موضوع الخطبة : التسامح فى الاسلام
الحمد لله رب العالمين و الصلاه و السلام على اشرف المرسلين سيدنا محمدا و على اله و صحبه اجمعين اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده..أرسله بالهدى ودين الحق والنور على فترة من الرسل وقلة من العلم وضلالة من الناس ودنو من الأجل وقرب من الساعة ففتح الله به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن أمته..
اما بعد ....
إن هناك كثيراً من الآداب المفقودة بين المسلمين، وهذه الآداب المفقودة تسبب أنواعاً من الوقوع في الإثم والعدوان، وكثيراً من الناس يستهينون بباب الأخلاق والآداب؛ مع أن باب الأخلاق والآداب من الأمور العظيمة التي هي من مزايا هذه الشريعة ومن محاسنها، وبعض الناس يهتمون بأمور المعتقد والفقه والعلم، وينسون أن هذا الدين لا بد أن يكون المسلم فيه متخلقاً بأخلاق الإسلام متأدباً بآداب الشريعة.
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
ومن مآسينا في هذا الزمان، وفي ظل دائرة الابتعاد عن الإسلام يوجد هناك كثير من النقص والعيب، ومن ضمنه هذه الأمور المفقودة في باب الأخلاق والآداب، خلق التسامح الذي في الكثير من الأحيان قد نسمع عنه ،فهي كلمة ربما تخرج من أفواه العديد من الناس، كما أن البعض قد يستعذب نطقها! إلاّ أن السؤال المحير الذي أود طرحه في هذه الخطبة هل نحن جميعاً نعمل وفق هذه المفردة؟ بمعنى آخر، هل نحن كمسلمين نعمل بهذه الفضيلة الأخلاقية والقيمة الإنسانية التي دعت إليها فطرة الإنسان وعقله، كما دعا إليها الدين الإسلامي في الكثير من نصوصه وآثاره،؟ للإجابة على هذا السؤال نحتاج لاستقراء ردود فعل الناس والمجتمعات من حولنا، قديماً وحديثاً. فنحن قد نقرأ الآيات القرآنية التي تحدثت عن ابني آدم بالحق إذ قرّبا قُرباناً فُتُقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين، لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسطٍ يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين فما كان من قابيل إلاّ أن قتل أخاه، ليصبح بعمله هذا مرتكب لأول جريمة قتل في التاريخ. وأثناء قراءتنا لهذه الآيات نشيد بموقف هابيل المتسامح ونشجب موقف قابيل الدموي العنيف.
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
ولكن، ماذا لو كنا نحن في موقفٍ كهذا؟ هل سنُجيب كما أجاب هابيل أم سنُشمر عن أيدينا للقتال كما فعل قابيل؟أعتقد بأننا سنُشمر عن أيدينا للقتال، خاصة إذا كنا في موقف قوة، بالرغم من أن القرآن أنزل للتطبيق وحكى لنا القصة لنتمثل دور هابيل لا دور قابيل ! نعم، قد يحفظ الكثير منا عن ظهر قلب مواقف رسولنا الكريم محمد بن عبدالله - مع أعدائه والتي تجلت فيها أسمى صور التسامح، فمن منا ينسى موقفه المتسامح مع وحشي قاتل عمه حمزة؟ ومن منا ينسى موقفه مع مشركي مكة عندما فتحها؟ اذهبوا فأنتم الطلقاءكأنه يقول عفا الله عنكم وسامحكم الله قد نقرأ أيضاً للشاعر مقولته الرائعة التي يقول فيها:
وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى *وفارق ولكن بالتي هي أحسن
وقد يتغنى بعضنا بهذه المقولة، إلاّ أنه عندما يجد من يعتدي عليه، سواءٌ كان ذلك الاعتداء باللسان أو باليد أو.. فلا يتردد المعُتدى عليه بالرد بالتي هي أشد وأقسى
وقد يردد شخص معي ما قاله الشافعي أيضاً حول الصديق، عندما أنشد:
سامح صديقك إن زلت به قدمُ* فليس يسلمُ إنسـان من الزللِ
والمشكلة التي يقع فيها البعض أنه وبمجرد أن تزل قدم صديقه، كأن يتفوه بكلمة جارحة في حقه وربما بدون قصدٍ تراه مزمجراً غضباناً بعد أن كان قطاً وديعاً
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
اجتمع الصحابة في مجلس ولم يكن معهم الرسول فجلس خالد بن الوليد .. وجلس ابن عوف وجلس بلال وجلس ابو ذروكان ابو ذر فيه حدةوحرارة فتكلم الناس في موضوع مافتكلم أبو ذر بكلمة اقتراح أنا أقترح فيالجيش أن يفعل به كذا وكذاقال بلال لا هذا الاقتراح خطأ فقال أبوذر حتى أنت يابن السوداء تخطئني فقام بلال مدهوشا غضبانا أسفا وقال والله لأرفعنك لرسول الله وأندفع ماضياً إلى رسول الله . وصل للرسول وقال يا رسول الله أما سمعت أبا ذر ماذا يقول في ؟قال ماذا يقول فيك ؟؟قاليقول كذا وكذا فتغير وجه الرسول.وأتى أبو ذر وقدسمع الخبر . فاندفع مسرعا إلى المسجد.فقال يا رسول الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية فبكى أبو ذر وأتى الرسول وجلسوا قال يا رسول الله استغفر لي سل الله لي المغفرة! ثم خرج باكيا من المسجد . وأقبل بلال ماشيا ..فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب.وقال والله يابلال لا ارفع خدي عن التراب حتى تطأه برجل كأنت الكريم وأنا المهان. فأخذ بلال يبكي .. وأقترب وقبل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا هذه هي حياتهم يوم تعاملوا بالإسلام
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
إن بعضنا يسيء للبعض فياليوم عشرات المرات فلا يقول عفواً ويعتذر إن بعضنا يجرح بعضا جرحا عظيمافي عقيدته ومبادئه وأغلى شيء في حياته.فلا يقول سامحني إن البعض قد يتعدى بيده على زميله وأخيه ويخجل من كلمة سامحني الإسلام دين التقوى لم يفرق بين لون أو حسب أو نسب . فلماذا يعجزأحدنا عن الاعتذار لأخيه ؟ بهدية صغيرة .. أو كلمة طيبة . أو بسمة حانية لنظل دوما على الحب والخير أخوة.
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
اللهم لا تجعل لنا فى هذا اليوم العظيم ذنبا الا عفرته
ولا مريضا الا شفيته
ولا يهوديا الا مزقته
اللهم لا تجعل انا حاجة من حوائج الدنيا لك فيها رضا و لنا فيها صلاحا الا قضيتها يا ارحم الراحمين
يعظكم لعلكم تتذكرون
اذكروا الله يذكركم
و استغفروه يغفر لكم