سلسلة مفاهيم مغلوطة- ثانياً:هل الإسكندر الأكبر هو ذو القرنين؟؟
السؤال الثاني: هل الإسكندر هو ذو القرنين أم غيره؟
الجواب: مما ساد وانتشر أن الإسكندر المقدوني هو ذو القرنين المذكور بقصته في سورة الكهف وقد ذكر هذا غير واحد من أهل التفسير منهم ابن جرير والفخر الرازي.[1]
وقد يستدل من يذهب إلي هذا القول بحديث يُنسب إلي النبي صلي الله عليه وسلم أنه سُئل عن ذي القرنين؟ فقال: "كان رجلاً من الروم سار إلي ساحل مصر وابتني مدينة الإسكندرية"، وهذا الحديث رواه ابن عساكر عن سعيد بن مسعود".
وقد علق الإمام ابن كثير علي هذا الحديث في تفسيره لسورة الكهف فقال: هذا حديث أورده ابن جرير وغيره وهو حديث فيه نكاره ولا يصح رفعه.أ.هـ
قال العلامة الألباني: وهذا حديث إسناده ضعيف مظلم، وفيه ضعيفان مجهولان.[2]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
ويظن البعض بأن ذا القرنين هو الإسكندر ابن فيلبس المقدوني وهذا جهل فإن ذا القرنين المذكور في القرآن كان قبل ذلك بمدة طويلة جداً، وقد بني ذو القرنين سد يأجوج ومأجوج، أما هذا المقدوني فقد ذهب إلي بلاد فارس ولم يصل إلي بلاد الصين فضلاً عن السد.أ.هـ
قلت: ومما يبن لنا أن ذا القرنين ليس هو الإسكندر المقدوني أمور منها:
1- ذو القرني ملك صالح طاف الأرض داعياً إلي الله قائماً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وكن ذلك قريباً من زمان إبراهيم عليه السلام، أما الإسكندر المقدوني فهو ملك من بلاد مقدونيا باليونان وكان يعيش في المائة الثالثة قبل ميلاد عيسي (300ق.م) وقد جاء إلي مصر وبني مدينة الإسكندرية وكان يُعظِّم آلهة الفراعنة حتي أطلقوا عليه "ابن الإله رع" وذلك لما زار واحة سيوة وقدَّم القرابين لمعبود المصريين القدماء "رع".
وبهذا يتضح البعد الشاسع بين ذي القرنين الذي عبَّد البلاد والعباد لله الواحد الأحد.... وبين الإسكندر المقدوني عابد الأوثان والأصنام وآلهة الفراعنة، " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"، "وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ"
فهل يستوي عابد الرحمن بعابد الأوثان؟
[1] قال الفخر الرازي: لما ثبت أن ذا القرنين قد ملك الأرض وثبت بالتاريخ أن هذا هو شأن الإسكندر المقدوني فقد وجب بالقطع أن المراد بذي القرنين إنما هو الإسكندر المقدوني.أ.هـ
[2] راجع السلسلة الضعيفة (1198)