واحد عرقسوس

واحد عرقسوس
ألا ليت الشباب يعود يوما بس اكون قابض جمعية , فالشباب هم نصف "الحاضر " في ميدان التحرير وكل " المستقبل " في ميدان التغيير .. وقد تعودت منذ 11 فبراير كلما حضرت القاهرة ان ازور قبري "عبد الناصر " و "السادات " فقد تخلى " حسنى " عن سلطاته للجيش وسوف يتخلى عن امواله للشعب , لكنه لم يحدد من المسؤول بعده عن زيارة قبور الزعماء , فعينت نفسي مؤقتا حانوتى مصر الجديدة .. وفي ميدان التحرير تجمع حولي بعض المحبين من الشباب ولاحظت ان عددهم اقل من اللذين تجمعوا حول بائع العرقسوس وطلبوا منى تحليل موقف سريع فاعتذرت لكنهم هددونى فقلت كما يقول المحللون الاستراتيجيون اللذين يظهرون على الشاشة وحول الرقبة (ان مصر .. ان مصر ) فصرخ في وجهي احد الشباب ( مالها مصر يا عم خلصنا ) فأكملت ( ان مصر تعيش حرب الخنادق التى تتصف بالبطء والملل والرتابة واكبر مثال على حرب الخنادق قبل ثورة مصر هو الحرب العالمية الاولى التى مات آخر جنودها الحقيقيين "باكلز " منذ شهور اثناء الثورة ,ومات اول جنودها الروائيين "موللر " والذي قال ان البقاء في الخنادق يجعل زرا لامعا في البدله اكثر قيمة من مجلدات الفلسفة , وان المهم ليس العقل بل طلاء الحذاء وليست الحرية بل الطاعه ، فلا احد يريد ان يغادر خندقه فالبعض عينه على مصر والبعض عينه على البرلمان والمظاهرات في الخنادق والؤتمرات في الفنادق والسلطة في البنادق والعرقسوس في الدوارق وحتى الاعداء في الحرب العالمية الاولى كانو يخرجون من الخنادق ويتبادلون التهاني ، لكننا مصرون على البقاء في الخنادق وتبادل الاتهامات ولعنت امامهم خنادق التخوين والتكفير ، فليس صحيحا ان كل من يطيل ذقنه لايستطيع ان يرسم على خده علم مصر وليس صحيحا ان كل من يطلب دولة مدنية " ابو لهب " وقلت اننا في انتظار واحد يلم الشمل ، واحد يعيد الانضباط ، واحد حاسم ، واحد حازم ، فقال لي احدهم : اذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون " ثم اشار على بائع العرقسوس وقال : " المتوفر الآن واحد عرقسوس"
جلال عامر