فترة الفتور ... فترة هادئة يخيم عليها الخمول ، والضعف ، والتكاسل ، هي فترة تمر على كل مؤمن ومؤمنة وكما جاء في الحديث الشريف "إنَّ الإيمان ليَخْلِق في جوف أحدكم كما يَخْلِق الثوب فاسألوا الله تعالى أن يجدِّد الإيمان في قلوبكم". ولكن تختلف مدتها من مؤمن لآخر ومن مؤمنة لأخرى ، ولا يلام عليها المؤمن إذ أنها ليست المشكلة ولكن التماطل فيها مع إدراكها والاستسلام لها يقذف بالمؤمن إلى صفوف الخاسرين وإلى دروب المعاصي وهذه هي المشكلة الكبرى ، أما الفائزون حقا هم من اعترفوا بما هم فيه من فتور ولم يأبهوا بما يقوله الناس واجتهدوا على أنفسهم لكي يضيقوا فترة الفتور الذين هم فيها حتى تضمحل وتنتهي.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لكلِّ عملٍ شِرَّة، ولكلِّ شِرَّة فترة، فمن كانت فترته إلى سنَّتي فقد أفلح، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك".
فالنشاط والرغبة لأدى الطاعات متلازمان مع التكاسل والخمول وذلك فطري وطبيعي شريطة ألا يؤدي هذا التكاسل إلى ترك الطاعات إجمالا والتوجه إلى طريق الهلاك وهو طريق الذنوب والمعاصي فليسترجع طاعاته من أحس بأن فتوره بدأ يسيطر عليه ، وليراجع عباداته التي تركها ، ويكون ذلك تدريجيا فمن كان يقوم الليل ثمان ركعات فليقومه ركعتين ، ومن كان يختم القرآن مرتين في الشهر فليختمه مرة ، وإلى غير ذلك من الطاعات التي اكتشف بأنه عاش حالة من الفتور والخمول والتقصير فيها.
ويعلم معظمنا قصة حنظلة مع أبي بكر عندما ذهبا للرسول فكان رد الرسول على حنظلة حين قال في نهاية الحديث الشريف " .... ولكن يا حنظلة ساعة وساعة " ، مما يؤيد بأن هناك فترة فتور ينبغي علينا أن نعيها كما وعاها حنظلة لا أن نتوه فيها إلى الأبد.
هناك حلول عديدة تعلمتها من هنا وهناك تساعد على التخلص من فترة الفتور واسترجاع الطاعات والعبادات كالاستعاذة من الشيطان الرجيم في كل وقت وحين ، وتذكر نعيم الآخرة والتغافل عن مغريات الدنيا وكذلك الدعاء الخالص لله سبحانه فإنه خيار سليم وحل معين إلى جانب تنويع العبادة فهو أمر مهم ومحفز على أداء العبادة بحنينية ورغبة صادقة وخالصة ، ولكن ليس بمقدوره القيام بهذه الأمور إلا من قويَ إيمانه ، وعلت هممه ، وصدقت عزائمه ، لأن غير ذلك سرعان ما ينهزم أمام الشهوات والملذات الدنيوية الزائلة وينسى ملذة الجنة الخالدة الباقية.
