الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ
http://www3.0zz0.com/2009/06/26/09/683656943.gif
الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ
الحمدُ للهِ الَّذي جعلَ الحياءَ مِنْ أعظمِ أخلاقِ الإسلامِ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْقَائِلُ جلَّ جلالُهُ :]وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[(الحديد 4) وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ أَرسلَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ القائلُ r:« إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ» ابن ماجه : 4171. اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ: فإنِّي أُوصِيكُمْ وإيَّايَ بتقوَى اللهِ جلَّ وعلاَ، قَالَ سبحانَهُ وتعالَى :]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة :21.
عبادَ اللهِ: إنَّ شأنَ الأخلاقِ فِي الإسلامِ عظيمٌ، فهيَ حصنُ الفردِ والأسرةِ والمجتمعِ، وقدْ حثَّ دينُنَا الحنيفُ علَى الخُلقِ الحسنِ, واعتبرَهُ مِنْ أثقلِ الأشياءِ فِي ميزانِ العبدِ يومَ القيامةِ، قَالَ النَّبِيُّ r:« مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ» الترمذي : 2002.
وجعلَ الإسلامُ حُسْنَ الخلقِ معيارَ الإيمانِ وعلامتَهُ، وجعلَ لحسنِ الخلقِ ميزاناً وعلامةً بهِ يقاسُ ويعرفُ، ألا إنَّ ذلكُمْ هوَ الحياءُ الَّذِي عدَّهُ الرَّسولُ r شعبةً مِنْ شُعبِ الإيمانِ، وجزءًا عظيمًا مِنْ أجزائِهِ, قالَ النَّبيُّ r:«الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ» مسلم : 50 .والحياءُ زينةُ الأخلاقِ يرفعُ منْ شأنِ صاحبِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« مَا كَانَ الْحَيَاءُ فِى شَىْءٍ إِلاَّ زَانَهُ ».
أيُّها المسلمونَ: إنَّ الحياءَ كلَّهُ خيرٌ، ولاَ يأتِي إلاَّ بخيرٍ في أمور الدين والدنيا، قالَ النبيُّ r:« الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ» البخاري : 5652 , مسلم : 53.
وقالَ r:« الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ »مسلم : 54 .وهوَ مرتبطٌ بالإيمانِ؛ فمَنْ نقصَ حياؤُهُ لَمْ يكمُلْ إيمانُهُ فعَنِ ابنِ عمرَ -رضيَ اللهُ عنهُمَا- قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ r:« الْحَيَاءُ وَالإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ». الحاكم في المستدرك 1/22 وقال: صحيح على شرط الشيخين.
وهوَ سِياجٌ منيعٌ مِنَ الوقوعِ فِي المعاصِي والمحرَّماتِ، وهوَ علامةُ حياةِ القلبِ، لأنَّ اقترافَ القبائِحِ والمنكراتِ يُذهِبُ الحياءَ، ويدلُّ علَى موتِ القلبِ، قالَ r :« إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ» البخاري : 3224.
أيُّها المؤمنونَ: إنَّ للحياءِ درجاتٍ يأخذُ بعضُهَا ببعضٍ، فينبغِي أنْ يكونَ حياءُ الإنسانِ مِنْ ربِّهِ، ثمَّ منَ النَّاسِ، وأمَّا حياؤُهُ مِنَ اللهِ الَّذي يعلمُ السِّرَّ وأخفَى، فيكونُ بفعلِ المأموراتِ واجتنابِ المحظوراتِ والبعدِ عنِ المحرَّماتِ، وحفظِ الجوارحِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:« إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْحَيَاءَ» مسند أحمد : 18453.
وكيفَ لاَ نستحيِي مِنَ اللهِ، وحقُّهُ علينَا عظيمٌ، ونحنُ نأكُلُ منْ خيرِهِ، ونعيشُ على أرضِهِ, ونستظِلُّ بسمائِهِ فهوَ أحقُّ أنْ يُستَحْى منهُ فلاَ يُقصَّرُ فِي طاعتِهِ, ولاَ فِي شكْرِ نعمتِهِ، وإذَا كانَ أحدُنَا يخجلُ مِنَ الإساءةِ إلَى منْ أسدَى إليهِ نعمةً صغيرةً فكيفَ لاَ يستعظِمُ تقصيرَهُ فِي حقِّ ربِّهِ الَّذي تغمرُهُ آلاؤُهُ, وأمَّا حياؤُهُ منَ النَّاسِ فيكونُ بكفِّ لسانِهِ عَنْ فُحْشِ القولِ، وحفظِ مروءتِهِ وسمعتِهِ عنْ كلِّ ما يُخِلُّ بِهَا كالبعدِ عَنِ الأذَى، وتركِ المجاهرةِ بالقبيحِ، ومخاطبةِ النَّاسِ بألفاظٍ بذيئةٍِ، وعدمِ التِّأدبِ معَ منْ يكبُرُهُ أو يعلِّمُهُ، وهذا كلُّهُ مِمَّا يقدَحُ في مروءتِهِ ويُسيءُ إلَى سمعتِهِ، ويُذْهِبُ بحيائِهِ.
قالَ الفضيلُ بنُ عياضٍ رحمَهُ اللهُ: مِنْ علاماتِ الشَّقاءِ: القسوةُ فِي القلبِ، وجمودُ العينِ، وقِلَّةُ الحياءِ
اللهمَّاهدنا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّى سَيِّئَهَا إِنَّهُ لاَ يَصْرِفُ عَنِّى سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، اللهمَّ جملنَا بالحياءِ برحمتِكَ يا أرحمَ الرَّاحمينَ. اللهمَّ وفِّقْنَا لطاعتِكَ وطاعةِ مَنْ أمرتَنَا بطاعتِهِ.
أقولُ قولِي هذَا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم فاستغفرُوهُ.
منقول من خطبة في الامارات العربية المتحدة يوم 19-6-2009م
يارب تنال اعجابكم
http://www3.0zz0.com/2009/06/26/09/689371843.gif