نتيجة ارتفاع درجات الحرارة و لكن ذلك لن يحدث فكميات المطر ستنخفض 20% و العديد من المناطق التي ستتقلص فيها فترات زرع الحبوب و تتفاقم مشكلة الفيضانات و التعرية و يحتمل أن يعاني معظم منتجي الحبوب في العالم من نقص كبير في الإنتاج و يتقلص إنتاج المواشي و يحتمل أن تتصاعد حدة الرياح الموسمية في جنوب شرقي آسيا مؤدية إلي سقوط أمطار غزيرة في الصيف و أمطار أقل في الخريف .
تشير البحوث أن مناطق وسط القارات و المناطق غير البعيدة عن الاستواء ستشهد كميات أقل من الرطوبة الضرورية لنمو النباتات و توجد احتمالات لانخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية بشكل ملحوظ .
و نستطيع مواجهة هذا النقص في إنتاج الغذاء في النصف الشمالي من كوكب الأرض و حين يرتفع معدل درجة الحرارة العالمية بـ 1,5 درجة مئوية يسمح باستخدام أراضي لم يمكن زراعتها في الماضي بسبب برودة الطقس و بذلك يمكن التوسع شمالاً في المستقبل .
و ستساهم الحشرات الضارة المتزايدة في تصاعد أمراض النباتات في عالم أكثر حرارة في انخفاض المحاصيل الزراعية و ستساعد درجات الحرارة المرتفعة في انتقال الحشرات الناقلة للجراثيم إلي مناطق كان يستحيل بقاءها فيها على قيد الحياة من قبل نتيجة برودة المناخ .
ت- التغير المناخي و صحة الإنسان :-
يؤثر التغيير المناخي بالسلب في صحة الإنسان من خلال إلقاء الفوضى في إمدادات الغذاء و المياه العذبة و تشريد ملايين البشر و تغيير أنماط الأمراض بشكل غير متوقع فقد أشارت البحوث إلي أن صحة الإنسان يمكن أن تتأثر بالتغييرات الطفيفة في متوسط و معدل درجات الحرارة و هناك احتمال تصاعد انتشار بعض الأمراض الرئيسية في ظروف درجات حرارة أكبر و سكان الدول النامية سيكونون الأكثر عرضة للآثار السلبية للاحتباس الحراري .
و ستؤدي التغيرات المناخية إلي تبديل النظم الإيكولوجية الخاصة بالحشرات و العوامل التي تنقل أو تسبب العديد من الأمراض و حين تزداد درجة حرارة الجو فإن حدود المناطق الاستوائية قد تمتد إلي مناطق معتدلة في جنوب الاستواء و العديد من الأمراض سوف تنتشر و تزداد نسب الوفيات بصورة كبيرة.
في المحيطات توجد أمواج تعرف بـ (( الأمواج السامة الحمراء )) تقتل الحياة البحرية بسبب انتشار كائنات دقيقة جداً تزداد مع ارتفاع درجات الحرارة و نتيجة تسرب فضلات الأسمدة الزراعية في الأنهار و المياه الساحلية مما سيوقع الفوضى في مخزون الغذاء البحري و يزيد من حالات التسمم الناجم عن تناول الأسماك الملوثة علماً بأن الأسماك تمثل 40% من مصدر البروتين الحيواني الذي يستهلكه سكان آسيا .
نصيب مصر من التغيرات التي سيستقر عليها شكل المناخ في المستقبل :-
يعد إحلال الغاز الطبيعي محل السوائل البترولية أحد العوامل المساعدة على تخفيف حدة التلوث الجوي لضآلة ما يحتويه الغاز من كربون حيث ارتفع استهلاك مصر في الربع الأخير من القرن الماضي عما كان عليه من قبل فزادت كمية الانبعاث الكربوني فكان لابد من وضع إستراتيجية تساعد على خفض الانبعاث الكربوني بتخفيض ما يستهلك من الوقود البترولي .
و نظراً لاهتمام العلماء بالأنهار و دالاتها حيث تحتوى كميات كبيرة من النفط و الغاز الطبيعي و كما أن سواحل القارات تعتبر ترمومتراً لقياس مدي ارتفاع و انخفاض الأراضي و معرفة الطغيان البحري على اليابس و في ضوء هذه الدراسات نالت دلتا نهر النيل في مصر شهرة عالمية كنموذج مثالي للتغيرات المناخية فقد أجريت دراسات على المنطقة بين شرق بورسعيد و غرب الإسكندرية انتهت إلى الاعتقاد بأن الجزء الشمالي لأراضي الدلتا ينخفض بمعدل يتراوح بين 0,04 و 0,05 من السنتيمتر في العام الواحد و أن الدلتا تميل ناحية الشمال الشرقي تدريجياً خلال فترة السبعة آلاف سنة الأخيرة .
و يعتقد أن مياه البحر ستغمر حوالي 30 كيلومتراً داخل أراضي الدلتا من الناحية الشرقية بحلول عام 2100 .
و من مظاهر التغير المناخي في مصر ما يلي :-
1. نظراً لاتساع البحر الأحمر الدائم و حدوث الهزات الأرضية المستمرة و هبوط أراضي الدلتا ناحية الشرق و ارتفاعها في الغرب لتزحزح القارة الأفريقية إلي جنوب أوروبا هو السبب في هبوط الدلتا ناحية الشرق و احتمال دخول مياه البحر المتوسط منها إلي الدلتا .
2. تخلخل المناخ يعبر عن دورات مناخية طبيعية تحدث علي كوكب الأرض فقد وجدت في حفريات الأشجار القديمة التى ترجع إلي أكثر من 300 سنة أن هناك دورات مناخية تكثر فيها الأمطار فتكون حلقات سميكة داخل الساق تتلوها حلقات ضيقة و يعتقد الباحثون أنها دورات مناخية داخل دورة أخري أوسع .
• هناك دراسة قام بها علماء البيئة توصلوا منها إلى نماذج يمكن أن تحدث في المستقبل و لخصوها في 3 سيناريوهات أو تصورات هي :-
i. التصور الأول : وجد العلماء أنه بحلول 2030 سترتفع درجة الحرارة درجتين مئويتين سينتج عنها انصهار الجليد فى مناطق تراكمه و حدوث تمدد حراري للمحيطات سيؤدي إلي زيادة حجم المياه فتعلو منسوبها إلى ما يصل نحو 29 سنتيمتراً عما كانت هي عليه سنة 1990 و بنهاية القرن الحالي سيصل الارتفاع إلي نحو 110 سنتيمتراً و هناك مناطق ستتعرض إلي الغمر و التآكل و حركات المد و الجزر بالإضافة إلي تدمير منشآت حضرية ستتسبب في تشريد 60% من سكان العالم يعيشون بالقرب من المناطق الشاطئية .
ii. التصور الثاني : فيري العلماء أن ارتفاع منسوب سطح البحر و إن كان ينخفض إلي حوالي نصف هذا التصور فسيستمر و أن الآثار المتوقعة ستحدث و لكن في ضعف الوقت المتوقع .
iii. التصور الثالث : هناك دراسة مستفيضة تناولت تصورات لمستقبل الحياة البشرية في ظل التغيرات المناخية ما يهمنا منها دراسة عن دلتا النيل و الساحل الشمالي لمصر وضعت ثلاث احتمالات (سيناريوهات) هي :-
i. إذا ارتفع منسوب سطح البحر حوالي 50 سنتيمتراً .
ii. إذا ارتفع منسوب سطح البحر حوالي 100 سنتيمتراً .
iii. إذا ارتفع منسوب سطح البحر حوالي 150 سنتيمتراً .
و توضح الخرائط مدي و حجم الأراضي التي ستغمرها المياه إذا ما استمر النشاط الصناعي في العالم على ما هو عليه حالياً و بنهاية هذا القرن الحالي ستغمر حوالي 30 كيلومتراً إلي داخل البلاد .
فيما يلي موجزاً أوصي به العلماء بالنسبة لشواطئ مصر الشمالية و بعض المناطق المهددة بالإغراق في العالم :-
1. إعادة تقييم خطط التنمية في مدينة الإسكندرية و بورسعيد و دمياط و خاصة مناطق الموانئ و القرى السياحية و المناطق الترفيهية ز مناطق التعمير على طول الشاطئ فيجب أن تكون في مناطق مرتفعة.
2. إعادة تقييم شبكات الصرف .
3. زحزحة مشاريع استصلاح الأراضي إلي داخل البلاد .
4. إعادة تقييم و دراسة الآثار الاقتصادية لاستخدام و تمرير رسوبيات نهر النيل من أمام السد إلى مجرى النيل خلف السد للتقليل من تآكل الدلتا .
:a34: :a34: :a34: :a34: :a34:
و هذه كانت المحاضرة السادسة من المشكلات البيئية