فعلا لولا رحمة الله علينا لهلكنا جميعا بزنوبنا
ولكن بالرغم من زلك تزال زنوبنا تملانا
وتلك القصة العظيمة هى رسالة لكل مسلم وهى حكمة من الله ليظهر مدى تسامحة ورحمتة الواسعة على المخطئين
جزاك الله كل خير د\جمعة
وجعلة الله فى ميزان حسناتك
فعلا لولا رحمة الله علينا لهلكنا جميعا بزنوبنا
ولكن بالرغم من زلك تزال زنوبنا تملانا
وتلك القصة العظيمة هى رسالة لكل مسلم وهى حكمة من الله ليظهر مدى تسامحة ورحمتة الواسعة على المخطئين
جزاك الله كل خير د\جمعة
وجعلة الله فى ميزان حسناتك
الله ينور عليك يا دكتور جمعه
بارك الله فيك وجزاك كل خير
جزاك الله كل خير دكتور جمعه
جزاك الله كل خير
و جعله الله فى ميزان حسناتك .....
جزاك الله كل خير
وانا بشكر حضرتك انك قبلت دعوتنا فى المشاركة فى احدى خطب المنتدى
ربنا يجعلة فى ميزان حسناتك
ومتشكرة لحضرتك مرة تانية
جزاك الله خيراً دكتور جمعه داود
وجزاكِ الله خيراً يا ندا لدعوتك لدكتور جمعه
منتظرين الخطبه القادمه ان شاء الله
بارك الله فيك وجزاك الله كل خير ويا رب يكون فى ميزان حسناتك
اللهم امين يا رب العالمين
جزاك الله كل خير يا دكتور جمعة داود
جزاكم الله كل خير و اسكنك جنته
انتظروا خطبة الجمعة ان شاء الله
مع مشرفة قسم التاريخ والحضارة
انتظرونا مع ....
الاء عيد
http://www3.0zz0.com/2009/06/26/09/683656943.gif
الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِالخطبةُ الأولَى
الحمدُ للهِ الَّذي جعلَ الحياءَ مِنْ أعظمِ أخلاقِ الإسلامِ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْقَائِلُ جلَّ جلالُهُ :]وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[(الحديد 4) وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ أَرسلَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ القائلُ r:« إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ» ابن ماجه : 4171. اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ: فإنِّي أُوصِيكُمْ وإيَّايَ بتقوَى اللهِ جلَّ وعلاَ، قَالَ سبحانَهُ وتعالَى :]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة :21.
عبادَ اللهِ: إنَّ شأنَ الأخلاقِ فِي الإسلامِ عظيمٌ، فهيَ حصنُ الفردِ والأسرةِ والمجتمعِ، وقدْ حثَّ دينُنَا الحنيفُ علَى الخُلقِ الحسنِ, واعتبرَهُ مِنْ أثقلِ الأشياءِ فِي ميزانِ العبدِ يومَ القيامةِ، قَالَ النَّبِيُّ r:« مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ» الترمذي : 2002.
وجعلَ الإسلامُ حُسْنَ الخلقِ معيارَ الإيمانِ وعلامتَهُ، وجعلَ لحسنِ الخلقِ ميزاناً وعلامةً بهِ يقاسُ ويعرفُ، ألا إنَّ ذلكُمْ هوَ الحياءُ الَّذِي عدَّهُ الرَّسولُ r شعبةً مِنْ شُعبِ الإيمانِ، وجزءًا عظيمًا مِنْ أجزائِهِ, قالَ النَّبيُّ r:«الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ» مسلم : 50 .والحياءُ زينةُ الأخلاقِ يرفعُ منْ شأنِ صاحبِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« مَا كَانَ الْحَيَاءُ فِى شَىْءٍ إِلاَّ زَانَهُ ».
أيُّها المسلمونَ: إنَّ الحياءَ كلَّهُ خيرٌ، ولاَ يأتِي إلاَّ بخيرٍ في أمور الدين والدنيا، قالَ النبيُّ r:« الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ» البخاري : 5652 , مسلم : 53.
وقالَ r:« الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ »مسلم : 54 .وهوَ مرتبطٌ بالإيمانِ؛ فمَنْ نقصَ حياؤُهُ لَمْ يكمُلْ إيمانُهُ فعَنِ ابنِ عمرَ -رضيَ اللهُ عنهُمَا- قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ r:« الْحَيَاءُ وَالإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ». الحاكم في المستدرك 1/22 وقال: صحيح على شرط الشيخين.
وهوَ سِياجٌ منيعٌ مِنَ الوقوعِ فِي المعاصِي والمحرَّماتِ، وهوَ علامةُ حياةِ القلبِ، لأنَّ اقترافَ القبائِحِ والمنكراتِ يُذهِبُ الحياءَ، ويدلُّ علَى موتِ القلبِ، قالَ r :« إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ» البخاري : 3224.
أيُّها المؤمنونَ: إنَّ للحياءِ درجاتٍ يأخذُ بعضُهَا ببعضٍ، فينبغِي أنْ يكونَ حياءُ الإنسانِ مِنْ ربِّهِ، ثمَّ منَ النَّاسِ، وأمَّا حياؤُهُ مِنَ اللهِ الَّذي يعلمُ السِّرَّ وأخفَى، فيكونُ بفعلِ المأموراتِ واجتنابِ المحظوراتِ والبعدِ عنِ المحرَّماتِ، وحفظِ الجوارحِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:« إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْحَيَاءَ» مسند أحمد : 18453.
وكيفَ لاَ نستحيِي مِنَ اللهِ، وحقُّهُ علينَا عظيمٌ، ونحنُ نأكُلُ منْ خيرِهِ، ونعيشُ على أرضِهِ, ونستظِلُّ بسمائِهِ فهوَ أحقُّ أنْ يُستَحْى منهُ فلاَ يُقصَّرُ فِي طاعتِهِ, ولاَ فِي شكْرِ نعمتِهِ، وإذَا كانَ أحدُنَا يخجلُ مِنَ الإساءةِ إلَى منْ أسدَى إليهِ نعمةً صغيرةً فكيفَ لاَ يستعظِمُ تقصيرَهُ فِي حقِّ ربِّهِ الَّذي تغمرُهُ آلاؤُهُ, وأمَّا حياؤُهُ منَ النَّاسِ فيكونُ بكفِّ لسانِهِ عَنْ فُحْشِ القولِ، وحفظِ مروءتِهِ وسمعتِهِ عنْ كلِّ ما يُخِلُّ بِهَا كالبعدِ عَنِ الأذَى، وتركِ المجاهرةِ بالقبيحِ، ومخاطبةِ النَّاسِ بألفاظٍ بذيئةٍِ، وعدمِ التِّأدبِ معَ منْ يكبُرُهُ أو يعلِّمُهُ، وهذا كلُّهُ مِمَّا يقدَحُ في مروءتِهِ ويُسيءُ إلَى سمعتِهِ، ويُذْهِبُ بحيائِهِ.
قالَ الفضيلُ بنُ عياضٍ رحمَهُ اللهُ: مِنْ علاماتِ الشَّقاءِ: القسوةُ فِي القلبِ، وجمودُ العينِ، وقِلَّةُ الحياءِ
اللهمَّاهدنا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّى سَيِّئَهَا إِنَّهُ لاَ يَصْرِفُ عَنِّى سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، اللهمَّ جملنَا بالحياءِ برحمتِكَ يا أرحمَ الرَّاحمينَ. اللهمَّ وفِّقْنَا لطاعتِكَ وطاعةِ مَنْ أمرتَنَا بطاعتِهِ.
أقولُ قولِي هذَا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم فاستغفرُوهُ.منقول من خطبة في الامارات العربية المتحدة يوم 19-6-2009م
يارب تنال اعجابكم
http://www3.0zz0.com/2009/06/26/09/689371843.gif
الله ينور عليكي يا ندي
بجد خطبه جميله جدا استمتعت بقراءتها
وادعوا من الله ان يهدينا ويقوي ايماننا ويثبت افدامنا يارب
جزاكي الله كل خير
جزاكى الله كل خير وجعلة فى ميزان حسناتك
شكرا ليكي يا ندا
وعلي
ومحمود
جزاكم الله كل خير علي مروركم
خطبة رائعة جدا
خصوصا وان الحياء قل جدا فى هذه الايام
فنجد التبرج الذى حال بين بنات المسلمين فأين الحياء
ونجد من يجهر بالمعصية امام الناس فاين الحياء
ونجد ...ونجد....!!!
جزاكم الله خير على هذه الخطبة الرائعة جدا
جزاكِ الله خيرأً يا آلاء
الخطبه متميزه جدا
وربنا يبارك فيكِ وينعم على شباب وبنات المسلمين وأمة الاسلام
بهذه الصفه والنعمه الجميله: الحياء
بارك الله فيكي أختي الكريمة وجعل كلماتك في ميزان حسناتك ان شاء الله يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتي الله بقلب سليم
جزاك الله خير د. جمعة علي الخطبة الرائعة وبارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك
وجزاكي الله خير الاء علي الخطبة الرائعة لتي تناولت موضوع اصبح ضائع في مجتمعنا بارك الله فيكي وجزاكي الله عنا خير الجزاء
جزانا الله واياكي يا محبة
وشكرا لحضرتك دكتور جمعة
انتظروا خطبة غدا
بأذن الله ....
مع مشرف قسم المساحة البحرية
.
.
.
.
.
.
.
مع...
المهندس : محمد هاشم
بسم الله الحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أثني فضيلة د.يوسف القرضاوي علي أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وروي أن جبريل قد بشرها بقصر في الجنة من القصب وهو اللؤلؤ المجوف و اقرأها جبريل السلام منه ومن الله عز وجل وهي مكانة كبري دللت علي علو مكانة أم المؤمنين خديجة ودورها المعروف في نصرة الرسول صلي الله عليه وسلم ونصرة الدين خاصةفي ساعة العسرة وقال فضيلة د.القرضاوي في خطبته أمس بجامع عمر بن الخطاب بعد انقطاع انشغل فيه بعدة أسفار دعوية انه سوف يبدأ سلسلة عن امهات المؤمنين اولهن خديجة رضي الله عنها.. قال:نحن مع الجيل الرباني مع الجيل المحمدي، الذي تخرج في مدرسة النبوة جيل الصحابة الذين اثني الله عليهم في كتابه واثني الرسول عليهم في احاديثه وسجل التاريخ بطولاتهم ومواقفهم بأحرف من نور مذكرا بمن تحدث عنهم من الصحابة قال: لكنناآثرنا اليوم ان ندع الرجال لنتحدث عن النساء، فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض وهذا الدين كما قام علي الرجال قام علي النساء مما سجلته السيرة النبوية وسجلهالتاريخ أن أول صوت ارتفع بالاستجابة الي رسول الله صلي الله عليه وسلم كان صوت امرأة صوت خديجة واول دم أريق كان دم امرأة دم سمية ام عمار وزوجة ياسر..
وهذا ماجعل فضيلته يتحدث عن الصحابيات بادئا بأمهات المؤمنين او ببعض أمهات المؤمنين وأولهن أم المؤمنين الاولي والمسلمة الاولي أول امرأة بل أول انسانة في الاسلام وهي خديجة بنت خويلد الاسدية القرشية رضي الله عنها..
وحكي عن ان أول ما تعرف النبي علي خديجة تعرف عليها ليعمل تاجرا معها او شريكا لها او مضاربا لها في تجارتها وكان العرب في الجاهلية قد عرفوا المضاربة التي اقرها الاسلام بعد ذلك والمضاربة هي ان يعطي الرجل ماله لمن يتاجر له فيه هناك رجل له مال وليس له خبرة للاتجار فيه وهناك رجل ليس له مال وعنده الخبرة والعمل ليتجر في المال فاذا اشترك الطرفان كان وراء ذلك خير وهذا ما فعله النبي صلي الله عليه وسلم وفعلته خديجة ان ضارب لها في مالها في التجارة.
وقال: رعي النبي أول عهده الغنم ولم تكن غنمه فلم يكن يملك ابلا ولا بقرا ولا غنما لقد كان يتيما فقيرا آواه عمه ابو طالب وكان قليل المال كثير الاولاد فكان صلي الله عليه وسلم يكسب رزقه بكد اليمين وعرق الجبين فلم يتكلعلي نسبه وشرف اسرته.. وجاء في حديثه ما بعث الله نبيا الا رعي الغنم وحين اراد عمه ان يخرجه من هذه المهنة المجهدة القليلة العائد فقال له يا ابن اخي اوشكت قافلةقريش ان تخرج الي الشام وخديجة تبعث رجالا من قريش ليتاجروا لها فلعلك تعرض نفسك عليها لتشاركها وتعطيك نصيبك فقال لعلها ترسل الي وماهي الا ايام كأنما سمعت خديجة فأرسلت الي محمد فقالت: قد بلغني عنك من حسن السمعة ومحاسن الاخلاق وصدق الحديث والامانة في التعامل مارغبني ان اشركك لتتاجر ببعض مالي واعطيك افضل مما كنت اعطيه للآخرين فرحب النبي بذلك وبعثت معه غلامها ميسرة وذهب صلي الله عليه وسلم ليتجرب مالها في الشام وعاد الرسول بعد اشهر من الرحلة اليها بالربح الوفير لكن غلامهاميسرة جاء بما هو اهم من الربح حدثها عن اخلاق وفضائل هذا الرجل وهو رفيق له في الرحلة فهفا قلبها اليه وتعلقت به وتمنت ان يكون شريكها في الحياة كما كان شريكها في التجارة..
أشرفهن نسباً
ووصفها بأنها كانت امرأة حكيمة اشرف نساء قريش نسبا واوسطهن دارا تزوجت قبل رسول الله رجلين ابا هالة بن زرارة التميمي وانجبت منه اثنين هندا وهالة (رجلين) وتزوجت بعده عتيق وانجبت منه بنتا سمتها هنداً وظلت أيماًيتهافت عليها رجال قريش يخطبونها فرغبت عنهم لكنها هذه المرة ارادت ان تتزوج هذا الشاب اليتيم الفقير لقد رأت ان الذين يخطبونها انما يخطبون مالها ولايخطبون شخصها.. ومن ذا الذي لاترغب فيمن تجمعت فيه الفضائل والمكارم؟
خديجة أكبر منه
وروي حقيقة التاريخ: أن خديجة كانت تكبر النبي بخمسة عشرعاماً علي أصح الأقوال، امرأة تكبره، ثيب ولكن النبي رضيها زوجاً وعاش معها أسعد مايكون الأزواج، لم يكن محمد رجل شهوة، كما يصوره المستشرقون والمنصرون، وأنه كان يجري وراء النساء الجميلات.. لو كان محمد كذلك ما كان يمنعه أن يبحث عن فتاة بكر من فتيات قريش، صحيح أنه فقير، لكنه بقوة شخصيته وبحسن سمعته، وبشرف أسرته وبوسامة طلعته وما أشيع عنه من أنه الصادق الأمين، كما كانت خديجة تستطيع أن تجد من أثرياء قريش ومن وجهاء مكة من تتزوجه بدل هذا اليتيم الفقير، ولكن لم يكن أولي بخديجة من محمد ولا بمحمد من خديجة.. لم يكن أولي بالتي لقبوها بالطاهرة إلا بالرجل الذي لقبوه بالأمين، والله تعالي يقول والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات .
عطاء متواصل
وفي الجاهلية وقبل الإسلام كانت حريصة علي إسعاده، وأن تكون الزوجة الوفية، راعت طموحه إلي الطهارة، لم يكن يشارك شباب مكة في لعبهموسمرهم أو شربهم للخمر، كان حريصاً علي الطهارة، وعلي التعبد، ففي كل سنة يذهب خلال شهر رمضان ليتعبد في غار حراء، كما روت ذلك عائشة رضي الله عنها.. وكانت خديجة تذهب إليه في كل حين بالطعام والشراب، تبقي معه ساعات أو أياماً وتعود، رغم المشقة التي يعانيها الشباب في صعود جبل حراء، وهي فوق الأربعين، لتؤنس محمداً، كان كل مال خديجة لمحمد وكل ما ل محمد لخديجة أصابت الناس سنوات جدباء فأقبل علي النبي من البادية حليمة السعدية مرضعة رسول الله في صغره، جاءت تطلب رفدة فلم تضن عليهاخديجة بمالها، أعطتها أربعين رأساً من الغنم وبعيراً ليحمل الماء، أو أعطاها النبي من مال خديجة، فمال خديجة أصبح مال محمد كما قال الله تعالي لمحمد ووجدك عائلاًفأغني .
لن يخزيك الله
وعن موقف خديجة من محمد حين جاءه الوحي وهو في الأربعين من عمره،قال: جاءه وهو في غار حراء، حين جاءه جبريل فحضنه وضمه ضمة قوية.. ثم قال له اقرأ؟قال ما أنا بقاريء ثلاثاً، ثم قال اقرأ باسم ربك الذي خلق.
وعاد النبي من الغار إلي بيته وسكنه ومؤنسة وحشته، إلي خديجة، يرجف فؤاده ويرتعش ويقول: زملوني زملوني، من شدة ما يشعر به من البرد،فزملته، وقص عليها ما حدث له وكأنه خائف من هذا الشيء الجديد، ما كان يتوقع وحياً ولا أن يكون نبياً، ولكن هذه المرأة بنور بصيرتها وبحسن ادراكها، وبصدق احساسها قالت له هذه الكلمات: والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين علي نوائب الحق، عرفت أن من سنن الله أن رجلاً بهذه الخصال لا يمكن أن يخزيه.. إنما يخزي الله الفسقة والخونة، فكانت هذه الكلمات برداً وسلاماً علي قلب محمد.
ذرية من البنات
وعن الحالة الأسرية قال: أنجبت من محمد كل أولاده إلا إبراهيم الذي أنجبته مارية القبطية، القاسم من خديجة، وعبدالله: ماتا في صغرهما،قبل الإسلام، وهناك أربع بنات: رقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة وكلهن أسلمن وعشن وهاجرن مع النبي.. مات الذكور صغاراً وكان حرياً أن يحزن قلب خديجة.. لكنها كانت نعم المرأة الصابرة.. وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإناإليه راجعون .
صبر علي الحصار
وحين حاصرتهم قريش وعزلتهم عن المجتمع، لا بيع ولا شراءولا زواج، ظلوا ثلاث سنين، أكلوا فيها أوراق الشجر، وخديجة معه في ذلك وهي صاحبةالمال وربيبة الرفاهية والنعيم، ولكنها صبرت وصابرت كما صابر النبي وأصحابه.. وبعدأن انتهت هذه المحنة، لم تعمر خديجة إلا قليلاً، ثم توفيت في السنة العاشرة من البعثة وعمرها خمس وستون سنة، وعمر النبي خمسون سنة، توفيت خديجة بعد وفاة أبي طالب عم النبي الذي كان يدافع عنه ويحميه من أذي قريش وكانت قريش تعمل له حساباً وترعيله اعتباراً، خاصة أنه لم يسلم وبقي علي دينهم فكان أبو طالب درعه في الخارج وخديجةملاذه في الداخل، فسمي النبي هذا العام عام الحزن أسفاً علي موت خديجة وعمه قبلها.
المرأة هي المرأة
وتابع غسلت خديجة أم أيمن حاضنة النبي صلي الله عليه وسلم وقال عنها إنها أمي بعد أمي، وشاركت أم الفضل زوجة عمه العباس أيضاً، ودخل النبي حفرتها حين دفنها، ولم تكن شرعت صلاة الجنازة بعد، فلم تشرع إلا في المدينة فتوفيت خديجة، لكن ذكراها ظلت تملأ حياة النبي، وهي الكبيرة السن الثيب ظل يذكرها حتي إن عائشة أم المؤمنين وكانت أحب أزواج النبي إليه بعد ذلك قالت: ما غرت علي امرأة قدرما غرت علي خديجة في قبرها، فهي لم ترها، ظل الرسول يذكرها.. فحين يذبح شاة يرسل إلي صديقات خديجة حتي قالت عائشة: كأنما لم تكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟! فقال لقد كانت كذا، وكذا وكان لي منها ولد.. وفي مرة ظل يذكر خديجة، والمرأة هي المرأةولو كانت أم المؤمنين والغيرة هي الغيرة.. فقالت له: ما هذه العجوز الحمراء الشدقين التي تذكرها وقد أبدلك الله خيراً منها؟ فغضب النبي وقال ما أبدلني الله خيراً منهاآمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بنفسها ومالها حين حرمني الناس، فقلت والله لا أذكرها بسيئة بعدها أبداً.
وفاء نادر
وأضاف مختتماً: ظل وفياً لها بعد وفاتها.. ووصفها بأنها الصديقة الكبري والأم الأولي للمسلمين، قال: كانت رضي الله عنها مثلاً عالياً،صادقاً، يأخذ منه المؤمنون زاداً لحياتهم، تستطيع المرأة المسلمة أن تأخذ من خديجةاسوة وقدوة في حياتها، كما اتخذنا من الرجال اسوة حسنة
الخطبه من خطب الدكتور القرضاوى .. نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه.
تم وضع ارشيف للخطب بالصفحة الاولى
فى نهاية الموضوع
مرفق به رقم الصفحة التى توجد بها الخطبة
بالاضافة الى صاحب الخطبة
جزاكم الله كل خير
بسم الله ماشاء الله وبارك الله فيك بجد موضوع رائع
احسنت الأختيار الموضوع فوق الرائع فهو عن امنا وقدوتنا
بارك الله فيك وبارك الله لك فى ذريتك يا باشمهندس محمد
جزاك الله خيراً
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
انتظروا خطبة الجمعة
وكما عودناكم .....
مع
.
.
.
.
زميلنا
.
.
.
أحمد فتيحة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . .اما بعد
فالمسلم يتقلب في عبوديته لله -عز وجل- في ليله ونهاره، وفي يقظته ومنامه، وفي صيفه وشتائه، يرى عزَّه وشرفه، وسموه في خضوعه وانقياده، وله في كل ما يحيط به فكر ونظر، ويأخذ مما يمر به الآيات والعبر؛ ليندفع بزادها إلى الطاعات، ويمتنع بزواجرها عن المحرمات.وقد جُعلت الدنيا مرآة نرى فيها الآخرة، فكل ما فيها من سعادة ولذة ونعيم يذكر بنعيم الجنة، وكل ما فيها من ألم وشقاء وبؤس يذكر بعذاب النار، وفي فصل الصيف -ونحن الان فيه- آيات يراها القريب والبعيد، وعظات تلوح (لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (ق:37).- إذا اشتد عليك الحر، فلم تقوَ عليه، فاسأل الله أن يقيك حر شمس الآخرة وحر النار، وقل يا نفس: بينك وبين الشمس مسافات بعيدة، وأنت لا تطيقين، فكيف إذا دنت الشمس من الرؤوس يوم القيامة؟ ألا يذكرك حر الدنيا بحر الآخرة؟!فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: أَبْرِدْ. ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ. حَتَّى رَأَيْنَا فَىْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ) (متفق عليه).وعن أبي هريرة ـرضي الله عنه- عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: (اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ) (متفق عليه)، فأشد ما نجد من حر في دنيانا، إنما هو نفس من أنفاسها، فكيف بها، أكل بعضها بعضًا، تكاد تميز من الغيظ، أوقد عليها ثلاثة آلاف سنة، أقل أهلها عذابًا من توضع تحت أخمصه جمرتان يغلي منهما دماغه، (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:191).- إذا بلغ العرق منك مبلغة، فقل: يا نفس أرشح قطرات من العرق يضايقك؟ مع ما تجدين من وسائل تجفيفه؟ وإزالة رائحته؟ فكيف بك إذا عرق الجبين في سكرات الموت؟! كيف بك إذا غرق الناس في عرقهم يوم القيامة كل بحسب عمله؟ إلي أين سيبلغ عرقك يوم القيامة؟ إلي كعبيك، أم ركبتيك، أم حقويك، أم سيلجمك العرق؟!فمن حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في أهوال يوم القيامة قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: (نَعَمْ عُرِضَ عَلِىَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَأَمْرِ الآخِرَةِ فَجُمِعَ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ بِصِعَيْدٍ وَاحِدٍ فَفَظِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ حَتَّى انْطَلَقُوا إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَالْعَرَقُ يَكَادُ يُلْجِمُهُمْ... ) (رواه الإمام أحمد، وحسنه الألباني).- إذا هربت من لفح الشمس ولهيبها إلى ظل الدور والقصور، وظل الأشجار والبساتين، فسل نفسك تحت أي ظل ستكون يوم القيامة؟؟أهل الجنة في ظل ممدود؛ قال الله -تعالى-: (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ . وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ . وَظِلٍّ مَمْدُودٍ . وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ . وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ . لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) (الواقعة:28-33)، وقال -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ . وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ . كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (المرسلات:41ـ43).وهؤلاء في ظل العرش، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) (متفق عليه).وكذلك هؤلاء، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلاَلِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي) (رواه مسلم).أما هؤلاء فلهم ظل أيضًا قال -تعالى-: (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ . فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ . وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ . لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ . إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ . وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) (الواقعة:41-46).رأى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- قومًا في جنازة قد هربوا من الشمس إلى الظل، وتوقوا الغبار فبكى، ثم أنشد:من كان حين تصيب الشمس جبهته أو الغبار يخـاف الشيـن والشعثــاويألف الظل يبقى في بشاشتـــــــــه فسوف يسكن يومًا راغـمًا جـدثــافـي ظــل مـقــفــرة غبراء مـظـلـمـة يطيل تحت الثرى في غمها اللبثـاتـجــهــزي بـجـهــاز تـبـلغـيـن بــــه يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثافأضح اليوم لتستظل غدًا، إن قومًا آثروا الفانية، وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، وقالوا: (لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ)، فأجابهم القرآن: (قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) (التوبة:81).- إذا ألهب الحر جوفك، واشتد ظمؤك، وطلبت ماءً باردًا، فاشرب هنيئًا، ثم سل نفسك من يسقيك يوم القيامة؟ ومن أي الموارد تشرب؟ فقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- وغيره من السلف إذا شربوا ماء باردًا، بكوا وذكروا أمنية أهل النار، وأنهم يشتهون الماء البارد، وقد حيل بينهم وبين ما يشتهون، ويقولون لأهل الجنة: (أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) (الأعراف:50).(إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا . عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا) (الإنسان:5ـ6)، (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا . عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا) (الإنسان:17ـ18)، (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ . خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ . وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ . عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) (المطففين:25-28).أما أهل النار فإذا أحرقت النار أجوافهم استغاثوا فيغاثون بماء كالمهل يشوي الوجوه (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) (الكهف:29)، وقال -تعالى-: (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) (محمد:15)، وقال -تعالى-: (لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا . إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا . جَزَاءً وِفَاقًا) (النبأ:24ـ26)، وقال -تعالى-: (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ . وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ) (ص:57ـ 58).ومن هنا كان علي اللبيب أن يعمل ليوم الظمأ عسى أن يكون ظمأ الدنيا زادًا لريِّ الآخرة، قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ) (متفق عليه).وكان أبو موسى الأشعري في سفينة فسمع هاتفًا يهتف: يا أهل المركب: قفوا. يقولها ثلاثًا، فقال أبو موسى: يا هذا كيف نقف؟ ألا ترى ما نحن فيه؟ كيف نستطيع وقوفًا؟ فقال الهاتف: أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه؟ قال: بلى، أخبرنا قال: فإن الله قضى على نفسه أنه من عطـَّش نفسه لله في يوم حار، كان حقـًا على الله أن يرويه يوم القيامة، فكان أبو موسى يتوخى ذلك اليوم الحار الشديد الحر الذي يكاد الإنسان ينسلخ منه فيصومه.وكان أبو الدرداء -رضي الله عنهـ يقول: "صوموا يومًا شديدًا حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في الليل لظلمة القبور".قيل لأحدهم: أتصوم في هذا الحر الشديد؟ قال: نعم، صمتُ ليوم أشد منه حرًّا، قيل له: فأفطر وصم غدًا، قال: إن ضمنت لي البقاء إلى غد، قال: ليس ذلك لي. قال: فكيف تسألني عاجلاً بآجل لا تقدر عليه؟!وقيل لآخر: أتصوم في هذا الحر شديد؟ قال: أفأدع أيامي تذهب باطلا؟- إذا تخففت من ثيابك من شده الحر، ألا تذكر أن أهل النار (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ . يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ . وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) (الحج:19-21)؟ ألا تذكر أن (مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) (إبراهيم:50)؟ أما أهل الجنة (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا) (الإنسان:21).- إذا متعك الله ببيت في الدنيا تفتح نوافذه، وتجدد هواءه، ونعمك بأجهزة تلطف لك الهواء، وتبرد لك الماء، فاحمد الله، وارم ببصرك إلى حفره ضيقة سيفتح لها باب إما إلي الجنة وإما إلى النار، واعمل لدار (مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ . مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ) (ص:50-51)، واحذر دارًا على أهلها (مُؤْصَدَةٌ . فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) (الهمزة:8-9).هذا وكثير من الناس لا تزال قلوبهم لاهية، وعن الآيات غافلة، فلا يرون في الصيف ما يراه أصحاب القلوب الحية، ولا يجدون فيه إلا مرتعًا لشهواتهم المحرمة، ولذاتهم الآثمة، فصيفهم كله آفات، توجب يوم القيامة الندم والحسرات منها:1- في الصيف تشد الرحال إلي الشواطئ والمصايف، ويأتي الناس من كل فج عميق، زرافات ووحدانـًا، رجالاً وركبانـًا؛ ليحملوا أوزارهم وأوزارًا مع أوزارهم، حيث يختلط الرجال والنساء عرايا، في صورة بهيمية، يمجها كل ذي فطرة سليمة، إذ لا غيرة على الأعراض، وإنما هي الدياثة التي لا يقبلها الحيوان، وهذا لا مبرر له إلا أنه الصيف، تهدر الكرامات، وتهتك الحرمات، ويختلط الرجال بالنساء، والشباب بالفتيات، أجساد عارية، وعورات بادية، وتتلاطم أمواج الفتن الظاهرة والباطنة، ويرجع من يرجع منهم إلي بلاده مأزورًا غير مأجور، ومنهم من تختم له بخاتمة سوء غريقـًا في وسط النساء، والمرء يبعث على ما مات عليه.2- وشدة الحر قد تدفع بعض النساء إلي التخفف من الثياب، فتلبس الخفيف الشفاف، أو القصير الضيق، فتبدو عورتها، وإن سألتها، نطقت بما أفتاها به الشيطان: "الدنيا حر". وجهلت أن حر الدنيا أهون من حر الآخرة، وغفلت عن المصير الذي ينتظر المتبرجات؛ ففي الحديث: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) (رواه مسلم)، وأن الحجاب فرض علي المرأة في صيفها وشتاها، في حرها وبردها، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (الأحزاب:59).3- في الصيف لا تخلو الطرقات وبخاصة القريبة من البحر من رجال يلبسون ثياب البحر وهي تظهر العورة المخففة، بل المغلظة، في صورة من صور التخلف اللاإنساني، حتى أنك لتستح وأنت الرجل من هيئته، فما بالك بالعفيفات من النساء؟4- سهر طويل قلب ليلهم نهارًا، ونهارهم ليلاً، فهم يقيمون الليل بالأفلام والمسلسلات، لا بالسور والآيات، ويضيعون أفضل الساعات في اللهو والعبث والمحرمات، وليت سهرهم هذا في مؤانسة أهل، أو إكرام ضيف، أو طلب علم لكان من الجائز إذا لم يفوّت واجبًا كصلاة الفجر؛ بل الواقع يحكي أنهم يسهرون طويلاً حتى إذا جاء وقت السحر -أشرف الأوقات- انصرفوا من لهوهم إلي نومهم، فأين القوم من أسلافهم، قال علي -رضي الله عنه-: "لقد رأيت أصحاب رسول الله وما أحد يشبههم، يبيتون سجدًا وقيامًا، يراوحون بين جباههم وأقدامهم، بين عيونهم كركب المعز، حتى إذا فاجأهم السحر، هطلت عيونهم، كأن القوم باتوا غافلين".وقد كُرِه السهر بعد العشاء خوفـًا من أن تضيع صلاة الفجر؛ فعن أبى برزة الأسلمي -رضي الله عنه- أن النبي -صلي الله عليه وسلم-: (كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا) (متفق عليه).فآهٍ لذي عقل ويتبع الهوى وآهٍ لأعمى القلب وهو بصيرهذا ومن فتش وجد أكثر، وما خفي كان أعظم، والمعصوم من عصمه الله -تعالى-، فاللهم اعصمنا من الزلل، وجنبنا الفتن، ونجنا من المحن، واجعل عمرنا شتاءه وصيفه ربيعه وخريفه
خالصًا لك.والله حسبنا ونعم الوكيل.كتبه عبد المعطى عبد الغنىhttp://www4.0zz0.com/2009/07/10/08/925233014.gif
من أدعية الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين ( عليه السَّلام ) :
فى يوم الجمعة الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْأَشْيَاءِ وَ الْأَحْيَاءِ [ الْإِحْيَاءِ ] ، وَ الْآخِرِ بَعْدَ فَنَاءِ الْأَشْيَاءِ ، الْعَلِيمِ الَّذِي لَا يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ ، وَ لَا يَنْقُصُ مَنْ شَكَرَهُ ، وَ لَا يُخَيِّبُ مَنْ دَعَاهُ ، وَ لَا يَقْطَعُ رَجَاءَ مَنْ رَجَاهُ .
اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ كَفَى بِكَ شَهِيداً ، وَ أُشْهِدُ جَمِيعَ مَلَائِكَتِكَ وَ رُسُلِكَ ، وَ سُكَّانِ سَمَاوَاتِكَ وَ حَمَلَةِ عَرْشِكَ ، وَ مَنْ بَعَثْتَ مِنْ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ ، وَ أَنْشَأْتَ مِنْ أَصْنَافِ خَلْقِكَ ، أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَ لَا عَدِيلَ ، وَ لَا خَلْفَ لِقَوْلِكَ وَ لَا تَبْدِيلَ ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه و آله ) عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ ، أَدَّى مَا حَمَّلْتَهُ إِلَى الْعِبَادِ ، وَ جَاهَدَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَقَّ الْجِهَادِ ، وَ أَنَّهُ بَشَّرَ بِمَا هُوَ حَقٌّ مِنَ الثَّوَابِ ، وَ أَنْذَرَ بِمَا هُوَ صِدْقٌ مِنَ الْعِقَابِ .
اللَّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلَى دِينِكَ مَا أَحْيَيْتَنِي ، وَ لَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي ، وَ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ .
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ اجْعَلْنِي مِنْ أَتْبَاعِهِ وَ شِيعَتِهِ ، وَ احْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِ ، وَ وَفِّقْنِي لِأَدَاءِ فَرْضِ الْجُمُعَاتِ ، وَ مَا أَوْجَبْتَ عَلَيَّ فِيهَا مِنَ الطَّاعَاتِ ، وَ قَسَمْتَ لِأَهْلِهَا مِنَ الْعَطَاءِ فِي يَوْمِ الْجَزَاءِ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "
ارجو ان اكون وفقت فى اختيار خطبه الجمعة لهذا اليوم وان اكون جدير فى ان اكون سبب فى توصيل المنفعة فى المنتدى
ويارب الخطبه تكون افادتكم ونستفيد بها ان شاء الله
http://www4.0zz0.com/2009/07/10/09/267116281.gif
جزاكم الله كل خير
جزاك الله خيرا
وأنفعك الله بما نشرته فى هذا الموضوع
أختيار جيد ومتميز
وسعداء لتواجدك معنا أخى الكريم
الف شكر على المرور والرد المشجع دة
واتمنى ان يكون تواصلى معكم دائما بالافادة ان شاء الله
جزاك الله كل خير يا احمد
فعلا خطبة غاية في الروعة
شكرا جزيلا ليك
شكرا يا باشمهندس ايمن على تعليقك على الخطبة ويارب تكون افادتك ان شاء الله وجزاك الله كل خير
جزاك الله كل خير
اختيار جيد
موضوع مهم جدا
ربنا ينفعك بما نشرت
ربنا يجعلة فى ميزان حسناتك
انتظرونا فى يوم جمعة جديد
ولخطبة جديدة
مقدم خطبة جديد
انتظرونا مع
مشرف الاقسام العلميه ... ومهندس مساحه تركيبات ميكانيكيه
المهندس / أسلام ممدوح
فأنتظرونا
.
.
.
بسم الله الرحمن الرحيم
زملائى الافاضل , يعلم الله كم انا فى غايه الفخر والسرور بتواجدى فى هذا المكان , وقيامى بهذا العمل
لقد اخترت عنوان الخطبه عن قيام الليل لما له من اهميه كبرى , وثواب عظيم
ومن جهه اخرى انه يمكن القول بان قيام الليل من السنن التى غابت عن الاذهان فى الوقت الحاضر , رغم ان لها ما لها من فضل فى التقريب الى الله
جزاكم الله كل خير
واسمحولى بعرض خطبتى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الصلاة راحة للمؤمنين، ومفزعاً للخائفين، ونوراً للمستوحشين، والصلاة والسلام على إمام المصلين المتهجدين، وسيد الراكعين والساجدين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين... أما بعد:
فإن قيام الليل هو دأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم، ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله، فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها، عاكفة على مناجاة بارئها، تتنسم من تلك النفحات، وتقتبس من أنوار تلك القربات، وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات.
قيام الليل في القرآن
قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16]. قال مجاهد والحسن: يعني قيام الليل.
وقال ابن كثير في تفسيره: ( يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة ).
وقال عبد الحق الأشبيلي: ( أي تنبو جنوبهم عن الفرش، فلا تستقر عليها، ولا تثبت فيها لخوف الوعيد، ورجاء الموعود ).
وقد ذكر الله عز وجل المتهجدين فقال عنهم: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات:18،17] قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار.
وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [الزمر:9]. أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده؟!
إخواني: أين رجال الليل؟ أين ابن أدهم والفضيل ذهب الأبطال وبقي كل بطال !!
يا رجال الليل جدوا *** ربّ داع لا يُردُ
قيام الليل في السنة
أخي المسلم، حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر: { نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل } [متفق عليه]. قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال النبي : { في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها } فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: { لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام } [رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني].
وقال : { أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني].
وقال : { من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين } [رواه أبو داود وصححه الألباني]. والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر.
وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: { ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه].
وقال : { أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم].
قيام النبي صلى الله عليه وسلم
أمر الله تعالى نبيه بقيام الليل في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [المزمل: 1-4].
وقال سبحانه: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ } [متفق عليه].
وهذا يدل على أن الشكر لا يكون باللسان فحسب، وإنما يكون بالقلب واللسان والجوارح، فقد قام النبي بحق العبودية لله على وجهها الأكمل وصورتها الأتم، مع ما كان عليه من نشر العقيدة الإسلامية، وتعليم المسلمين، والجهاد في سبيل الله، والقيام بحقوق الأهل والذرية، فكان كما قال ابن رواحة:
وفينا رسول الله يتلو كتابه *** إذا انشق معروفٌ من الصبح ساطعُ
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقناتٌ أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه *** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وعن حذيفة قال: { صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث } [رواه مسلم].
وعن ابن مسعود قال: { صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! } [متفق عليه].
قال ابن حجر: ( وفي الحديث دليل على اختيار النبي تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود قوياً محافظاً على الاقتداء بالنبي ، وما هم بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده ).
قيام الليل في حياة السلف
قال الحسن البصري: ( لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل ).
وقال أبو عثمان النهدي: ( تضيّفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا ).
وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى، ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه.
وكان طاوس يثب من على فراشه، ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين !!
وكان زمعة العابد يقوم فيصلي ليلاً طويلاً، فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته: يا أيها الركب المعرِّسون، أكُل هذا الليل ترقدون؟ ألا تقومون فترحلون !! فيسمع من هاهنا باكٍ، ومن هاهنا داع، ومن هاهنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى: عند الصباح يحمد القوم السرى !!
طبقات السلف في قيام الليل
قال ابن الجوزي: واعلم أن السلف كانوا في قيام الليل على سبع طبقات:
الطبقة الأولى: كانوا يحيون كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
الطبقة الثانية: كانوا يقومون شطر الليل.
الطبقة الثالثة: كانوا يقومون ثلث الليل، قال النبي : { أحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سُدسه } [متفق عليه].
الطبقة الرابعة: كانوا يقومون سدس الليل أو خمسه.
الطبقة الخامسة: كانوا لا يراعون التقدير، وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام.
الطبقة السادسة: قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
الطبقة السابعة: قوم يُحيون ما بين العشاءين، ويُعسِّـلون في السحر، فيجمعون بين الطرفين. وفي صحيح مسلم أن النبي قال: { إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا آتاه، وذلك كل ليلة }.
الأسباب الميسِّرة لقيام الليل
ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل:
فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
قيام رمضان
قيام رمضان هو صلاة التراويح التي يؤديها المسلمون في رمضان، وهو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه في هذا الشهر.قال الحافظ ابن رجب: ( واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين وُفِّي أجره بغير حساب ).
وقال الشيخ ابن عثيمين: ( وصلاة الليل في رمضان لها فضيلة ومزية على غيرها، لقول النبي : { من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه } [متفق عليه] وقيام رمضان شامل للصلاة في أول الليل وآخره، وعلى هذا فالتراويح من قيام رمضان، فينبغي الحرص عليها والاعتناء بها، واحتساب الأجر والثواب من الله عليها، وما هي إلا ليالٍ معدودة ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها ).
وتشرع صلاة التراويح جماعة في المساجد، وكان النبي أول من سنّ الجماعة في صلاة التراويح في المسجد، ثم تركها خشية أن تُفرض على أمته، فلما لحق رسول الله بجوار ربه، واستقرت الشريعة؛ زالت الخشية، وبقيت مشروعية صلاتها جماعة قائمة.
وعلى المسلمين الاهتمام بهذه الصلاة وأداؤها كاملة، والصبر على ذلك لله عز وجل.
قال الشيخ ابن عثيمين: ( ولا ينبغي للرجل أن يتخلف عن صلاة التراويح لينال ثوابها وأجرها، ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر ليحصل له أجر قيام الليل كله ).
ويجوز للنساء حضور التراويح في المساجد إذا أمنت الفتنة منهن وبهن. ولكن يجب أن تأتي متسترة متحجبة، غير متبرجة ولا متطيبة، ولا رافعة صوتاً ولا مبدية زينة.
والسنة للنساء أن يتأخرن عن الرجال ويبعدن عنهم، ويبدأن بالصف المؤخر فالمؤخر عكس الرجال، وينصرفن من المسجد فور تسليم الإمام ولا يتأخرن إلا لعذر، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: { كان النبي إذا سلّم قام النساء حين يقضي تسليمه، وهو يمكث في مقامه يسيراً قبل أن يقوم. قالت: نرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال } [رواه البخاري].
معلومات عن سنه قيام الليل
أتستجيب لأحد المسئولين، ولا تستجيب لرب العالمين؟! بالطبع لا.. فكلنا في شوق للقاء الله والتحدث إليه، وبخاصة في الليل والناس نيام. فهيا إلى الله، ولْتكن البداية من الآن. هيا معًا نتعرف على كل ما يتعلق بهذه السنة المهجورة (قيام الليل) حتى نؤديها على الوجه الأكمل:
وقت قيام الليل:
تجوز صلاة القيام في أيِّ وقت منْ بعد صلاة العشاء وحتى أذان الفجر، ويستحبُّ تأخيرُها إلى الثلث الأخير من الليل.
عدد ركعات قيام الليل:
قالتْ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "مَا كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ علَى إحدَى عشرةَ ركعةً" [رواه الجماعة].
آداب قيام اللّيل:
1 - النية: فإن لم تستيقظ كتب لك ثواب القيام؛ يقول صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ مَا نَوَى" [متفق عليه].
2 - الوضوء بعد الاستيقاظ مباشرة واستخدام السِّواك.
3 - افتتاح القيام بركعتين خفيفتين، ثم الصلاة بعدهما ما يشاء.
4 - الصلاة على قدرِ الاستطاعة؛ لقولِهِ تعالَى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، فإذا غلب الإنسانَ النومُ نام، حتى يعرف ما يقول في صلاته.
5 - الدعاء عند القيام بدعاءِ النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ اجعلْ في قلبِي نورًا، وفي بصرِي نورًا، وفي سمعي نورًا، وعنْ يميني نورًا، وعنْ يساري نورًا، ومن فوقِي نُورًا، ومن أمامي نورًا، وأعظمْ لِي نورًا".
وإليك بعض الوصايا التي تعينك على قيام الليل:
هجْر الذّنوب: يقول سفيان الثّوريّ: حُرمتُ قيام الليل خمسة أشهر لذنب أذنبته. قيل له: وما هذا الذّنب؟ قال: رأيتُ رجلاً يبكي فقلتُ: هذا مُرَاءٍ. وقال الحسن بن علي: إذا لم تقدرْ على قيام الليل وعلى صيام النهار؛ فاعلم أنّك محروم، وقد كثُرت ذنوبك.
التفكر في أهوال الآخرة: قال طاووس: إنّ ذِكْر جهنم طيّر نوم العابدين.
عدم الإكثار من الطعام: قال بعض الصالحين: كم من أكلة منعتْ قيام ليلة، وكم من نظرة منعتْ قراءة سورة، وإنّ العبد ليأكل أكلة، أو يفعل فعلة، فيُحرم بها قيام سنة، وكما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فكذلك الفحشاء تنهى عن الصلاة وسائر الخيرات.
القيلولة: يُروَى أن الحسن رحمه الله كان إذا دخل السوق، فسمع لَغَطَهُمْ ولغوهم، قال: أظنّ أن ليل هؤلاءِ ليل سوءٍ، فإنهم لا يقِيلون.
خطوة.. خطوة: لا تبدأ قيام الليل كله، أو نصفه أو ثلثه مرة واحدة، ولكن عليك بالتدرج؛ لأنَّ الرّسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ هذا الدِّين متين فأوْغلوا فيه برفق".
ثمار قيام الليل
1 - شرف الاقتداء بالنبي:
يكفينا شرفًا أن قيام الليل من السنن المؤكدة، التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ووصى بها؛ ولذلك سنقتفي خطاه صلى الله عليه وسلم، ونسير على نهجه في قيام الليل، فهو قدوتنا وأسوتنا، يقولُ تعالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقيام الليل، فقال: "أيُّها النَّاسُ أفشُوا السَّلام، وأطعمُوا الطَّعام، وصِلُوا الأرحامَ، وصَلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نِيَامٌ، تدخلُوا الجنةَ بسلامٍ" [الحاكم وابن ماجه والترمذي].
2 - باب للتقرب إلى الله:
وها هي الجائزة الكبرى، تخيل أنك تكون أقرب إلى الله من أي وقتٍ آخر، وما أحلى قرب الله، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أقربُ مَا يكونُ العبدُ من الرَّبِّ في جوفِ اللَّيلِ الأخيرِ، فإنِ استطعتَ أنْ تكونَ مِمَّنْ يذكرُ اللهَ فِي تلكَ السَّاعةِ فكُنْ" [الترمذي والنسائي].
3 - الفوز بمحبة الله:
وها هي منح الله لا تنتهي، فالله عز وجل مالك هذا الكون وخالقه، الغني عنك وعن عبادتك، وعن كل ما في الكون، يضحك لك ويستبشر بك، فيا لها من مكانة عظيمة؛ فعن أبي الدَّرداء أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ يحبُّهمُ اللهُ، ويضحكُ إليهمْ ويستبشرُ بِهِمْ: الذِي إذَا انكشفتْ فئةٌ قاتلَ وراءَهَا بنفسِهِ للهِ عز وجل، فإمَّا أنْ يُقتَلَ، وإمَّا أنْ ينصرَهُ الله عز وجلّ ويكفيهِ، فيقولُ: انظُرُوا إلَى عبدِي هذَا كيفَ صبرَ لِي بنفسِهِ، والَّذِي لهُ امرأةٌ حَسَنَةٌ وفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فيقومُ مِنَ اللَّيلِ فيقولُ: "يَذَرُ (يترك) شهوتَهُ ويذكُرُنِي، ولوْ شاءَ رَقَدَ (نام). والَّذِي إذَا كانَ فِي سفرٍ، وكانَ معهُ ركبٌ فسهرُوا ثُمَّ هَجَعُوا فقامَ في السَّحَرِ فِي ضَرَّاءَ وسَرَّاءَ".
4 - تحقيق الإخلاص:
فقيام الليل ينقي القلب ويطهره، ويملأه بحب الطاعة، ومن يستحضر عظمة الله في تلك اللحظات يجد أن الدنيا كلها هينة ضئيلة في عينيه، فأنت تترك كل الدنيا وتناجي مالكها، فيكون هذا دافعًا للخشوع في الصلاة، والإخلاص.
يقول ابن القيِّم: إن الرجلين ليقاما في الصف، خلف نفس الإمام، وبين صلاتهما كما بين السَّماء والأرض. وذلك أنَّ قلب أحدهما تعدَّدتْ أمامه الصُّورُ، بينما قلب الآخر لا يبصر غير الله وطاعته عز وجل. فيا لها من سعادة، فلا ملل ولا سأم، ولا ضيق، ولا خوف من دنيا زائلة، بل إقبالٌ على الله ومعرفتُهُ، والفوز بمعيته وقربه ورضاه.
5 - الدخول في مصاف عباد الرحمن:
لقد ذكر القرآن صفات عباد الرحمن، ومنها قيام الليل، فهل تحب أن تكون من هؤلاء: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}.
6 - الحصول على المقام المحمود:
وإليك هدية أخرى من الله، إنه المقام المحمود، ولكن لِمَنْ؟ لمن يتهجد بالليل، فلا غفلة ولا تكاسل، ولا جهل {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}، فهيا إلى القيام، ولتعلم أنك إذا لزمت قيام الليل، فلن تتساوى مع غيرك؛ لمكانتك عند الله، فالقيام سمو ورفعة: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ لا يَعْلَمُونَ}.
7 - التزود للسفر:
إذا أراد أحدنا أن يسافر في رحلة فإنه يأخذ معه من الزاد ما يكفيه ويزيد، ولكن هل استعد أحدنا لسفر الآخرة؟ فأعد الزاد، فزاد الآخرة قيام الليل؛ وقف أبو ذر رضي الله عنه ذات يوم أمام الكعبة، وقال لأصحابه: أليس إذا أراد أحدكم سفرًا يستعدّ له بزاد؟ قالوا: نعم. قال: فسفر الآخرة أبعد مما تسافرون. فقالُوا: دُلَّنَا على زادِهِ. فقال: حجوا لعظائم الأمور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور، وصومُوا يومًا شديدًا حَرُّه لطول يوم النّشور.
وليعلم كل منا أن الجزاء من جنس العمل، فمن ترك الراحة والشهوة تقربًا لله وأنسًا به، أبدله الله من حور الجنة ما يعوضه نعيم الدنيا، يقول أحد التابعين: رأيتُ امرأةً في المنام؛ فقلتُ لها: من أنت؟ فقالت: حوريَّة من الحور العين. فقلتُ: زوِّجيني نفسَكِ؟ فقالت: اخطبني يا سيدي. قلت: وما مهرك؟ قالت: طول القيام.
8 - صحة الجسم:
صدر كتاب باللغة الإنجليزية لمجموعة من المؤلفين الأمريكيين بعنوان: "الوصفات المنزلية المجرَّبة وأسرار الشفاء الطبيعية" طبعة عام 1993، ومن المعلومات التي وردت فيه: (أنّ القيام من الفراش أثناء الليل، والحركة البسيطة داخل المنزل، والقيام ببعض التمرينات الرياضية الخفيفة، وتدليك الأطراف بالماء، والتنفس بعمق، له فوائد صحية عديدة). وهذا ما يفعله المسلم في قيام الليل من الوضوء والصلاة والدعاء.
9 - الفوز بالسعادة:
إذا كانت نفوسنا تهفو إلى السعادة وتحاول أن تستشعرها كل وقت وحين، فهل توجد سعادة أكبر وأسمى من سعادة الوقوف بين يدي الله تعالى، واستشعار قربه؟! إنها لذة لا تساويها لذة، ومتعة لا تدانيها متعة، ومع هذا تحصل أيضًا على الثواب الجزيل.
وهذه اللذة لا يشعر بها إلا من جربها، ففي هذا الوقت من الليل يكون الهواء أكثر نقاء، والجو أكثر صفاء، والنسيم العليل يملأ الدنيا بعبيره، والسكون والهدوء يغمر الكون، فتشعر كأنك في عالم آخر غير عالمنا الذي نعيش فيه، وكأن الدنيا كلها تستعد وتتزين لنزول رب العزة سبحانه وتعالى إلى سمائنا الدنيا في الثلث الأخير من الليل، فلا تضيع على نفسك هذه اللذة، ولا تلك المتعة. هيا إلى مناجاة الله عز وجل، ودعائه في السَّحَر؛ ليقابلنا بالإجابة والغفران، هيا لاستقبال مولانا بصالح أعمالنا، هلموا للاستغفار والتوبة.
وهذه اللذة -التي يستشعرها المؤمن- هي ما جعلت بعض العلماء يقولون: ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم أهل الجنة إلا ما يجده أهل التملُّق في قلوبهم باللَّيل من حلاوة المناجاة. وقال آخر: لو عوَّضَ الله أهل اللَّيل من ثواب أعمالهم ما يجدون مِن اللذَّة لكان ذلك أكثر مِن ثواب أعمالهم.
وكان الفُضَيْل بنُ عياض رضي الله عنه يقول: إذا غربتِ الشمس فرحتُ بالظَّلام؛ كي ينام النّاس؛ فأخْلُو بالله عزّ وجلّ.
وعندما سُئِل الحسنُ البصريُّ رضي الله عنه: لماذا المجتهدون بالليل أجملُ النَّاس وجوهًا؟ قال: لأنهم خَلَوْا بالرحمن فألبسهم الله من نوره.
10 - الحصول على لذة مجانية:
من عرف لذة قيام الليل، فلا بد أن يستزيد منها، ولا يفارقها أبدًا، بل إنّ أحدَهم كان يستشعر أنه في سباقٍ مع الزمن، يريد أنْ يستوقف الليل، وكأنه يقول له: أيا ليل مهلاً!! فهذه هي اللذة الكبرى التي لا تعادلها لذة، والمتعة تستحق السهر والقيام.
قال أحد الصالحين: أنا والليل فرسا رهانٍ، مرّة يسبقني إلى الفجر، ومرةً يقطعني عنِ الفِكْرِ. وسُئل أحد التَّابعين: كيف حال الليل معك؟ فقال: ساعة أنا فيها بين حالتين: أفرحُ بظلمته إذا جاء، وأغتم بفجره إذا طلع، ما تمّ فرحي به قطّ.
وإذا كان الكثير منا يبحث عن الراحة والاستجمام من خلال السفر والرحلات، والمصايف والمشاتي، والحفلات والسهرات، ويدفع الأموال دون حساب للحصول على الراحة النفسية بعد عناء التعب والعمل، فإن كلّ هذه المحاولات لا تساوي لحظة واحدة من التأمل في خلق الله في هذا الوقت من الليل، فالمتعة مجانية، أما الجزاء والثواب فهو حقًّا جزيل، فهيا جربوا معنا تلك المتعة، ولنبدأ من الآن.
من ذاق عرف
وترى الذين جربوا هذه السعادة يُؤْثرون لقاء الله على الراحة، بل ويصل بهم الحد إلى هجر المضاجع ومجافاتها؛ لأن هناك ما هو أحب وأعظم. يقولُ تعالَى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُون * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}، أي: يخاصمون مواضع نومهم ويُقْبلون على عبادة ربهم بقيام الليل.
وقد كان الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يحبّون قيام الليل، ويفضّلون الموت على ترك القيام، فقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من عبَّادِ بنِ بِشْرٍ رضي الله عنه أن يتولَّى حراسة المسلمين في إحدى المعارك، فأخذ يقوم الليل، وأثناء حراسته، جاء أحد الأعداء فضربه بسهم وقع في كتفه، فأخرج السّهم، وأكمل الصلاة، فضربه الرجل بسهم آخر، وقع في كتفِهِ فأخرجَهُ وأكْمَل صلاته، فضرب بسهم ثالث، فأخرجه وركع وسجد وسلّم ثم أيقظ أحد الصحابة فقال له: لِمَ لَمْ توقظْنِي؟ فقال له: كنتُ في ركعتين وكنت في قراءة لسورة مِن سور القرآن، لئن أقرؤُها أحبُّ إلَيَّ منْ خروج رُوحي. وكان هناك غلام صالح يقوم الليل كله، وعندما سئل: مَا الَّذي يدفعكَ إلى ذلك؟ قال: إذا ذُكِرَتِ النَّارُ اشتدَّ خوفِي، وإذا ذُكِرت الجنة اشتدَّ شوقي، فلا أقدِر أنْ أنام.
11 - الحصول على مرتبة الشرف الأولى:
يسعى كثيرٌ منَّا للحصول على الشهادات العليا، كالماجستير والدكتوراة، ويا حبذا لو كانت بتقدير ممتاز، أو مع مرتبة الشرف، هذا ما نسعى له في الدنيا. ولكن هل فكّر أحدنا في الحصول على مرتبة الشرف في الآخرة، وذلك بقيام الليل، فقد "نزلَ جبريلُ إلَى رسول اللهِ فقالَ لهُ: يَا محمَّدُ، اعْلَمْ أنَّ شَرَفَ المؤمنِ قيامُهُ باِللَّيل".
ومن الذين حصلوا على هذا الشرف، الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه الذي كان يقسِّمُ الليل، فيقوم الثلث الأول من الليل، ثم يوقظ زوجته فتقوم الثلث الثاني، ثم توقظ الأمُّ ابنتَهما فتقوم الثلث الأخير. وفي الليلة التالية، تقوم الأم الثلث الأول، ثم توقظ أنسًا ليقوم الثلث الثاني، ثمَّ يوقظ ابنته لتقوم الثلث الأخير، وهكذا كان بيت أنس يحظى بشرف قيام الليل كاملاً، فيا لها من منزلة عظيمة.. ويا له من شرف كبير!.
وهذه جارية للحسن البصري رضي الله عنه عندما باعها رجعت إليه تقول: يا مولاي رُدَّني، لقد بعتَنِي إلى قوم لا يقومون الليل، ولا يصلون إلا الصلواتِ الخمس. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكثر من قيام الليل حتى إن قيام الليل ترك أثرًا واضحًا في ملامحه، فكثرة البكاء بين يدي الله في القيام ترك خطين أسودين في وجهه، ومن أقواله: (لم يبق مِن حلاوةِ الدنيا إلا ثلاثة أشياء: قيام الليل، ولقاء الإخوان، والصلاة في جماعة). وكذلك ابن مسعود رضي الله عنه كان إذا هدأت العيون يُسمع له دويٌّ كدويِّ النَّحْلِ وهو يصلِّي.
والآن.. أرأيت إذا جاءك الشيطان وأنت قائم بالليل، فقال: إنّ لبدنك عليكَ حقًّا، فلا تتهاون في حقه عليك إن الله غفورٌ رحيم، والمهم هو تأدية الفروض، أما قيام الليل فنافلة، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وأنت متعَبٌ بعد يوم عمل شاقّ، والعمل أيضًا عبادة.. فماذا أنت فاعل؟!
هل تسمح للشيطان أن يكيد لك؟ هل تتغافل عن هذا الشرف العظيم؟.. بالطبع لا. أراك الآن قد هجرتَ المضجع وتوضأتَ وآثرتَ لقاء الله تعالى، راغبًا في التقرب إلى الله بنية خالصة لا يشوبُها رياء أو سمعة، حيث لا أحد يراك الآن؟ فأنت وحدك بين يدي الله.. تناجيه وتدعوه، وها هو الشيطان يقف دون قُربك من الله، فكُنْ أقوى منه {إنّ كَيْدَ الشّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، واستعن بالله تعالى.
اقول قولى هذا واستغفر الله العظيم لى ولكم
وجزاكم الله خيرا على متبعتكم