المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حبى الوحيد



Mohamed Saad Yassin
06-12-2009, 04:55 PM
حبى الوحيد
الجغرافيا

http://4.bp.blogspot.com/_TR5kN3PNcqY/SR3ponTOwgI/AAAAAAAAAGQ/lElVbQruhJo/s400/geography.jpg


الجغرافيا الحديثة

من أهم جوانب النهضة الأوربية ما حققه الأوربيون بالنسبة لهم خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين في مجال الكشوف الجغرافية عن طريق الرحلات البحرية التي تعرفوا بها على أراضي جديدة لم تكن معروفة لهم من قبل، وهذا ما يسمى بالكشوف الجغرافية، وبسبب هذه الجهود في الرحلات والكشوف نمت المعرفة الجغرافية الحديثة وتطورت حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في وقتنا الحاضر.

القسم الأول الرحلات والكشوف الجغرافية

تعتبر حركة الكشوف الجغرافية التي قامت بها بعض الدول الأوربية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين- حلقة في سلسلة المحاولات الأوربية للسيطرة على الشرق الإِسلامي والإِفادة من خياراته ومن موقعه الجغرافي والتحكم في طريق التجارة التي تمر عبر أراضيه وتنقل خلالها منتجات شرق وجنوب آسيا (من حرير وبهار وعطور) إلى أوربا.

فبعد فشل الحملات العسكرية الصليبية التي وجهتها أوربا إلى بلاد الشام ومصر فكرت في البحث عن طريق جديدة تحوَّل إليها التجارة بعيداً عن العالم الإِسلامي وقامت بعدة رحلات بحرية كشفية. انتهت باكتشاف بعض ما كان مجهولاً من أجزاء الكرة الأرضية. (شكل 9).

وكان لاحتكاك الأوربيين بالمسلمين في بلاد الشرق العربي أثناء الحروب الصليبية واطلاعهم على ما كتبوه أثره في نمو معارفهم ومعلوماتهم الجغرافية ووعيهم باستخدام كثير من آلات الرصد والتوجيه كالبوصلة والإسطرلاب وتصحيح كثير من الأفكار الجغرافية الخاطئة لديهم مما شجعهم على القيام بهذه الرحلات. وفيما يلي أهم الرحلات ونتائجها وآثارها في نمو المعرفة الجغرافية.

الرحلات والكشوفات البرتغالية

1- بعوث هنري الملاح : (1415-1460م):

كان الأمير هنري بن حنا ملك البرتغال (1394- 460ام) بحاراً ماهراً مولعاً بالملاحة فأسس مدرسة بحرية ومرصداً على ساحل البرتغال واستحضر إليها الفلكيين وراسمي الخرائط والبحارة من إيطاليا وصقلية.

وقد حاول الوصول إلى الحبشة والهند فأرسل البعوث صوب الجنوب في المحيط الأطلنطي بمحاذاة الساحل الغربي لإِفريقيا فوصلت الرأس الأخضر وتوقفت عند ساحل غانا.

2- رحلة بارتلمُيودياز (1486م):

سيرت البرتغال رحلة كشفية أخرى بقيادة بارتلميودياز تمكن خلالها من الوصول إلى الطرف الجنوبي لقارة إفريقيا ودار حول الرأس الذي عرف فيما بعد "برأس الرجاء الصالح " إلا أن العواصف الشديدة التي تعرض لها في هذه المنطقة اضطرته للعودة لبلاده.

3- رحلة فاسكودي غاما (1497- 1499م):

استمرت محاولات البرتغاليين ومغامرتهم للكشف عن طريق يوصلهم إلى جنوب شرق آسيا. فبعد بارتلميودياز قام فاسكودي غاما برحلته المشهورة التي دار فيها حول جنوب أفريقيا ووصل مدغشقر ثم ساحل ملبار غربي الهند. وبذلك اكتشف البرتغاليون طريق رأس الرجاء الصالح وتحقق أملهم في الوصول إلى الهند خارج ديار المسلمين. (انظر الخريطة شكل 9).

الرحلات والكشوف الإِسبانية

دفعت الإِنجازات التي حققتها البرتغال في مجال الكشف الجغرافي- ملوك إسبانيا إلى تسيير عدة رحلات كشفية اتجهت كلها غرباً في المحيط الأطلنطي، أملاً في اكتشاف طريق أقرب إلى الهند وشرقي آسيا، انتهت باكتشاف الأمريكتين والدوران حول الكرة الأرضية.

وأهم تلك الرحلات هي:

1- رحلات كريستوفر كولمبس:

أبحر (كولمبس) من إسبانيا في سنة 1492م (بداية القرن العاشر الهجري) قاصدا لوصول إلى الهند عن طريق الاتجاه غرباً عبر المحيط الأطلسي بعدما سادت فكرة كروية الأرض وإمكان الدوران حولها، وبدأ رحلته بزيارة جزر كناريا الواقعة بالقرب من الساحل الإِفريقي، ثم اتجه غرباً حتى وصل إلى جزر ياهاما وجزيرة كوبا وعدد آخر من الجزر الواقعة بالقرب من أمريكا. وعندما رأى كولمبس تلك الجزر ظن أنها الجزر القريبة من الساحل الشرقي لقارة آسيا وأنه على وشك أن يصل إلى الهند، ولهذا أطلق عليها اسم "جزر الهند الغربية" ومازالت هذه التسمية شائعة حتى الآن، ثم عاد كولمبس ظافراً إلى إسبانيا، وسرعان ما قام برحلة ثانية إلى تلك الجزر التي أصبحت ملكاً لإِسبانيا، ثم قام برحلة ثالثة ورابعة ووصل في هاتين الرحلتين الأخيرتين إلى سواحل أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية.

2- رحلات أمريجو فيسبوشي:

أكمل هذا البحار جهود سلفه كريستوفر كولمبس، فقام برحلات عديدة من أوربا واتجه غرباً عبر المحيط الأطلسي وذلك في أوائل القرن السادس عشر، وتمكن من الوصول إلى بعض سواحل أمريكا الجنوبية، وقد سميت تلك القارات الجديدة باسمه (أمريكا).

3- رحلة ماجلان والدوران حول الكرة الأرضية:

أولت الحكومة الإِسبانية مزيداً من الاهتمام للرحلات البحرية الطويلة بقصد الكشوف الجغرافية. وذلك بعد نجاح مغامرة كولمبس وخلفه أمريجو فيسبوشي.

فشجعت ماجلان في سنة 1519م على القيام بأطول رحلة بحرية في ذلك الوقت، فأبحر من إسبانيا متجها غرباً حتى وصل البرازيل في قارة أمريكا الجنوبية، ثم دار حول هذه القارة من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي، عبر مضيق عرف باسمه فيما بعد، واستمر في الإِبحار غرباً حتى قطع هذا المحيط العظيم ووصل إلى بعض الجزر القريبة من الساحل الشرقي لآسيا، وفي إحدى تلك الجزر (جزيرة سيبو) قتل ماجلان في سنة 1521م . واصل رفاقه الرحلة بقيادة (دل كانو) متنقلين من جزيرة إلى أخرى حتى دخلوا المحيط الهندي. واستمروا في الإِبحار غرباً حتى وصلوا إلى قارة أفريقيا، فداروا حول رأس الرجاء الصالح عائدين بذلك إلى المحيط الأطلسي الذي بدأوا منه رحلتهم الطويلة، وساروا نحو الشمال حتى وصلوا إلى أسبانيا في سنة 1522م ، فأتموا بذلك هذه الرحلة الطويلة التي أثبتت عملياً أن الأرض كروية والتي كشفت عن عدد من الطرق البحرية والجزر التي لم تكن معروفة للأوربيين.

الرحلات والكشوف الإِنجليزية

اهتمت إنجلترا كذلك بالبحث عن طريق جديد إلى الصين وجزر الهند الشرقية. وسيرت لذلك عدة رحلات اتجهت صوب الشمال الغربي في المحيط الأطلنطي، أهمها ما قام به (جون كابوت) الذي اكتشف جزيرة نيوفوندلند وشبه جزيرة لبرا دور والشاطئ الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية عام 1497م.

وفي عام 1769م سيرت بعثة كشفية أخرى بقيادة البحار جيمس كوك وصلت الساحل الشرقي لقارة أستراليا وفتحت أعين الأوربيين والعالم على قارة بكر غير مسكونة، فتدفقت إليها وفود المغامرين والمهاجرين الإِنجليز واستوطنوها.

الرحلات والكشوف الفرنسية:

ولفرنسا دورها كذلك في حركة الكشوف الجغرافية، فقد أرسلت عدة رحلات كشفية لقارة أمريكا الشمالية خلال القرن السادس عشر أهمها:

1- رحلة جاك كارتييه: الذي اكتشف نهر سانت لورنس (1534م).

2- رحلة لاسال: الذي اكتشف نهر الميسيسبي.

وخلاصة القول أنه كان لرحلات الكشف الجغرافي - كما رأيت - أثر كبير في التعرف على الكرة الأرضية وأقاليمها الجغرافية وفي التحقيق من كثير من الأفكار والمعلومات الجغرافية المتصلة بها، وقد مثل ذلك منعطفاً مهماً في تاريخ الدراسات الجغرافية. وأسلوب التفكير الجغرافي.

القسم الثاني الجغرافيا الطبيعية

تعرَّف الجغرافيا الطبيعية بأنها "دراسة الظاهرات الجغرافية لسطح الأرض". وتتضمن دراسة الصخور والتربة والتضاريس والجيمورفولوجيا والبحار والمحيطات والغلاف الجوي.

ويرى مور Moor مؤلف "القاموس الجغرافي" أن الجغرافيا الطبيعية هي ذلك الفرع من الجغرافيا الذي يدرس الظاهرات الطبيعية للأرض فيشمل القشرة الأرضية والماء والهواء، ويمكن اعتباره دراسة للبيئة الطبيعية، للإِنسان، ويشار إلى الجغرافيا الطبيعية باسم (الفيزيوغرافيا).

وتعتمد الجغرافيا الطبيعية على حقائق تستمدها من علوم أخرى مثل الجيولوجيا، والميتيورولوجيا (علم الأرصاد الجوية)، والنبات، والحيوان، وعلم البحار. أي أن الجغرافيا تستقي معلوماتها من كل العلوم التي تتخصص في دراسة الأغلفة التي تحدد إطار بيئة الإِنسان في نطاق الحيز الذي يتفاعل معه. وهذه الأغلفة هي:

(1) الغلاف الغازي Atmosphere :

وهو عبارة عن كتل الهواء التي تحيط بالكرة الأرضية، وقد نشأ عن دراسة الإِنسان لهذا الغلاف فرع الجغرافيا المناخية الذي استمد بعض معلوماته من علم "الميتيورولوجيا".

(2) الغلاف الصخري Lithosphere :

ويقصد به القشرة الأرضية. وقد نشأ عن دراسة الغلاف الصخري جغرافية السطح والتربة التي تدرس المظاهر التضاريسية المختلفة.

(3) الغلاف المائي Hydrosphere:

وهو عبارة عن المسطحات المائية من محيطات وبحار وغيرها، وقد نشأ عن دراسة الإِنسان للغلاف المائي جغرافية البحار والمحيطات.

(4) الغلام الحيوي Biosphere:

ويشمل الكائنات الحية التي تعيش على سطح الكرة الأرضية من نبات وحيوان. وقد نشأت عن دراسة الإِنسان لهذا الغلاف الجغرافيا النباتية والحيوانية، والجغرافيا البشرية، على أساس أن الإنسان أحد الكائنات الحية.

تطور الجغرافيا الطبيعية

تعد الجغرافيا الطبيعية أقدم فروع الجغرافيا، ولقد بدأت بسيطة في بداية نشأتها، فكانت تركز اهتمامها على وصف الظاهرات الطبيعية، ومع تقدم المعرفة الإِنسانية تشعبت ميادين الجغرافيا الطبيعية وانقسمت إلى فروع ثانوية أكثر تخصصاً. ولعل تطلع الإِنسان إلى الأجرام السماوية من شمس وقمر ونجوم قد بدأ مع وجود الإِنسان.

وقد اهتم الإِغريق بالدراسات الجغرافية التي يمكن أن نطلق عليها الجغرافيا الطبيعية، فدرسوا مظاهر السطح، وجغرافية النبات وتوزيعه، ولقد قاموا بإجراء بعض الدراسات المناخية فتحدثوا عن الرياح، والفرق بين المناخ القاري، والمناخ الجزري وأشاروا كذلك إلى عوامل التعرية المختلفة.

وفي العصر الروماني اتجهت الجغرافيا إلى دراسة بعض الجوانب الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والمد والجزر وحركات القشرة الأرضية.

وفي العصور الوسطى ساهم المسلمون كثيراً في مجال الجغرافيا الطبيعية، فقد أشار ابن خرداذبة وابن حوقل وغيرهما إلى كثير من الحقائق الجغرافية الطبيعية مثل الجاذبية الأرضية وغيرها. ومما يذكر أن المقدسي قد درس المراحل التي يمر بها النهر أثناء جريانه وهي مراحل الشباب والنضج والشيخوخة.

ميادين الجغرافيا

1- دراسة الظاهرات التضاريسية:

وتهتم بدراسة مظاهر السطح وتطورها والعوامل المؤثرة فيها، وهناك اتجاه حديث يفضل استخدام اسم "جيمورفولوجيا" على تلك الدراسة التي تعالج مظاهر السطح وتطورها والعوامل المشكلة لها، أي دراسة شكل السطح والعوامل التي أدت إلى تشكيله، وتعد الجيمورفولوجيا أقرب الفروع الجغرافية إلى علم الجيولوجيا.

2- جغرافية المناخ Climatology :

تطورت الدراسات المناخية بعد اختراع أجهزة قياس العناصر المناخية مثل البارومتر على يد تورشيللي سنة 1643م، والترمومتر الفهرنهيتي على يد دانيل فهرنهيت سنة 1710م والترمومتر المئوي على يد أندرز سلسيوز السويدي سنة 1742م. ولقد ساهم استخدام التلغراف في نقل النشرات الجوية والدراسات المناخية في الثلاثينات من هذا القرن.

ومن الذين ساهموا في تطوير علم المناخ، همبولت الذي يعد أول من رسم خطوط الحرارة المتساوية، وكذلك العالم النرويجي كنز Kness الذي أعلن نظريته الخاصة بالكتل الهوائية والتي تفسر نشأة الأعاصير.

3- جغرافية الأحياء:

تعرَّف جغرافية الأحياء بأنها دراسة توزيع الكائنات الحية على سطح الأرض، وتعتمد على علمي النبات والحيوان، إذ ليس من السهل دراسة الجغرافيا النباتية والحيوانية دون الإِلمام ببعض القواعد العامة لهذين العلمين.

وفيما يلي دراسة موجزة لبعض الفروع الأخرى من الجغرافيا الطبيعية:

( أ ) جغرافية البحار والمحيطات

"الأوقيانو غرافيا"

قال تعالى في سورة الرحمن:

"]{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ. فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبّكُمَا تُكَذِّبَانِ. يَخْرُجُ مِنهما اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ. فَبأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكًذِّبَانِ. وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَئَاتُ فِي الْبَحْرِ كَاْلأَعْلاَمِ. فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} سورة الرحمن الآيات[19-25].

ميادينها:

تهتم جغرافية البحار والمحيطات بدراسة المسطحات المائية من حيث المساحة والتوزيع والأعماق وخصائص المياه (الحرارة- الضغط- الكثافة- الملوحة- مدى تغلغل الضوء) كما تدرس حركة الأمواج والمد والجزر والتيارات البحرية والتعرية البحرية للشواطئ وأثر ذلك في تشكيل السواحل. وتهتم جغرافية البحار والمحيطات كذلك بدراسة مظاهر السطح في قيعان المحيطات والبحار، ويدخل في مجال دراستها كائنات البحار والمحيطات الحية من أسماك ونباتات وحيوانات بحرية.

تطور جغرافية البحار والمحيطات:

يعد الإِغريق من أهم الشعوب القديمة التي درست البحار وخصوصاً البحر المتوسط. ولقد ساعدهم على ذلك طبيعة بلادهم التي تتكون من مجموعة من الجزر "أرخبيل" إلى جانب ظروفها شبه الجافة ووعورة سطحها مما دفعهم إلى الاتجاه إلى البحر، كما ساعدهم وجود الأخشاب على بناء السفن. والإِغريق هم الذين أطلقوا على البحر العربي اسم البحر الأرتيري Erythreaen، وأعمدة هرقل على جبل طارق، وبحر الظلمات على المحيط الأطلسي، وكانوا يعتبرون بحر الظلمات جزءاً من البحر المحيط الذي لا نهاية له وتلتقي معه السماء.

أما الفينيقيون الذين كانوا يعيشون على سواحل الشام، فقد استخدموا النجم القطبي في أسفارهم، ولقد استعان بهم أحد فراعنة مصر القدماء "نخاو الثاني" في رحلة حول إفريقيا استغرقت ثلاث سنوات.

وفي عهد الدولة الرومانية التي ترامت أطرافها، تَقَدَّمَ فن بناء السفن لخدمة أطماع الدولة، ومع تقدم فن بناء السفن تقدمت أساليب المعرفة الجغرافية الخاصة بالبحار والمحيطات، ومن أشهر علماء العصر الروماني "استرابو" الذي اعتقد بأن قاع البحر ذو تضاريس تشبه تضاريس سطح الكرة الأرضية.

وفي عهد الدولة الإِسلامية أضاف العلماء المسلمون الكثير من المعلومات، وساعدهم على ذلك صفاء سمائهم، واهتمامهم بتعيين الاتجاهات لمعرفة القبلة.

نبغ المسلمون في العلوم الفلكية والرياضية وفنون الملاحة. ويرجع إليهم الفضل في تحسين آلة رصد النجوم المعروفة باسم "الإِسطرلاب" واختراع البوصلة البحرية التي أطلقوا عليها "بيت الإِبرة".

ومن رواد المسلمين في جغرافية البحار والمحيطات سليمان التاجر الذي عاش في القرن الثالث الهجري ودوَّن ملاحظاته عن الخصائص والظواهر الطبيعية ومنها المد والجزر والأمواج، ومازالت مذكراته وملاحظاته محفوظة في مكتبة باريس بفرنسا تحت عنوان "رحلة التاجر سليمان".

ومن أشهر الجغرافيين المسلمين: ابن ماجد والإِدريسي اللذان دوّنا الكثير من المعلومات الجغرافية عن البحار.

على أن أهم مرحلة في تاريخ جغرافية البحار هي عصر الكشوف الجغرافية، فقد كشفت رحلتا "كولمبس" و"ماجلان" النقاب عن أكبر محيطين في العالم وهما المحيط الأطلسي والمحيط الهادي ووفرتا بعض المعلومات عن أبعادهما ومساحتهما وأعماق بعض الأماكن فيهما.

ومنذ القرن الثامن عشر الميلادي تزايدت المعلومات البحرية وتعددت الخرائط الملاحية الدقيقة كخرائط الطرق البحرية وخرائط الأعماق والشطوط والشعاب وغيرها. كما أدى الاهتمام بمد الأسلاك التلفونية في أعماق المحيطات في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي إلى الاهتمام بجغرافية البحار والمحيطات.

ومن أكثر الشعوب مساهمة في هذا المجال الهولنديون والفرنسيون والإِنجليز والأمريكان والسوفيت.

وقد أضافت الأبحاث الجغرافية البريطانية في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي الكثير من المعلومات فيما يتعلق بمظاهر تضاريس الأعماق مثل الحاجز التضاريسي أو السلسلة الجبلية الفقارية التي تقسم المحيط الأطلسي إلى حوضين أحدهما شرقي والآخر غربي، واكتشفت البعثات البحرية البريطانية كذلك خندق "ماريانا" في المحيط الهادي والذي يبلغ عمقه حوالي 4475 قامة، والذي يعد من أعظم الأعماق المعروفة حتى الآن.

(ب) الجغرافيا الفلكيــة

قال الله تعالى:

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَآءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي اْلسَّمَواتِ وَالأَرْضِ لأيَدتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ} [سورة يونس الآيات 5-6].

ميادينهــا:

الجغرافيا الفلكية فرع من فروع الجغرافيا الطبيعية تدرس الأرض على أنها كوكب من كواكب المجموعة الشمسية وتدرس كذلك خصائصها الفلكية من حيث البعد عن الشمس وعلاقتها بها، كما تدرس دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس التي هي الأخرى تجري بتقدير العزيز العليم.

تطور الجغرافيا الفلكية:

بدأ اهتمام الإِنسان بالظواهر الفلكية قبل أن يهتم بالأرض التي يعيش عليها إذ أنه لاحظ الشمس والقمر والنجوم في كل يوم فأخذ يتساءل محاولا التفسير والتعليل لما يرى.

ويرجع اهتمام المصريين بالأجرام السماوية إلى أبعد العصور من قبل أن يبدأ التاريخ وساعدهم على ذلك صفاء سمائهم ويقال إن "توت" الطبيب الحكيم المصري وضع تقويماً على أساس السنة الشمسية أي 4/ 1 365 يوم، كما قسم الشهر المكون من ثلاثين يوما إلى ثلاثة "دياكين" وقسم كل "ديكان"[1] إلى عشرة أيام، وقسم اليوم الواحد إلى عشر ساعات وكل ساعة مائة قسم ثم قسم كل قسم إلى مائة قسم أصغر. ويرجع تاريخ هذا التقويم إلى عام 4236 ق. م.

ولقد اهتم البابليون بالفلك اهتماماً كبيراً فنبغوا في الأرصاد الفلكية وبنوا الأبراج المدرجة لمراقبة النجوم.

وقسم البابليون الشهر إلى أسابيع على أنهم كانوا يجعلون اليوم الأول من كل شهر هو بداية الأسبوع الأول لهذا الشهر، والبابليون هم كذلك أول من قسم اليوم إلى أربع وعشرين ساعة كما قسموا الساعة إلى ستين دقيقة والدقيقة ستين ثانية، وحاول البابليون تفسير ظاهرة الفصول الأربعة لكنهم لم يتوصلوا إلى ذلك.

أما الفينيقيون فقد استعانوا بالنجم القطبي كدليل ومرشد لهم في أسفارهم البحرية بالليل.

ويعد فيثاغورس من أبرع الفلكيين الإِغريق، فهو يرى أن العدد الكامل هو العشرة لأنه يضم جميع وحدات الأعداد وبناء على ذلك فإن الكواكب لابد أن تكون عشرة.

واعتقد "أرسطو" أن العالم كروي الشكل لأن الدائرة أكمل الأشكال.

أما أول من حاول قياس محيط الكرة الأرضية على أساس رياضي فهو "إيراتوسثين" الذي ولد في مدينة "سيرينٍ" في برقة بليبيا وعاش بها فترة حياته ثم استدعي إلى الإِسكندرية وعمل أميناً لمكتبتها الشهيرة لمدة 28 سنة.

ولقد اقتصرت أبحاث الرومان الفلكية على دراسة الأرض على أسسٍ فلكية ورياضية وقد قام الرومان بتقدير حجم الشمس وِبُعْدِهَا تقديراً قريباً من الحقيقة ووصلوا إلى أن القمر أرض وأنه قريب جداً من الكرة الأرضية وأصغر منها حجماً.

ويعتبر بطليموس "إغريقي الأصل" في العصر الروماني أول من استخدم اصطلاحات خطوط الطول ودوائر العرض بمعناها الحقيقي، وقد جعل بطليموس خط الاستواء هو دائرة العرض الأساسية، أما بالنسبة لخط الطول الأساسي فقد جعله بطليموس يمر بجزر كناريا في المحيط الأطلسي وكانت تعرف آنذاك بالجزر السعيدة أو جزر السعادات.

الجغرافيا الفلكية عند العرب:

بدأ اهتمام العرب بمتابعة الظواهر الفلكية منذ أزمان بعيدة فعرفوا المجموعات النجمية المختلفة وأطلقوا عليها الأسماء التي استعارتها جميع اللغات العالمية في وقتنا الحاضر.

ماذا أضاف المسلمون والعرب للمعرفة الفلكية؟

1- ابتكر العرب آلة "ذات الأوتار" لتحديد الزمن في العروض المختلفة.

2- اخترع العرب المزاول الشمسية المتنوعة لمعرفة الزمن.

3- اخترعوا أنواعاً من البوصلة.

4- طور العرب آلة الاسطرلاب (شكل: 10 أ، ب).

5- اختراع آلة ذات السمت والارتفاع لتحديد زوايا الارتفاع ومعرفة ارتفاع السمت.

6- تصحيح أخطاء بطليموس الفلكية ومن الذين قاموا بهذه التصحيحات ثابت بن قرة.

7- اقترضت اللغات الأوربية مئات الأسماء العربية للنجوم والكواكب.

8- نبغ العرب في رصد الكواكب والنجوم ووضع الفلكية المعروفة باسم (الزيج). وقد انتشرت المراصد[2] في أنحاء الدولة الإِسلامية وحظيت باهتمام الخلفاء المسلمين- خاصة في عهد الدولة العباسية انظر شكل (11).

(جـ) علم الخرائط

قال الله تبارك وتعالى:

{وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَآ. أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا. وَالْجِبَالَ أَرْسَلهَا. مَتاعاً لَّكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ} [سورة النازعات الآيات 30- 35].

أهمية الخريطة في العصر الحديث :

الخريطة هي محاولة لتمثيل سطح الأرض أو جزء منه على لوحة مستوية كما لو كانت ترى من مكان عال، وذلك لتمثيل بعض الظاهرات الطبيعية والبشرية وغيرها ذلك تبعاً لنسبة معينة يطلق عليها مقياس الرسم.

ولقد تقدم فن رسم الخرائط بحيث ظهرت خرائط مجسمة لإِبراز مظاهر السطح من جبال وسهول وهضاب وتلال. وفي هذه الخرائط المجسمة نجد مبالغة كبيرة في تمثيل الجبال وذلك وفقاً لمقياس رسم الخريطة.

ويطلق على العلم الذي يهتم بفن رسم الخرائط ووضع أسسها اسم "علم الخرائط" أو " الكارتوغرافيا" Cartohraphy.

وقد أصبحت الخريطة وسيلة حضارية مهمة لا يستغنى عنها أي فرع من فروع المعرفة، فهي وإن كانت لازمة للجغرافي فهي لازمة كذلك للاقتصادي والمهندس والجيولوجي، ورجال التخطيط والقادة العسكريين وغيرهم. ولا يكاد يخلو بيت من مصور جغرافي يتتبع أهل البيت موقع الأحداث المهمة في العالم. كذلك لا تخلو دور الصحف في الدول المتقدمة من متخصص في رسم الخرائط وذلك لأهميته في إعداد الخرائط المتعلقة بإبراز أماكن الأحداث المهمة على صفحات الصحف. وتولي الدول جميعها اهتماماً كبيراً بالخرائط.

تطـور علـم الخرائط :

حاول الإِنسان منذ أقدم العصور أن يمثل المظاهر المحيطة به من طرق أو تلال بنسبة صغيرة تمكنه من فهم العلاقة المكانية من مجرد نظرة ومن هنا نشأت الخريطة. ولقد تمكن الإِنسان من رسم ما يمكن أن نطلق عليه خريطة قبل أن يتوصل إلى اختراع الكتابة، ولقد أكد هذه الحقيقة الرحالة والمستكشفون فيما قالوه من أنهم وجدوا شعوباً بدائية لم تصل بعد إلى مرحلة الكتابة ولكنها تستعين بأنواع من الخرائط. وأبسط أنواع الخرائط هي تلك الخطوط التي ترسم على الرمال أو التراب بعود من الأشجار أو بالإِصبع للإِشارة إلى مكان أو طريق ويبدو أن أقدم الخرائط المعروفة حتى الآن هي تلك المعروضة في متحف جامعة هارفارد، وهي عبارة عن لوحة صغيرة من الصلصال وتمثل وادياً نهرياً في شمال العراق. يرجع عمرها إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد وترجع إلى البابليين. (شكل 12).

أقدم خريطة في العالم

ويعد المصريون القدماء أول من استخدم القياس في رسم الخرائط وذلك عندما اتسعت امبراطوريتهم وتطور نظام الضرائب، سعوا إلى قياس المساحات لتحديد مقدار تلك الضرائب. وكان مسح الأراضي الزراعية يتم عقب كل فيضان. ومن المعروف أن نظام قياس وتحديد حدود الإِمبراطورية المصرية بدأ في عهد رمسيس الثاني (1333-1300 ق. م). ومن الخرائط المصرية القديمة التي مازالت موجودة خريطة لمنجم ذهب في النوبة وهي الآن في متحف "تورين".

كما نبغ الصينيون القدماء في رسم الخرائط وقد جاءت أول إشارة إلى الخريطة في الأدب الصيني في سنة 727 ق. م، وبعد اختراع الورق سنة 100م انتشرت الخرائط المحلية في كل أنحاء الإِمبراطورية الصينية.

ويرجع الفضل في وضع الأساس الحالي لعلم الخرائط إلى الإِغريق الذين عرفوا شكل الكرة الأرضية وقطبيها وخط الإِستواء والمدارين.

ويعتبر ايراتوسثين (276-194 ق. م) أول من قام بعمل رياضي لقياس محيط الأرض حينما لاحظ أن الشمس كانت عمودية عند الظهيرة على قرية (سيين) الواقعة على مدار السرطان بالقرب من أسوان وذلك في 20- 22 يونيو، وفي نفس الفترة لاحظ أن ميل أشعة الشمس عند التعامد يزيد على 7 درجات قليلاً في الإِسكندرية وعلى أساس تقدير المسافة بين الإِسكندرية وأسوان تمكن ايراتوسثين من تقدير محيط الكرة الأرضية (راجع شكل 3).

وفي العصر الروماني حاول بطليموس في القرن الثاني الميلادي وضع أساس لرسم الخرائط في كتابه "الجغرافيا" وقد تضمن هذا الكتاب خريطة للعالم المعروف دوّن عليها ثمانية آلاف موقع ومدينة وحدد درجات الطول ودوائر العرض لكل مدينة منها، كما شرح فيه طريقة خطوط الطول ودوائر العرض. كما سبقت الإِشارة إليه.

المسلمون وعلـم الخـرائط :

على الرغم من أن العلماء المسلمين قد أخذوا الكثير في رسم خرائطهم عن بطليموس إلا أنهم لم يكونوا عبيد أفكاره أو أسرى آرائه بل تقدمت معرفتهم تقدماً كبيراً عما كانت عليه أيام بطليموس. ويعد العرب من أول الأقوام الذين استخدموا الخرائط في تعليم الجغرافيا بالمدارس.

ومن أول الذين رسموا الخرائط من العلماء العرب (الخوارزمي) الذي وضع كتاب "صورة الأرض" وزوده بالخرائط التوضيحية. وعلى الرغم من أنه قد تأثر بخريطة بطليموس إلا أنه لم يرسم شبكة خطوط الطول ودوائر العرض. ولقد أعد "الخوارزمي" كذلك خريطة للنيل، وعاونه في إخراجها سبعون رجلاً من رجال العلم في عصر المأمون.

ومن العلماء العرب الآخرين الذين اهتموا بالخرائط "البلخي" الذي رسم مصوراً جغرافياً للعالم، وكذلك "الاصطخري" و"المقدسي" الذي رسم الطرق المعروفة باللون الأحمر، والرمال باللون الأصفر، والبحار المالحة باللون الأخضر، والأنهار باللون الأزرق، والجبال المشهورة بالغبرة، وذلك على حد قوله، ليتيسر فهم هذه الأوصاف من كل واحد.

أما (البيروني) فقد عمل خريطة مستديرة للعالم وابتكر طريقة لتصميم خرائط السماء والأرض ورد ذكرها في كتابه "تسطيح الصور وتبطيح الكور". وكان الإِدريسي بحق من أشهر صناع الخرائط المشهورين، فقد قيل أنه أعد سبعين خريطة للمناطق التي ورد ذكرها في تقسيمه للأقاليم. وكذلك أوضح هذه الأقاليم السبعة على كرة من الفضة، كما رسم كذلك خريطة للعالم على لوح كبير من الفضة.


القسم الثالث الجغرافيا البشرية

وتتناول دراسة كل ما ينتج عن علاقة الإِنسان ببيئته وتفاعله معها. وتنقسم الجغرافيا البشرية إلى فروع متعددة مثل: جغرافية السلالات، والجغرافيا الاجتماعية وجغرافية المواصلات والمدن، والجغرافيا الاقتصادية، وغيرها.

وفيما يلي دراسة لبعض فروع الجغرافيا البشرية.


( أ ) الجغرافيا الاجتماعية

قال تعالى:

{وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزواجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَل بَينَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. وَمِنْ ءَايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَلوَاتِ وَالأَرْضِ واخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَلِمِينَ} [سورة الروم الآيات 21- 22].

تعريف الجغرافيا الاجتماعية:

الجغرافيا الاجتماعية فرع من فروع الجغرافيا البشرية يدرس توزيع المجتمعات الإِنسانية وبيئاتها، ومدى تأثر هذه المجتمعات بالظروف الطبيعية، وعلاقة توزيع الظاهرات الإِجتماعية كالسكان والمدن والقرى بالظروف الجغرافية العامة.

تطور الجغرافيا الاجتماعية:

ظهر في كتابات الجغرافيين الإِغريق بعض الاهتمامات بأحوال البلاد الإِجتماعية التي وصفوها وكتبوا عنها، ومن أمثلة ذلك ما جاء في كتاب "الجو

والماء والأقاليم" الذي وضعه هيبوقراط (420 ق. م) حيث أشار إلى الاختلافات بين سكان الأقليم الجبلية الذين يتميزون بالشجاعة وبين سكان السهول الجافة الذين يتصفون بالنحافة وفيهم طبيعة السيادة والإِمارة.

وقد أوضح أرسطو في كتابه "السياسة" أن هناك نوعاً من الارتباط بين المناخ وبين طبائع الشعوب.

وواضح من هذين المثالين محاولة الربط بين الإِنسان وبيئته.

وتعد مقدمة ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي أول دراسة على أسس علمية منظمة في الجغرافيا الاجتماعية حيث تكلم فيها عن العمران البشري، وأن الربع الشمالي من الأرض أكثر عمراناً من الربع الجنوبي. وقد أشار كذلك إلى أثر المناخ في طبائع الشعوب وألوان بشرتهم.

وفي القرن الثامن عشر الميلادي ظهرت كتابات مونتسكيو وهي بحق أعظم ما كُتِبَ بعد مقدمة ابن خلدون، وقد جمع مونتسكيو آراءه في كتابه "روح القوانين" الذي اعتبر فيه أن الإِنسان كائن فرد تقابله قوتان كبيرتان هما الأرض أو التربة، والمناخ، ويرى أن التربة الفقيرة تؤدي إلى قيام حكومة شعبية والتربة الخصبة تؤدي إلى قيام حكومة ارستقراطية، ولم يوضح مونتسكيو كيف يتم ذلك، وفي القرن التاسع عشر الميلادي كانت كتابات رتر Ritter الذي أوضح تأثير الإِنسان في البيئة وبَيَّن أنه لا يقل عن تأثيرها فيه، وأوضح في كتابه "الجغرافيا المقارنة" عند دراسته لقارة أوربا أثر البيئة البحرية في سكانها وأثر السواحل المتعرجة في تاريخها.

ومن رواد الجغرافيا الحديثة كذلك "همبولت" الذي اعترف في كتابه "العالم" بأن البيئة تؤثر في الإِنسان، ومن الأمثلة التي استعان بها وتدل على مقدرته العلمية في الاستنتاج ما أشار إليه بالقول: "حقاً أن سماء بلاد العرب الصافية قد استرعت نظر أبنائها وجذبتهم إلى دراسة نجومها وكواكبها وأجرامها".

ولعل "راتزل" من أول الذين وضعوا أساس الجغرافيا البشرية حين نشر مجلدين يحملان هذا العنوان سنة 1891،1882م.

ميادين الجغرافيا الاجتماعية :

تهتم الجغرافيا الاجتماعية بدراسة أربعة موضوعات رئيسة هي:

أولاً: توزيع السكان على سطح الأرض، وكثافتهم وارتباط ذلك بظروف البيئة الجغرافية وبيان أثر الجذور التاريخية والظروف الاجتماعية.

ثانياً: أساليب الحياة، ويقصد بذلك ما يقوم به السكان من حيث الاستفادة بموارد بيئتهم الطبيعية ويختلف بالطبع أسلوب الحياة في المناطق الباردة عن المناطق الحارة وهناك تداخل بين هذا الموضوع وبين الجغرافيا الاقتصادية.

ثالثاً: تطور المجتمعات البشرية من حرفة الجمع إلى الصيد فالرعي ثم الزراعة والصناعة.

رابعاً: دراسة مظاهر العمران البشري وتجمعه في القرى والمدن ومناقشة الظروف الجغرافية التي ساعدت على نشأة تلك القرى أو المدن.

وتستفيد الجغرافيا الاجتماعية بطبيعة الحال من علمٍ الاجتماع وفروعه المختلفة، كما تستفيد كذلك من علم الاحصاء وخصوصا فيما يتعلق بدراسة السكان وتوزيعهم وكثافتهم.

(ب) جغرافية الأسماء

قال الله تبارك وتعالى:

{وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأسْمآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَئِكَةِ فَقَالَ أَنبئُونِى بأَسْمآءِ هؤُلآءِ إن كُنُتْم صَادِقِينَ. قَالُواْ سُبْحَانَك لاَ عِلْمَ لَنآ إِلاَّ مَا عَلًّمْتَنآ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. قَالَ يَا ءَادَمُ أَنبِئْهُم بأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بأَسْمَآ ئهِمْ قَالَ أَلمْ أَقُل لَّكُمْ إنِّىَ أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكتُمُون} [سورة البقرة الآيات 31-33].

"جغرافية الأسماء" أو "علم الأسماء الجغرافية" Toponymy هو فرع من فروع الجغرافيا.

ويهتم هذا العلم بالأسماء الجغرافية من حيث:

أولاً: دراسة الأسماء وأصل اشتقاقها.

ثانياً: تحقيق الأسماء من حيث النطق ومن حيث المواقع التي تطلق عليها.

ثالثاً: دراسة تطور الأسماء الجغرافية إذ أن كثيراً من المدن والأقطار لم تكن تحمل أسماءها الحالية بل أنها كانت تحمل أسماء أخرى.

أما بالنسبة لأصل اشتقاق الأسماء الجغرافية فنذكر على سبيل المثال:

1- كلمة "ارتوازية" اشتقت من كلمة فرنسية هي ارتوا Artois وهي من أقدم المقاطعات الفرنسية التي حفرت بها الآبار.[3]

2- كلمة "البراري" كلمة فرنسية بمعنى الأعشاب.

3- كلمة "البامبا" كلمة أطلقها الهنود الحمر على الحشائش.

4- اسم نهر "غواديانة" في جنوب غرب إسبانيا محرفة عن تسمية العرب له "الوادي اليانع".

5- كلمة "صحاري" و"وادي" كلمتان عربيتان تردان في اللغات الأجنبية للدلالة على نفس المعنى.

6- اسم مدينة "فالادوليد" في إسبانيا أصله عربي من "بلد الوليد".

7- يقال أن "دمشق" سميت كذلك لأنهم دمشقوا في بنائها أي أسرعوا.

أما بالنسبة لتحقيق الأسماء من حيث النطق ومن حيث الموقع والمكان فنجد أن العرب قد ألفوا الكثير من المعاجم في هذا الموضوع. فمثلاً يذكر ياقوت الحموي أنه لما كان في "مرو" عرضت قضية تتعلق باسم مكان هل هو "حُباشة" بضم الحاء أم "حبَاشة" بالفتح، فأرتأى ياقوت إنه بالضم وخالفه الآخرون، فأراد أن يثبت صحة ما ذهب إليه بالنقل عن العلماء فعمل في خزائن الكتب هناك طويلاً فلم يجد بغيته "وإن كان قد تثبت من الأمر بعد ذلك بمدة طويلة" فكانت هذه الحادثة دافعاً له على وضع المعجم.

ومن الكتب التي تتبعت أسماء البلاد وتحديد أماكنها كتاب "مراصد الأطلاع في أسماء الأمكنة والبقاع" لابن عبد الخالق وإن كان قد نقل كثيراً عن معجم البلدان لياقوت الحموي.

ويذكر أبو الفدا: (في كتابه "تقويم البلدان" أن نهر حماه يسمى "الأرنط" و "النهر المقلوب" لجريه من الجنوب إلى الشمال، ويسمى "العاصي" لأن غالب الأنهار تسقي الأراضي بغير دواليب ولا نواعير بل بأنفسها تسقي البلاد ونهر حماه لا يسقي إلا بنواعير تنزع منه الماء). ويقصد أبو الفدا بذلك أن النهر يعصي على أن يسقي الأرض من تلقاء نفسه.

ويقول "القلقشندي" في كتابه "صبح الأعشى": مدينة مراكش بفتح الميم وتشديد الراء المهملة وفتحها وألف ساكنة ثم كاف ثم شين معجمة.

وتهتم جغرافية الأسماء كذلك بتتبع أسماء الأقطار والمدن والظاهرات الجغرافية وتطورها مثال ذلك:

1- (البحر المتوسط) كان يطلق عليه بحر الروم، وبحر الشام والبحر الأبيض المتوسط، وأصبح الإِتجاه الحالي في التسمية البحر المتوسط، وتأثر هذا الاتجاه بعاملين الأول أن هناك بحراً أبيضَ آخر في شمال غرب الاتحاد السوفيتي، والثاني الترجمة الحرفية لتعبير Mediterranean أي وسط الأرض.

وقد تمت بعض المحاولات لإِختصار تسمية البحر المتوسط بحيث تصبح "البحر سط" فنقول مناخ "بحر سطي" أي بحر متوسط ولكن هذا التعبير لم ينل حظاً كبيراً من التداول.

2- مثال آخر لتطور الأسماء "جبل طارق" الذي يُطلق عليه قبل الفتح الإِسلامي "أعمدة هرقل" ثم أصبح معروفاً باسم "جبل الفتح " ثم أطلق عليه "جبل طارق".

3- كانت الجزيرة التي تقع جنوب شرق الهند تعرف باسم "سرنديب" أصبحت التسمية "سيلان" وتغيرت التسمية مرة أخرى فصارت تعرف باسم "سيرالانكا".

(جـ) الجغرافيا الاقتصادية

قال الله تبارك وتعالى:

{أَلمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ في الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فًترَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِى الأَلْبَابِ} [سورة الزمر آية 21].

الجغرافيا الاقتصادية هي فرع من فروع الجغرافيا البشرية تتناول بالدراسة اختلافات الموارد الطبيعية على سطح الأرض، وأوجه نشاط الإِنسان الإِنتاجية والتبادلية والإِستهلاكية مع تحليل هذه الاختلافات وإبراز أثر الظروف الطبيعية في ذلك.

تطور الجغرافيا الاقتصادية:

عنيت الشعوب القديمة بذكر محصولاتها الزراعية وموارد ثرواتها الاقتصادية ومن بين هذه الشعوب المصريون القدماء والإِغريق، ومن يتابع نقوش المصرين القدماء يستطيع أن يلم بأوجه نشاطهم الاقتصادي وأهم حاصلاتهم الزراعية.

وقد أفاض الجغرافيون المسلمون في وصف الطرق والمسالك والحاصلات المتنوعة التي تنتجها الأقاليم المختلفة. ولقد تناول (ابن خرداذبة) في كتابه "المسالك والممالك" أهم طرق التجارة في العالم الإِسلامي كما تناول (الهمداني)[4] في كتابه "صفة جزيرة العرب" أهم منتوجات الجزيرة العربية الزراعية والحيوانية والمعدنية وأهم الطرق. كما تناول (المقدسي) في كتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" وصف الأقاليم الإِسلامية وجاء في هذا الوصف ذكر (مكاييلهم وأوزانهم ونقودهم وصروفهم وصفة طعامهم وشرابهم وثمارهم ومياههم).

ولقد ساهمت الكشوف الجغرافية في اتساع مجال الجغرافيا الاقتصادية، إذ أن الرحالة والمكتشفين استطاعوا أن يصلوا إلى بيئات مختلفة متنوعة الإِنتاج، فمثلاً بعد اكتشاف أمريكا الجنوبية عُرفت محاصيل مثل البطاطس والمطاط والذرة والكسافا لأول مرة فُنقِلَت إلى منَاطق أخرى من العالم حيث جادت زراعتها.

وساعدت الكشوف الجغرافية كذلك على التبادل التجاري بين الأقطار المختلفة التي يتنوع انتاجها بحسب ظروفها الطبيعية.

ولقد ظلت الجغرافيا الاقتصادية حتى عام 1882م تعرف باسم (الجغرافيا التجارية). ومنذ ذلك التاريخ صارت تعرف باسم (الجغرافيا الاقتصادية) وأصبحت الجغرافيا التجارية لا تعدو سوى جانباً من جوانب الجغرافيا الاقتصادية.

ميادين الجغرافيا الاقتصادية:

اتسعت ميادين الجغرافيا الاقتصادية حديثاً وتعددت فروعها الثانوية على أنها تهتم بدراسة إنتاج الإِنسان من حرفه الرئيسي الست وهي (الزراعة- الرعي- قطع الأشجار- الصيد- التعدين- الصناعة) وتهتم كذلك بالتبادل التجاري الذي يؤدي إلى زيادة قيمة السلع عن طريق تغيير أماكنها.

وتهتم دراسة الجغرافيا الاقتصادية بالاستهلاك وهو استعمال السلع لسد حاجات الإِنسان.

ولقد ظهرت فروع عديدة متنوعة للجغرافيا الاقتصادية مثل "الجغرافيا الزراعية"، و"جغرافية الإِنتاج الحيواني" و"الجغرافيا الصناعية"، و"النقل"، و"جغرافية الأسواق" و"الجغرافيا السياحية".

وتختلف دراسة الجغرافيا الاقتصادية عن علم الاقتصاد، في أنها تدرس توزيع الغلة توزيعاً جغرافياً، وتحدد مناطق الإِنتاج، وتبين أثر الظروف الطبيعية من تربة وسطح ومناخ في الإِنتاج ثم تقارن بين مناطق الإِنتاج المختلفة وتوضح لماذا يتفوق إقليم على آخر في الإِنتاج أو لماذا يقل الإِنتاج في منطقة معينة، وتدرس مراكز الاستهلاك وطرق النقل وتقارن بين وسائل النقل المختلفة وتعلل اختيار وسيلة دون أخرى.

أما علم الاقتصاد فإنه يهتم بإنتاج الغلة وتجارتها واستهلاكها وأسواق الاستهلاك والأسعار ويعتمد في دراسته على الأرقام اعتماداً كبيراً.

والجغرافيا الاقتصادية بفروعها المختلفة ومناهج البحث التي تتبعها في دراسة الإِنتاج والثروات الطبيعية، وتهدف إلى تحسين الإِنتاج وزيادته وخفض تكاليفه لتحقيق الرخاء للإِنسان.

(د) جغرافية المواصلات والمدن

قال الله تبارك وتعالى:

{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرىً ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِىَ وَأَيَّاماً ءَامِنِينَ. فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَين أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوَاْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَاتٍ لكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [سورة سبأ الآيتان 19،18].

أولاً: جغرافية النقل والمواصلات:

يلعب النقل والمواصلات دوراً بالغ الأهمية من الناحية الاجتماعية ذلك أن المواصلات قد يسَّرت الاتصالات بين الشعوب وقربت المسافات بحيث أصبح العالم يبدو صغيراً.

تطور الاهتمام بدراسة النقل والمواصلات:

اهتمام الإِنسان بالنقل والطرق والمواصلات اهتمام قديم قِدَم الإِنسان نفسه. ولقد لعبت الطرق دوراً كبيراً في ربط أجزاء الإِمبراطوريات القديمة.

ومن المعروف أن العرب قد اهتموا كثيراً بالمواصلات والطرق منذ زمن بعيد، فالقرآن الكريم يذكر رحلة الشتاء والصيف، شتاء إلى اليمن وصيفاً إلى الشام.

وسائل النقل :

تتنوع وسائل النقل تنوعاً كبيراً من جهة إلى أخرى بسبب تنوع السلع وتنوع المستوى الحضاري. ففي بعض جهات العالم لازالت عملية النقل تتم على أكتاف الإنسان أو بمساعدة الحيوان مثل "الحمير والبغال والخيل والثيران والإِبل والفيلة"، وفي المناطق شبه القطبية تستخدم "الرّنة". وتستخدم السفن والسيارات والقطارات والطائرات في وقتنا الحاضر بكثرة في عمليات النقل المختلفة.

وبالنسبة للنقل المائي فإنه ينقسم إلى نقل نهري وبحري. ويقوم النقل الجوي بنقل البريد والبضائع خفيفة الوزن.

وجغرافية النقل والمواصلات تعد جزءاً من دراسة الجغرافيا الاقتصادية وينقسم النقل إلى نوعين رئيسين هما :

( أ ) نقل اقتصادي من أجل تحقيق منفعة اقتصادية مثل نقل السلع التجارية من منطقة إلى أخرى فتزيد قيمتها عن طريق تغيير مكانها، وبديهي أنه لولا النقل لما نشطت ولما قامت التجارة بين أقطار العالم.

(ب) النقل غير الاقتصادي ويشمل حركة الأشخاص أو المواد لأغراض غير اقتصادية مثل الإِنتقال من أجل النزهة أو السياحة ومثل النقل العسكري. ويكون لهذا النوع من النقل في بعض الأحيان فوائد اقتصادية ولكنها غالباً ما تكون غير مباشرة.

ثانياً: جغرافية المدن "الجغرافيا الحضرية":

جغرافية المدن أو الجغرافيا الحضرية هي فرع من الجغرافيا البشرية تدرس المدن من حيث النشأة والموقع والنمو والوظائف والإِقليم الذي تخدمه.

وتفيد جغرافية المدن في التخطيط الإِقليمي. والمدينة ظاهرة جغرافية قديمة قدم المدنية نفسها ومن هنا كانت العلاقة بين لفظ المدينة والمدنية.

تطور دراسة جغرافية المدن :

تهتم جغرافية المدن حالياً بدراسة موقع المدينة، ووظيفة المدينة وتركيبها، ولقد اتسعت دراسة جغرافية المدن بعد الحرب العالمية الثانية لتساهم في تخطيط المدن التي دمرتها الحرب فظهر فرع جديد هو تخطيط المدن، وليس معنى ذلك أن تخطيط المدن وليد فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إذ أن الشواهد التاريخية تدل على أن تخطيط المدن كان موجوداً عند المصريين القدماء، وعند الإِغريق والرومان. ولعل أقدم مدينة يظهر فيها التخطيط هي المدينة التي أنشأها أخناتون سنة 1370 ق. م. وعرفت باسم "أخناتون".

ولقد اهتم الجغرافيون المسلمون بدراسة المدن اهتماماً كبيراً. وقد تعرض (ابن حوقل) في كتابه "صورة الأرض" لوصف الكثير من المدن مثل قرطبة وفاس، وقد ذكر (القلقشندي) في كتاب "صبح الأعشى" معظم المدن الموجودة على بحر الروم (البحر المتوسط).

ولقد تضمنت (مقدمة ابن خلدون) حديثاً عن البدو والبداوة وعلاقة ذلك بالحضر. وقد تناول ابن خلدون موضع نشأة المدن والأمصار وما يجب مراعاته، في أوضاع المدن وما يحدث إذا غفل عن تلك المراعاة أي ضرورة حمايتها بالأسوار وتوخي المواقع الطبيعية لذلك. وضرورة ابتعادها عن المستنقعات والمياه الراكدة. ومن دراسة ما كتبه ابن خلدون في الفصل الرابع من مقدمته نجد أنه تلاقى في كثير من آرائه مع الآراء الحديثة في جغرافية المدن.

العلاقة بين المدينة والطرق:

هناك ارتباط وثيق بين المدينة وبين الطرق فبعض المدن أوجدت طرقاً وبعض الطرق أدت إلى إنشاء المدن.

ولقد أوجدت مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية العديد من الطرق التي تربطها بسائر أجزاء المملكة، ومن أمثلة ذلك خط السكك الحديدية إلى الظهران والدمام، وكذلك الطرق المعبدة الحديثة التي تتفرع منها في كل اتجاه.

القسم الرابع: الجغرافيا الإِقليمية

قال الله تبارك وتعالى:

{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَين يُغْشِى الَّيْلَ النَّهَارَ إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الرعد آية 3].

تهدف الجغرافيا الإقليمية إلى إظهار الشخصية الجغرافية للإِقليم. والإِقليم هو عبارة عن منطقة أو مساحة من سطح الأرض تتميز بخصائص جغرافية خاصة تميزها عن غيرها من المناطق الأخرى المجاورة لها، وقد يكون الإِقليم جزءاً من دولة، أو قد يكون جزءاً من قارة، والإِقليم لا يرتبط بمساحة معينة وإنما يستند إلى خصائص جغرافية بارزة تجعله يختلف عن غيره من الأقاليم الأخرى.

ويجب أن نلاحظ أن انتماء منطقتين إلى إقليم معين لا يعني أن يكونا متشابهين أو متجانسين في جميع خصائصهما تماماً ولكنه في الأغلب قد تتشابه بعض العناصر الجغرافية لهاتين المنطقتين مثل (السطح أو المناخ أو النبات إلخ..) وهناك أسس متنوعة عديدة يمكن أن تكون أساس دراسة الجغرافيا الإِقليمية مثل:

( أ ) التضاريس: (اختلاف ارتفاع المنسوب عن مستوى سطح البحر - تنوع المظاهر التضاريسية).

(ب) المناخ: (استوائي - موسمي - بحر متوسط ... إلخ).

(جـ) النبات: (غابات - حشائش).

( د ) حرفة: (زراعة أو صناعة معينة...).

(هـ) وحدة سياسية أو إدارية.


تطور الجغرافيا الإِقليمية:

الجغرافيا الإقليمية هي أحد فروع علم الجغرافيا، وبدأ هذا الفرع منذ عصور قديمة ولكنه لم يكن قد توصل إلى صورة الجغرافيا الإِقليمية الحالية وإنما كان نوعاً من الوصف العام نتيجة رحلات تجارية أو حملات حربية.

وكان هذا الوصف يهدف إلى التعريف بالأقطار المختلفة من النواحي الطبيعية والبشرية دون تعليل أو تحليل.

ولعل أول بداية في مجال الجغرافيا الإِقليمية قد ظهرت في كتابات بطليموس في العصر الروماني حين اعتقد أن الجغرافيا يمكن تصنيفها من حيث مجال دراستها إلى قسمين: أحدهما دراسة إقليم معين من سطح الأرض، والآخر دراسة عامة للأرض.

ولقد أشار ابن خلدون إلى الجغرافيا الإِقليمية في قوله: "اعلم أن الحكماء قسموا هذا المعمور على سبعة أقسام من الشمال إلى الجنوب يسمون كل قسم منها إقليماً" ولقد تطورت الجغرافيا الإِقليمية في العصور الحديثة وتنوعت أسسها وأصبحت تمثل قمة الدراسات الجغرافية لأنها تعتمد على جميع فروع الجغرافيا الطبيعية والبشرية.



مزايا الجغرافيا الإِقليمية :

1- تهتم الجغرافيا الإِقليمية بإبراز شخصية الإِقليم وأهميته السياسية والاقتصادية.

2- تبرز أوجه الشبه والاختلاف بين كل إقليم وآخر.

3- توضح أهم المشكلات الاقتصادية أو الاجتماعية لكل إقليم.

4- تساعد كثيراً في عمليات التخطيط العمرانية والاقتصادية وغيرها.
--------------------------------------------------------------------------------

(1) الديكان مجموعة نجمية تظهر كل عشرة أيام متعاقبة.

(2) ( أ ) (مرصد المقطم) في مدينة الفسطاط بمصر وكان يجري عليه العالم الفلكي المسلم (ابن يونس المصري) أبحاثه ودراساته.

(ب) (مرصد جبل قاسيون)، على بُعد ميلين شمالي دمشق.

(جـ) (مرصد تدمر) الذي أسس سنة 216 هجرية وكانت تعمل فيه نخبة من علماء الفلك المسلين.

( د ) (مرصد باب الطوق) على نهر دجلة قرب بغداد. وإلى جانبه كان يوجد مرصد آخر في بغداد. (هـ) (مرصد أصفهان) الذي أسسه العالم الفلكي المسلم (أبو حنيفة الدنيوري)

( و ) مرصد سمرقند) شرقي الدولة الإِسلامية.

(3) يستشهد المعلم بأمثلة من بيئة الطلاب في جزيرة العرب مستعيناً في ذلك بالمراجع التالية:

معجم البلاد العربية السعودية للأستاذ حمد الحاسر

معجم البلدان لياقوت الحموي.

مجلة الدارة العدد الرابع محرم 1399هـ.

(4) هو ابن الحائك الهمداني توفى في صنعاء باليمن سنة 334هـ ـ 945م.

[/SIZE]


منقول من موقع
http://membres.lycos.fr
لتعم الفائدة

Mohamed Hashem
06-12-2009, 05:07 PM
الله
حبى الوحيد الجغرافيا

مش ممكن.. محدش عرف يقولها قبلك
استاذ والله
وحتبقى رئيس قسم مش هزار لان اللى يحب علمه وشغله كده حيوصل
تحيه جليلة لحضرتك ومش عارف اقول حاجه اكتر من كده

esraa
06-12-2009, 05:26 PM
الله ينور استاذى



مجهود راااااااااائع .......




و دى حاجه مش غريبه على حضرتك




يا رب دائما .......

Marwa Mahmoud
06-13-2009, 04:40 PM
بحييك استازى الفاضل على الموضوع اكثر من رائع

بشكرك جداا على مجهوداتك الجميلة دى

بارك الله فيك

samomran
06-14-2009, 01:06 AM
شكرا ليك استاذ محمد

و فعلا مجهود فوق الرائع

و الجغرافيا حبنا كلنا

ALY ELSAYED
06-29-2009, 05:42 AM
الله ينور يا استاناعلي مجهودك الرائع

جزاك الله كل خير

Soma
06-29-2009, 10:27 AM
الله ينور عليك فعلا
وان شاء الله حتتقدم كتير فى مجالك عشان حبك الكبير ليه
اللى بيحب حاجة بيحب كمان يطورها ويخليها احسن
جزاك الله كل خير

همسة
06-30-2009, 08:01 PM
بجد اروع ما يكون ان اتوقع ودة مش بعيد عليك يا بشمهندس وربنا يزيدك علم وتفيد من حولك ولا تنسانا من دعائك

mony
06-30-2009, 08:09 PM
أستاذ محمد بارك الله فيك

مجهود وموضوع أكثر من رائع



http://www2.0zz0.com/2009/06/30/18/806402888.gif

Ma7amed Adel
10-22-2009, 10:16 PM
مجهود رائع شكرا جدا لحضرتك