ربنا يخليكى يا حببتى
جزانا الله وإياكى كل خير
انتظروا خطبة الجمعة
يوم غد ان شاء الله
مع مشرف القسم الثقافى
مع
المهندس : خالد ابو سعده
" mopoto"
الحمد لله رب العالمين و الصلاه و السلام على اشرف المرسلين سيدنا محمدا و على اله و صحبه اجمعين اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده..أرسله بالهدى ودين الحق والنور على فترة من الرسل وقلة من العلم وضلالة من الناس ودنو من الأجل وقرب من الساعة ففتح الله به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن أمته..
اما بعد ....
إن هناك كثيراً من الآداب المفقودة بين المسلمين، وهذه الآداب المفقودة تسبب أنواعاً من الوقوع في الإثم والعدوان، وكثيراً من الناس يستهينون بباب الأخلاق والآداب؛ مع أن باب الأخلاق والآداب من الأمور العظيمة التي هي من مزايا هذه الشريعة ومن محاسنها، وبعض الناس يهتمون بأمور المعتقد والفقه والعلم، وينسون أن هذا الدين لا بد أن يكون المسلم فيه متخلقاً بأخلاق الإسلام متأدباً بآداب الشريعة.
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
ومن مآسينا في هذا الزمان، وفي ظل دائرة الابتعاد عن الإسلام يوجد هناك كثير من النقص والعيب، ومن ضمنه هذه الأمور المفقودة في باب الأخلاق والآداب، خلق التسامح الذي في الكثير من الأحيان قد نسمع عنه ،فهي كلمة ربما تخرج من أفواه العديد من الناس، كما أن البعض قد يستعذب نطقها! إلاّ أن السؤال المحير الذي أود طرحه في هذه الخطبة هل نحن جميعاً نعمل وفق هذه المفردة؟ بمعنى آخر، هل نحن كمسلمين نعمل بهذه الفضيلة الأخلاقية والقيمة الإنسانية التي دعت إليها فطرة الإنسان وعقله، كما دعا إليها الدين الإسلامي في الكثير من نصوصه وآثاره،؟ للإجابة على هذا السؤال نحتاج لاستقراء ردود فعل الناس والمجتمعات من حولنا، قديماً وحديثاً. فنحن قد نقرأ الآيات القرآنية التي تحدثت عن ابني آدم بالحق إذ قرّبا قُرباناً فُتُقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين، لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسطٍ يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين فما كان من قابيل إلاّ أن قتل أخاه، ليصبح بعمله هذا مرتكب لأول جريمة قتل في التاريخ. وأثناء قراءتنا لهذه الآيات نشيد بموقف هابيل المتسامح ونشجب موقف قابيل الدموي العنيف.
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
ولكن، ماذا لو كنا نحن في موقفٍ كهذا؟ هل سنُجيب كما أجاب هابيل أم سنُشمر عن أيدينا للقتال كما فعل قابيل؟أعتقد بأننا سنُشمر عن أيدينا للقتال، خاصة إذا كنا في موقف قوة، بالرغم من أن القرآن أنزل للتطبيق وحكى لنا القصة لنتمثل دور هابيل لا دور قابيل ! نعم، قد يحفظ الكثير منا عن ظهر قلب مواقف رسولنا الكريم محمد بن عبدالله - مع أعدائه والتي تجلت فيها أسمى صور التسامح، فمن منا ينسى موقفه المتسامح مع وحشي قاتل عمه حمزة؟ ومن منا ينسى موقفه مع مشركي مكة عندما فتحها؟ اذهبوا فأنتم الطلقاءكأنه يقول عفا الله عنكم وسامحكم الله قد نقرأ أيضاً للشاعر مقولته الرائعة التي يقول فيها:
وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى *وفارق ولكن بالتي هي أحسن
وقد يتغنى بعضنا بهذه المقولة، إلاّ أنه عندما يجد من يعتدي عليه، سواءٌ كان ذلك الاعتداء باللسان أو باليد أو.. فلا يتردد المعُتدى عليه بالرد بالتي هي أشد وأقسى
وقد يردد شخص معي ما قاله الشافعي أيضاً حول الصديق، عندما أنشد:
سامح صديقك إن زلت به قدمُ* فليس يسلمُ إنسـان من الزللِ
والمشكلة التي يقع فيها البعض أنه وبمجرد أن تزل قدم صديقه، كأن يتفوه بكلمة جارحة في حقه وربما بدون قصدٍ تراه مزمجراً غضباناً بعد أن كان قطاً وديعاً
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
اجتمع الصحابة في مجلس ولم يكن معهم الرسول فجلس خالد بن الوليد .. وجلس ابن عوف وجلس بلال وجلس ابو ذروكان ابو ذر فيه حدةوحرارة فتكلم الناس في موضوع مافتكلم أبو ذر بكلمة اقتراح أنا أقترح فيالجيش أن يفعل به كذا وكذاقال بلال لا هذا الاقتراح خطأ فقال أبوذر حتى أنت يابن السوداء تخطئني فقام بلال مدهوشا غضبانا أسفا وقال والله لأرفعنك لرسول الله وأندفع ماضياً إلى رسول الله . وصل للرسول وقال يا رسول الله أما سمعت أبا ذر ماذا يقول في ؟قال ماذا يقول فيك ؟؟قاليقول كذا وكذا فتغير وجه الرسول.وأتى أبو ذر وقدسمع الخبر . فاندفع مسرعا إلى المسجد.فقال يا رسول الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية فبكى أبو ذر وأتى الرسول وجلسوا قال يا رسول الله استغفر لي سل الله لي المغفرة! ثم خرج باكيا من المسجد . وأقبل بلال ماشيا ..فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب.وقال والله يابلال لا ارفع خدي عن التراب حتى تطأه برجل كأنت الكريم وأنا المهان. فأخذ بلال يبكي .. وأقترب وقبل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا هذه هي حياتهم يوم تعاملوا بالإسلام
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
إن بعضنا يسيء للبعض فياليوم عشرات المرات فلا يقول عفواً ويعتذر إن بعضنا يجرح بعضا جرحا عظيمافي عقيدته ومبادئه وأغلى شيء في حياته.فلا يقول سامحني إن البعض قد يتعدى بيده على زميله وأخيه ويخجل من كلمة سامحني الإسلام دين التقوى لم يفرق بين لون أو حسب أو نسب . فلماذا يعجزأحدنا عن الاعتذار لأخيه ؟ بهدية صغيرة .. أو كلمة طيبة . أو بسمة حانية لنظل دوما على الحب والخير أخوة.
http://www.kazamiza.com/lopez/admin/2.gif
اللهم لا تجعل لنا فى هذا اليوم العظيم ذنبا الا عفرته
ولا مريضا الا شفيته
ولا يهوديا الا مزقته
اللهم لا تجعل انا حاجة من حوائج الدنيا لك فيها رضا و لنا فيها صلاحا الا قضيتها يا ارحم الراحمين
يعظكم لعلكم تتذكرون
اذكروا الله يذكركم
و استغفروه يغفر لكم
جزاك الله كل خير
ماشاء الله اختيار متميز
وفعلا التسامح دة شيء عظيم اوى خصوصا لو انتا اللى صاحب الحق
واقل شيء عند الغلط هو الاعتراف به من اجل الله
الف شكر ياخالد
الله ينور خطبه جميله ياندي
وخطبه خالد رائعه
جزاكم الله كل خير
جزاك الله خيراً يا خالد
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
موضوع حقيقى جمييييل جداً
واحنا بالفعل دوما فى حاجه للتسامح
واختيار موفق يا خالد
جزاكم الله كل خير على مشاركتكم
وجعل الله موضوعك حسنات لك
تكون حرز لك من الشيطان فى الدنيا
وتكون نجاتك فى الاخره
جزاك الله كل خير
انتظرونا مع خطبة جديدة
كما عودناكم من كل يوم جمعة من كل اسبوع
وضيفة هذا الاسبوع
مشرفة قسم المالتي ميديا
مروة مجدى
" ميرو "
ربنا يكرمك ويبارك فيك يا خالد
خطبة جميلة جدااا
جزاك الله كل خير
http://up.mrkzy.com/images/images/qt...ci71fchlc5.gif
الحمد لله الذي فضل أوقات رمضان على غيره من الأزمان وأنزل فيه القرآن هدى وبينات من الهدى والفرقان ، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الذي كان يخص رمضان بما لم يخص به غيره من صلاة وتلاوة وصدقة وبر وإحسان اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين الذين آثروا رضا الله على شهوات نفوسهم فخرجوا من الدنيا مأجورين وعلى سعيهم مشكورين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين
اما بعد :
قال الله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[البقرة:185]
هذا الشهر المبارك موسم خير، وموسم عبادة، في شهر رمضان تتضاعف همة المسلم للخير وينشط للعبادة أكثر، ويقبل على ربه سبحانه وتعالى رجاء رضاه ورجاء مغفرته، وربنا الكريم تفضل على المؤمنين الصائمين فضاعف لهم المثوبة وأجزل لهم العطاء، فهو موسم تكفير السيئات ورفعة الدرجات
اعلموا أيها المؤمنون الصائمون أن من أعظم الأعمال في هذا الشهر الكريم الصيام. ففي الصحيحينعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)).
أي سبعين سنة.
فإذا كان صيام يوم واحد يباعد العبد عن النار سبعين سنة فما بالك بصيام شهر رمضان كله.
http://www.giantup.com/get-8-2009-Gi...M_da4fupyl.gif
والصيام طريق إلى الجنة وباب من أبوابها,فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن للجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون ولا يدخل منه أحد غيرهم)).
http://www.giantup.com/get-8-2009-Gi...M_da4fupyl.gif
والصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامةفعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: رب منعته الشراب والطعام في النهار فشفعني فيه, ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه, قال: فيُشَفَّعَان))
أي يقبل الله جل شأنه شفاعتهما ويدخله الجنة.رواه أحمد والطبراني
http://www.giantup.com/get-8-2009-Gi...M_da4fupyl.gif
واعلموا أن من أجل الأعمال وأعظمها في هذا الموسم السنوي صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف، ولا تغفل أيها المسلم عن آخر الليل،فإن عمر رضي الله تعالى عنه يقول:(والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون)وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم نادباً أمته إلى قيام الليل((يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام, وصلوا والناس نيام, تدخلوا الجنة بسلام)),وقال صلى الله عليه وسلم في قيام شهر رمضان على وجه الخصوص:((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)),وقال عن مزية القيام مع الإمام في صلاة التراويح:((من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة))
أي ينتهي من صلاته، كأنما قام تلك الليلة كلها في الفضل والثواب.
http://www.giantup.com/get-8-2009-Gi...M_da4fupyl.gif
واعلموا أيها المؤمنون الصائمون أن من أجل الأعمال وأعظمها أيضاً في هذا الموسم الكريم قراءة كتاب الله عز وجل وتلاوته، فهذا شهر القرآن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلتقي فيه بأمين وحي رب العالمين جبريل يدارسه القرآن,وقال صلى الله عليه وسلم:((من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف))
, والقرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة,في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف البقرة وآل عمران بالزهراوين وقال:((إنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان يحاجان عن صاحبهما))
أي عن الذي يحفظهما ويقرأ بهما دائماً, يأتيان يذبان عنه ويدافعان ويحاجان عنه يوم القيامة
فعليكم بهذا الكتاب العظيم اقرؤوا كتاب الله عز وجل وأكثروا من تلاوته في هذا الشهر المبارك .
http://www.giantup.com/get-8-2009-Gi...M_da4fupyl.gif
واعلموا ـ أيها المسلمون ـ أن من اعظم الاعمال ايضا وخاصة في هذا الموسم العظيمصلة الرحم والصدقة على الفقراء والمساكين والمحتاجين, فهذا الشهر شهر البذل والإنفاق والجود والكرم, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الناس وأعظمهم جوداً وكرماً وبذلاً وسخاءً وإنفاقاً, يعطي عطاء من لا يخشى الفقر قط، وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاء هذا الشهر الكريم يكون أعظم ما يكون جوداً وكرماً مثل الريح المرسلة كما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
والصدقة من أعظم أبواب البر,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((والصدقة برهان))
أي دليل على صدق إيمان العبد لأنه بذلك يكون قد تغلب على الطبيعة المغروسة في الإنسان وهي الشح,قال تعالى:وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ[التغابن:16].
واعلموا أيها المؤمنون أن من أعظم الأعمال وأجلها في هذا الموسم الكريم العمرة، فإنها تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلمعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار:((إن عمرة فيه ـ أي رمضان ـ تعدل حجة معي)).
http://www.giantup.com/get-8-2009-Gi...M_da4fupyl.gif
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
رمضان كريم
اعاده الله علينا وعلى كل الامه الاسلاميه بالخير و اليمن و البركات
كل عام وانتم بخير
http://www.giantup.com/get-8-2009-Gi...M_aey3yw90.gif
جزاكِ الله خيراً يا مروه
سعيده لتواجدك معنا فى الخطبه
وأختيار جميل
رمضان مبارك...وكل عام وانتِ بخير
ربنا يبارك فيكى يا مروة خطبه ممتازة
جزاكى الله كل خير وجعلة الله فى ميزان حسناتك
وكل عام وانتى والامة الاسلامية بخير
اختيارك موفق ياميرو
جزاكى الله كل خير
ربنا يجعلها فى موازين حسناتك
http://www3.0zz0.com/2009/08/21/13/373877246.gif
http://www.giantup.com/get-8-2009-Gi...M_9cjs7827.gif
خطبه رسول الله عن شهر رمضان
روى أبو الحسن الرضا، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليهم السلام؛ إن رسول الله صلى الله عليه وآله خطبنا ذات يوم فقال: أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات.
هو شهر دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله. أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب.
فسلوا الله ربكم بنيات صادقة، وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه، وتلاوة كتابه، فان الشقي من حُرِمَ غفران الله في هذا الشهر العظيم، وإذكروا بجوعكم و عطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم، وغضّوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم، وعما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم، وتحننوا على أيتام الناس يُتحنن على أيتامكم، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم. وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم، فإنها أفضل الساعات، ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه، ويستجيب لهم إذا دعوه. أيها الناس إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم، واعلموا أن الله تعالى ذكره أقسم بعزته أن لا يعذب المصلين والساجدين، وأن لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين.
أيها الناس من فطَّر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان لـه بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه. قيل: يا رسول الله! وليس كلنا يقدر على ذلك، فقال عليه السلام: اتقوا النار ولو بشق تمرة، اتقوا النار ولو بشربة من ماء.
أيها الناس من حَسنَّ منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازا على الصراط يوم تزل فيه الإقدام، ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه، خفف الله عليه حسابه، ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيما أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وَصَل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قَطَع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله لـه براءة من النار، ومن أدّى فيه فرضا كان له ثواب من أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، ومن أكثر فيه من الصلاة عليَّ ثَقَّل الله ميرانه يوم تخفّ الموازين، ومن تلافيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.
أيها الناس! إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة، فسلوا ربكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلقة فسلوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فسلوا ربكم أن لا يسلطها عليكم.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقمت فقلت: يا رسول الله!ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن! أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل.
ثم بكى فقلت: يا رسول الله! ما يبكيك؟ فقال: يا على أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك، وقد انبعث أشقى الأولين شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك فخضَّب منها لحيتك.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟ فقال عليه السلام: في سلامة من دينك. ثم قال: يا علي من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبك فقد سبني، لأنك مني كنفسي، روحك من روحي، و طينتك من طينتي، إن الله تبارك وتعالى خلقني وإياك واصطفاني وإياك، و اختارني للنبوة، واختارك للإمامة، ومن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي. يا علي! أنت وصيي، وأبو ولدي، وزوج إبنتي، وخليفتي على أُمتي في حياتي وبعد موتي، أمرك أمري، ونهيك نهيي، اقسم بالذي بعثني بالنبوة، وجعلني خير البرية، إنك لحجة الله على خلقه، وأمينه على سره، وخليفته على عباده1.
المصدر
شهـر رمضـان
بصائر وأحكام
المرجع الديني
آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي
http://www.giantup.com/get-8-2009-Gi...M_nvj39jn6.gif
ربنا يجازيك كل خير يا كارمو
ويتقبل منك ويتقبلك بقبول حسن
و جزاك الله خيرا كارمو ركس
جزانا الله واياك يا رمضان
شكرا ليك
جزاكى الله كل خير يا ميرو الخطبة جميلة جدا الله ينور عليكى
جزاك الله خير ياكارمو موضوعك جميل جدا
ربنا يجعله فى ميزان حسناتكم
شكرا ليكي يا ندي
وشكرا ليكي يا سومه
جزاكم الله كل خير
جزاك الله خير الثواب ياعلى الخطبه فعلا عظيمه جدا جدا
افضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل
فعلا الكلمه دى عظيمه جدا ياريت نعمل بيها كمسلمين
الله ينور ياعلى
انتظرونا مع خطبة جديدة
يوم الجمعة بأذن الله
مع موضوع جيد
وضيف جديد
فانتظرنا مع
.
.
.
.
مع مشرفة القسم الثقافى
" emu "
في ظل هذه الايام المباركه التي نحياها معا
ايام شهر رمضان المبارك
وفي رحاب الرحانيات والايمانيات التي تشتعل بها نفوسنا
وها قد اقبلت نفحات الرحمه في ظل العشر الاواسط من رمضان
كم جمعنا ؟؟ كم ربحنا من اعمال ؟؟
ولذلك..
دعوني اصدقائي وزملائي الاعزاء عرض
كــــــ حساب ـــــشف في رحــاب أيام مباركــه
وسأقوم بتقسيم الخطبه الي جزئين
الاول يدور حول أيام المغفره في رمضان..
الثاني هو كشف حساب..
اولا
أيام المغفره
الايام العشرة الثانية لرمضان ايام المغفرة
ها قد مر الوقت وأقبلت العشرة الثانية من رمضان وهي مشهورة عند المسلمين بأنها عشرة المغفرة. وكل أيام الله مغفرة لأنه هو الغفور العفو سبحانه وتعالى ولكن لكي يصيبنا غفران الله وعفوه هيا لنوصي بعضنا البعض بشيئين مهمين:
أن نجدد جميعاً التوبة إلى الله وأن نرجع إلى الله ونتوب من كل ذنب اجترأنا فيه على ملك الملوك وأرحم الراحمين، وأن نعلم أنه مادام الله قد وفقك لقراءة هذا الكلام عن التوبة فهو يريدك أن تتوب وترجع إليه وإلا ما جعلك تقف على هذا الكلام.
لا تيأس أبداً من عفو الله ورحمته لأن رحمته وسعت كل شيء، وإذا كان الله قد قال: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف"، فما بالك بنا أمة الحبيب "محمد" صلى الله عليه وسلم؟! وقال: "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى"، فهذا وعد من الملك الذي لا يخلف الميعاد. بل إن الله تعالى يعد كل عاصٍ إذا تاب إلى الله وبدأ في الأعمال الصالحة بأن يبدل مكان سيئاته حسنات. "إلا من تاب وآمن وعمل عمل صالحاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات". فهنيئا لمن سيتوب ويستغفر من ذنوبه... ما أكرمك يا الله!!
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولأتى بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم".
فلا تيأس من عفوه وغفرانه وارجع إليه بسرعة في هذه الأيام التي يزيد فيها العفو على العباد فلنكن جميعاً منهم ولا نيأس مهما كانت ذنوبنا. وشروط التوبة أربعة أو ثلاثة على حسب نوع الذنب فإن كان في حق الله فقط فثلاثة:
1- الندم على هذا الذنب
2_الاقلاع عنة
3- العزم الأكيد على عدم العودة
وإن كان في حق أحد من الناس يضاف إليه شيء رابع هو إرجاع الحقوق إلى الناس أو الاعتذار لهم ليسامحونا.
أما الشيء الثاني الذي نحصل به على عفو الله ومغفرته فهو أن نعفو نحن عن بعضنا البعض وعن كل من أساء إلينا فإن الله عفو يحب العفو. قال تعالى: "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم". فاعفُ عن غيرك حتى يعفو الله عنك، ولنتفق على أشياء تشجعنا على العفو عن كل من أساء إلينا:
1- البشر يخطئون وأنت أيضاً تخطئ كما يخطئون، وتسيء إلى غيرك حتى وأنت لا تشعر. ومن ثم فأنت تحتاج لمن يسامحك ويعفو عنك بمثل ما هو مطلوب منك العفو عنهم.
2- التسامح عكس طبيعه البشر في حب التشفي والإهانة، فأنت إذا عفوت حاربت نفسك من أجل الله عز وجل فيعلو مقامك عنده.
ومن صفات أهل الجنة العفو. لقد قال الله تعالى: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين". فتذكر أن من صفات أهل الجنة المتقين أنهم يعفون عن من أساء إليهم. ولذلك يقول سيدنا "علي بن الحسن": "إذا كان يوم القيامة نادى مناد
أيكم: أهل الفضل؟ فيقوم بعض من الناس فيقال: انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة فيقولون: إلى أين، فيقولون إلى الجنة. فيقول الملائكة: قبل الحساب؟ قالوا: نعم، فيقول الملائكة: من أنتم؟ يقولون: أهل الفضل. فيقول الملائكة: وما كان فضلكم؟ قالوا: نحن قوم إذا أسيء إلينا عفونا وإذا جهل علينا حلمنا وإذا ظلمنا صبرنا. فيقول الملائكة: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين".
هذا هو التمييز في الدنيا الذي يجلب التمييز في الآخرة.
ومن صفات النبي في التوراة كما رواه "البخاري" من حديث "ابن عمرو بن العاص": "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر.."..
وإذا جاء الشيطان فقال لك: إذا عفوت فستكون ذليلا وسط الناس ويضيع حقك بين الناس فترد عليه بحديث النبي الصادق صلى الله عليه وسلم: "ما زاد الله عبداً يعفو إلا عزاً". واقرأ معي كلام سيدنا "أبي بكر الصديق": "يقال يوم القيامة للناس: من كان له عند الله شيء فليقم. فيقوم أهل العفو فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس". وكيف لا؟! ألم يقل الله تعالى: "فمن عفا وأصلح فأجره على الله"؟!
وانظر لهذا الثواب الكبير.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلا كان بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا". أي أن الله سيغفر لكل الناس إلا المتخاصمين الذين لا يعفون عن بعضهم البعض، فلا تكن منهم بل خذ ثوابك وثواب صاحبك بأن تبدأ أنت بالصلح فيغفر لك وله. ولما قام "عبد الرحمن بن ملجم" بطعن سيدنا "علي بن أبي طالب" أمسكه المسلمون وأسروه وأخبروا سيدنا "علياً" قبل أن يموت، فقال سيدنا "علي": "أحسنوا إليه فإن أنا بقيت أنظر في أمري أخذت حقي أو عفوت، وإن مت فاقتلوه ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين".
وهناك أحد الصالحين اسمه "ميمون بن مهران" قد أقام وليمة فجلس مع ضيوفه فدخلت جارية صغيرة ممسكة بإناء فيه مرقة سخنة فلما اقتربت منه تعثرت وسقط منها الإناء الساخن عليه أمام ضيوفه فنظر إليها فقالت له تذكره بقول الله: "والكاظمين الغيظ" فقال: "كظمت غيظي" فقالت: "والعافين عن الناس"، فقال: "عفوت عنك"، فقالت: "والله يحب المحسنين" فقال: "اذهبي أنت حرة".
لذلك فالوصية هي العفو عن كل من أساء إلينا
حتى يعفو الله عنا.
وعلينا بالتوبة والرجوع إلى الله..
والله المستعان.
وانتقالا الي الجزء الثاني...
كشف حساب الارباح والخسائر
- كشف حساب الأرباح والخسائر عن شهر رمضان
* رمضان موسم التجارة الرابحة مع الله*
يقول الرسول ص: " إن لربكم في أيام دهركم لنفحات فاغتنموها " ويعتبر شهر رمضان من أفضل الشهور عند الله ، وهو موسم البركات والخيرات حيث يقول الرسول ص : " أتاكم شــــــــــهر بركة ، يغشــــــــاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويســـــتجيب فيه الدعاء ، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فى الخير فيه ، ويباهى بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا فأن الشــــقي من حرم رحمة الـلــه فيه " ( رواه الطبرانى )
فهو شهر المنافسة في الخيرات والحصول على الربح العظيم وهو رحمة الله . وهو موسم للتجارة مع الله عز وجل نقدم فيه بضاعتنا القليلة ونقبض ثمنها الكبير من الله عز وجل هو الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، يقول الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ، وأخــرى تحبـــونها نصر من الله و فتح قريب وبشر المؤمنين " ( الصف : 110 -12 ) .
وبصفة عامة تكون بضاعة المسلم التي يقدمها هي : الإيمان بالله وبرسوله والتضحية بالمال والنفس في سبيل الله ويكون المقابل من الله هو : غفران الذنوب والفوز بالجنة والنصر على الأعداء ... فقد ربح البيع مع الله ، فإذا كان ذلك بصفة عامة ، فإنه يكون في رمضان أعظم ربحاً حيث أن ثواب النافلة يعدل ثواب الفريضة في غير رمضان ، وثواب الفريضة يعدل ثواب سبعين فريضة فيما سواه .
·من الرابح ومن الخاسر من شهر رمضان ؟
أولاً –
الرابح : من صام رمضان إيماناً واحتساباً وتقرباً إلى الله عز وجل ومن استشعر أنه قد ازداد تقوى وورعاً وصلاحاً ولقد وضح الله ذلك
بقوله : " لعلكم تتقون " ويتمثل الربح هنا في المغفرة مصداقاً لقول الرسول : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " (النسائى)
والخاسر : هو من صام رمضان رياءً ونفاقاً وعادة ولقد أشار الرسول e إلى ذلك فقال : " فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش " .
ثانياً -
الرابح : من أقام رمضان خاشعاً لله وحده ففي رمضان صلاة القيام وصلاة التهجد وكذلك صلاة التسابيح ، وهذا كله مع الصلوات الخمس المفروضة ، ولقد ورد عن رسول الله ص إن هذه الصلوات تغسل الذنوب كما يغسل الثوب من الدنس ، وفى هذا الخصوص يقول الرسول ص"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ،إذا اجتنبت الكبائر " (رواه مسلم).
والخاسر : من كان من الساهين عن الصلاة أو صلى رياء ولم يكن خاشعاً في صلاته أو من شغلته تجارته ومشاكل الحياة عن صلاة القيام والتهجد ونحوها ،والذي ورد فيهم قول الله تبارك وتعالى : " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا " ( مريم : 59 ) .
ثالثاً -
الرابح : من اجتهد في قراءة القرآن عبادة لله مستشعراً حلاوته ومتدبراً لمعانية وعاملاً به ، ومن ضحى بساعات من نومه ساهراً مع الله في قراءته ، سيكون له بكل حرف من حروف القرآن عشر حسنات في غير رمضان وأضعاف ذلك في رمضان ويكون شفيعاً له يوم القيامة ودليل ذلك قول الرسول ص : "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة : يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه فقال : فيشفعان " ( رواه احمد ) .
والخاسر : من لم يقرأ القرآن وشغلته أمور الدنيا عن الجلوس في حلقات القرآن في المساجد أو مع أسرته أو مع نفسه ، ومن لم يضحي بساعات من نومه لقراءة القرآن ، ومن لم يخشع قلبه لما نزل من الحق ، ومن ينطبق عليهم قول الله عز وجل : " وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا" (الفرقان : 30)
رابعاً -
الرابح : من أدى زكاة ماله وصدقة الفطر وكان جواداً ... فهذا تطهير لنفسه من عبادة المال وتنقية لها من الشح والبخل وعلاجاً لبدنه من الأمراض .. فزكاة المال طهرة للمزكي وصدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للفقراء والمساكين والصدقات التطوعية علاج للأمراض مصداقاً لقول الرســـول ص : " داووا مرضاكم بالصدقة " ، فمن أنفق ماله ابتغاء وجه الله فسوف ييسره الله عز وجل لليسرى .
والخاسر : من كان شحيحاً بخيلاً بماله ، يحسب أن ماله أخلده ، فمن أنفق ماله في الولائم والحفلات والمظاهر والترف معتقداً أن ذلك من موجبات الصيام ونسى الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى والمرضى والمجاهدين في سبيل الله ، هؤلاء البخلاء ورد فيهم قول الله عز وجل : " ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ( آل عمران : 180 ) .
خامساً -
الرابح : من اعتكف في العشر الأواخر من رمضان ذاكراً ، ساجداً راكعاً ، خاشعاً لله ، والناس نيام ممتثلاً لقول الرســـــــول e: " يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام " فالاعتكاف سنة وإقتداء بالرسول eحيث ورد في الصحيحين : أنه eاعتكف العشر الأواسط من رمضان ثم اعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله تعالى .
والخاسر : من شغله أهله وأولاده وتجارته عن الاعتكاف أو من شغلته وسائل اللهو وسهر أمام التلفاز أو في أمكنة الفسوق والعصيان ، فشتان بين معتكف في بيت الله وبين لاه أمام وسائل اللهو.
سادساً -
الرابح : من اجتهد في الدعاء في وتر العشر الأواخر من رمضان مجتهداً ليوافق ليلة القدر حيث تنزل الملائكة والروح من عنده يسلمون على المؤمنين المستغفرين العاكفين في المساجد ... لقد ربح من أجتهد بالتبتل والبكاء خشية من الله داعياً الله بالدعاء المأثور : "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى " فقد قال الرسول e: "ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " (رواه أحمد) .
والخاسر : من لم يعرف قدر الدعاء في رمضان وفى وتر العشر الأواخر منه لقد خسر من لم يغتنم موسم الدعاء ، فإن للصائم دعوة لا تـــرد فقـــد روى عن النبي ص: " للصائم عن فطره دعوة لا ترد " (رواه أحمد) .
سابعاً -
الرابح : من وصل رحمه بالزيارة أو بالصدقة ، ومن كفل يتيماً أو زار مريضاً ومن تجنب اللغو والرفث وقول الزور والعمل به ومن فطر صائماً ومن ضحى بالمال والنفس من أجل جعل كلمة الله هي العليا وكلمة الكافرين هي السفلى .
والخـاســـر : من حُرِمَ رحمة الله في هذا الشهر ولم يكن له من صيامه إلا الجوع والعطش .
حساب الأرباح والخسائر عنشهر رمضان
يجب على كل مسلم أن يعد لنفسه حساباً عن الغنائم ( الأرباح ) التي غنمها من شهر الخيرات والبركات وعن المكاسب التي كسبها من التجارة مع الله في شهرالرحمات والروحانيات ، وما فاته من خير عظيم فخسر رحمة الله ... فإن كان من الرابحين فيحمد الله ويسعى لتعظيم الأرباح ، وإن كان من الخاسرين فعليه أن يعاتب نفسه ويستغفر ويتوب ويعقد العزم على تعويض الخسارة بمزيد من الحسنات ، فإن الحسنات يذهبن السيئات .
ويمكن أن يعد كشف الحساب على الشكل الأتي ( يضع المسلم علامة على ما ربح وعلى ما خسر حتى يعرف رصيده من الخيرات التي تكون في ميزان حسناته)
الارباح
1- من صام إيماناً واحتساباً لله وازداد تقوى داعياً الله أن يغفر له ذنبه .
2- من قام رمضان راكعاً ساجداً ذاكراً لله راجياً أن يغسله من الذنوب …
3- من قرأ القرآن متدبراً لمعانيه عاملاً به داعياً أن يكون شفيعاً له يوم القيامة .
4- من أدى زكاة ماله وصدقة الفطر والصدقات مطهراً نفسه وماله ومعالجاً لأمراضه .
5- من اعتكف ذاكراً ساجداً راكعاً خاشعاً متبتلاً وباكياً من كثرة ذنوبه يرجو المغفرة .
6- من اجتهد فى الدعاء مدركاً ليلة القدر راجياً أن يغفر الله له .
الخسائر
1- من صام رياء ومظهرية ولم يكن له من صيامه إلا الجوع والعطش .
2- من شغلته تجارته أو اللهو ومشاهدة التلفاز عن صلاة القيام عاصياً لله .
3- من شغلته مفاسد الحياة من الأغانى والمسلسلات والفوازير عن قراءة القرآن.
4- من بخل بمال الله على الفقراء والمساكين واليتامى والمجاهدين فسوف يطوق بها فى نار جهنم .
5- من ضيع وقته فى السهر أمام التلفاز ناسياً خير رمضان فهذه الأيام ربما لا تعود عليه مرة أخرى .
6- من شغل بأمور الدنيا وزخارفها ومحاربة عباد الله الصالحين فقد حرم من رحمة الله .
** نـــــــــــــــــــــداء **
أيها المسلمون : تذكروا قول الله : " ولتنظر نفس ما قدمت لغد "
أيها الصائمون : " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتهيؤا للعرض الأكبر" .
ندعوا الله أن يأتي رمضان
وميزان حسناتنا اثقل
وإلى الله أقرب
جزاكى الله كل خير يا ايمو
وجعلها الله فى موازين حسناتك
جزاكى الله كل خير ياشيمو
معلش ان ردى متأخر
اختيار موفق ومميز
ربنا يجعل هذا الموضوع فى ميزان حسناتك
نورتى الموضوع بأضافتك ومشاركتك فية
ربنا يبارك فيكى خطبة جميلة جداا
جزاكى الله كل خير
انتظرونا مع خطبة جديدة
انتظرونا مع
.
.
.
.
.
مشرفة قسم الترحيب بالاعضاء الجدد
"Heba"
انتظرونا
جزاكِ الله خيراً يا emu
وان شاء الله منتظرين هبه بيبو
بأسف علي التأخير اخوتي بسبب النت الله يهديه
خطبتنا اليوم عن
(((غثاء الألسنة)))
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .... أما بعد ..أحبتي في الله ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... هذه محاضرة بعنوان " غثاء الألسنة ".
والغثاء بالمد والضم : ما يجيء فوق السيل مما يحمله من الزبد والوسخ وغيره , وغثاء الألسنة من أراذل الناس وسقطهم , والغث هو الرديء من كل شيء، وغث حديث القوم أي فسد وردئ , وأغث فلان في الحديث أي جاء بكلام غث لا معنى له.
وما أكثر الكلام الفاسد الذي يدور في مجالس المسلمين أياً كانوا , كباراً أم صغاراً , رجالاً أو نساءً , إن غثاء الألسنة اليوم يزكم الأنوف ويصم الأذان ويصيبك بالدوار والغثيان , وأنت تسمع حديث المجالس اليوم لا نقول ذلك في مجالس العامة ودهماء الناس فقط , بل وللأسف وأقولها بكل أسى حتى في مجالس الصالحين ومجالس المعلمين والمتعلمين.
غثاء الألسنة في الكذب والغش والخداع والنفاق.
غثاء الألسنة في الغيبة والنميمة والقيل والقال.
غثاء الألسنة في أعراض الصالحين والمصلحين والدعاة والعلماء في الوقت الذي سلم فيه أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والرافضين والمنافقين.
غثاء الألسنة في التدليس والتلبيس وتزييف الحقائق وتقليب الأمور.
غثاء الألسنة في التجريح والهمز واللمز وسوء الظن.
غثاء الألسنة في الدخول في المقاصد والنيات وفقه الباطن.
غثاء الألسنة في كل ما تحمله هذه الكلمة من غثائيةٍ وغث وغثيثٍ وغثيان , وما هي النتيجة ؟
النتيجة هي بث الوهن والفرقة والخصام والتنازع بين المسلمين وقطع الطريق على العاملين , وإخماد العزائم بالقيل والقال , إنك ما إن ترى الرجل حسن المظهر و سيماه الخير وقد تمسك بالسنة في ظاهره إلا وتقع الهيبة في قلبك والاحترام والتقدير في نفسك , وما أن يتكلم فيجرح فلان ويعرّض بعلان و ينتقص عمراً ويصنف زيداً , إلا وتنـزع مهابته من قلبك ويسقط من عينيك وإن كان حقاً ما يقول , وإن كان صادقاً فيه فلا حاجة شرعية دعت لذلك , وإن دعت الحاجة فبالضوابط الشرعية والقواعد الحديثية.
فإن لم تعلمها أخي المسلم فلا أستطيع أن أقول إلا "أمسك عليك لسانك" , إن المصنفات في الجرح والتعديل مئات المجلدات , لكن اقرأ فيها وتمعن فيها , وكيف كان الجرح فيها ؟ فشتان بين الجرحين .
لقد كان خوف الله عز وجل ميزاناً دقيقاً لألسنتهم رحمهم الله تعالى,وكان هدفهم هو تمييز صحيح السنة من سقيمها, ولكن ما هو الهدف اليوم ؟
نعوذ بالله من الهوى ومن الحسد ومن الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق.
أيها الأخ المسلم .. إلى متى ونحن نجهل أو نتجاهل أو نغفل أو نتغافل عن خطورة هذا اللسان ؟ مهما كان صلاحك ومهما كانت عبادتك ومهما كان خيرك ومهما كان علمك ومهما كانت نيتك ومهما كان قصدك.
فرحم الله ابن القيم رحمة واسعة يوم أن قال في "الجواب الكافي " :
(من العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر والنظر المحرم وغير ذلك , ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه !! حتى ترى الرجل يُشار إليه بالدين والزهد والعبادة وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً , يزل بالكلمة الواحدة أبعد مما بين المشرق والمغرب والعياذ بالله).
وقال أيضاً في الكتاب نفسه :
( إن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها , ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله تعالى وما اتصل به ).
وما أجمل ذلك الكلام !! ولذلك أقول أيها الأخ الحبيب احذر لسانك وانتبه للسانك واحبس لسانك وأمسك عليك لسانك وهو جزء من حديث نبوي أخرجه الترمذي في سننه وأحمد في مسنده وابن المبارك والطبراني وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال :
( قلت : يا رسول الله ما النجاة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " املك عليك لسانك وليسعك بيتك وابكِ على خطيئتك " وفي لفظ : " أمسك عليك لسانك ) والحديث صحيح بشواهده.
وأنا هنا لا أدعوك للعزلة وإنما أقول أمسك عليك لسانك إلا من خير , كما في الحديث الآخر:
( فإن لم تطق فكف لسانك إلا من خير) والحديث رواه أحمد وابن حبان وغيرهما .
وحفظ اللسان على الناس أشد من حفظ الدراهم والدنانير كما يقول محمد بن واسع رحمه الله تعالى , ولأن كثرة الكلام تذهب بالوقار ومن كثر كلامه كثر سقطه ولأننا نرى الناس قد أطلقوا العنان لألسنتهم فأصبح ذلك اللسان سلاحاً لبث الفرقة والنـزاع والخصام وفي مجالات الحياة كلها وبين النساء والرجال على السواء ولكثرة الجلسات والدوريات والاستراحات , ولأن الكلام فاكهة هذه الجلسات , كان لا بد من وضع ضابط ولا بد من تحذيرٍ وتذكيرٍ للناس في مثل هذه الجلسات ولأنك ستسمع الكثير إن شاء الله من الأسباب التي جعلتني أختار مثل هذا الموضوع من خلال هذه العناصر :
- خطر اللسان.
- أدلة من السنة والكتاب.
- السلف الصالح مع اللسان.
- صور من الواقع.
- النتيجة النهائية.
واسمع قبل ذلك كلاماً جميلاً جداً للإمام النووي رحمه الله في كتاب الأذكار يوم أن قال فصل:
( اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلام تظهر المصلحة فيه ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة ). انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
اسمع للفقه، اسمع لفقههم رحمهم الله تعالى " ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة " يعني كان قول الكلام أو تركه بمصلحةٍ واحدة، فالسنة الإمساك عنه لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه , بل هذا كثير وغالباً في العادة والسلامة لا يعدلها شيء.
خطر اللسان :- أدلة من الكتاب والسنة :
هل قرأت القرآن ومرّ بك قوله عز وجل : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:18)
هل تفكرت في هذه الآية ؟ إنها الضابط الشرعي ( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (قّ:37).
أسمعت أيها الإنسان ؟ أسمعت أيها المسكين ؟ إنها رقابة شديدة دقيقة رهيبة تطبق عليك إطباقاً شاملاً كاملاً , لا تـُغفل من أمرك دقيقاً ولا جليلاً , ولا تفارقك كثيراً ولا قليلاً , كل نفَس معدود , وكل هاجسة معلومة وكل لفظ مكتوب وكل حركة محسوبة في كل وقت وكل حال وفي أي مكان , عندها قل ما شئت وحدث بما شئت وتكلم بمن شئت ولكن اعلم أن هناك من يراقبك , اعلم أن هناك من يسجل وأنه يعد عليك الألفاظ :
( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيد * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:17- 18).
إنها تعنيك أيها الإنسان إنها تعنيك أنت أيها المسلم , ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) هذه الآيات والله إنها لتهز النفس هزاً وترجها رجاً وتثير فيها رعشة الخوف,الخوف من الله عز وجل , قال ابن عباس :
( يكتب كل ما تكلم به من خير وشر حتى أنه ليكتب قولك : أكلتُ , شربتُ , ذهبت, جئت, رأيت .. حتى إذا كان يوم الخميس عُرض قوله وعمله فأقِر منه ما كان من خير وشر وألقي سائره ).
واسمع للآيات من كتاب الله عز وجل تقرع سمعك وتهز قلبك إن كان قلباً مؤمناً يخاف الله عز وجل:
( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) (الانفطار: 12)
( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (الأحزاب:58).
( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الاسراء:36).
( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النور:24).
وأخيرا قوله تعالى: ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) (الفجر:14). فربك راصد ومسجل لكلماتك ولا يضيع عند الله شيء.
أما أنت أيها المؤمن , أما أنت يا من يقال عنك ويدور عنك الحديث في المجالس , أما أنت أيها المظلوم فإن لك بهذه الآية تطميناً فلا تخف ولا تجزع فإن ربك بالمرصاد لمن أطلقوا العنان لألسنتهم في أعراض العباد , بالمرصاد للطغيان والفساد والشر , فلا تجزع بعد ذلك أيها الأخ الحبيب.
ولتـزداد بيّنة في خطر هذا اللسان الذي بين لحييك فاسمع لهذه الأحاديث باختصار:
فعن بلال بن حارث المزني رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه , وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة )." والعياذ بالله .. والحديث أخرجه البخاري.
وكان علقمة يقول :( كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث)، أي هذا الحديث، اسمع لحرصهم رضي الله عنهم وأرضاهم، كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره فأين أنت يا علقمة من الذين يلقون الكلمات على عواهلها فلا يحسبون لها حساباً , كم نلقي أيها الأحبة , كم نلقي أيها المسلم من كلمات نظن أنها ذهبت أدراج الرياح وهي عند ربك في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى فاحسب لهذا الأمر حسابه حتى تعلم أن كل كلمة مسجلة عليك أيها الأخ الحبيب.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق) والحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وفي رواية مسلم ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب).
أسألك العفو يا إلهي .. إن شغلنا الشاغل في مجالسنا اليوم أيها الأحبة هو بث الكلمات ونشر الشائعات وكم من كلمة قصمت ظهر صاحبها وهو لا يعلم , ولا شك أن فساد المجالس بسبب قلة العلم والاطلاع , إذ لو وُجد أو أوجد هذا العلم لاستغلت المجالس أحسن استغلال ولسمعت النكت العلمية والفوائد الشرعية والمسائل الفقهية بدلاً عن القيل والقال والغرائب والعجائب ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.
وهذا أثر من آثار الجهل الذي يتفشى اليوم بين كثير من الناس , إسهال فكري وإسهال كلامي أصاب مجالس المسلمين اليوم إنك تجلس الكثير من المجالس وربما لم يمر عليك يوم من الأيام وليلة من الليالي إلا وجلست مجلساً فبماذا خرجت من هذه المجالس؟
ما هي النتيجة ؟
ما هي الثمرة من هذه المجالس التي جلستها ؟
أيها الأخ الحبيب , لا شك أن هذا أثر من آثار الجهل الذي يتفشى في صفوف المسلمين اليوم وقلة البركة حيث أصبح العلم مصدر رزق الكثير من الناس ولذلك تجد في المجلس الواحد عشرات المدرسين والمتعلمين ومع ذلك يذهب المجلس هباءً بدون فائدة , بل ربما ذهب والعياذ بالله بالآثام وجمع السيئات.
وفي حديث معاذ الطويل قال رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟" قال معاذ : بلى يا رسول الله , فأخذ بلسانه ثم قال).
انظر الوصية .. أخذ بلسانه ثم قال :
( "كف عليك هذا" قلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟)
بعض الناس قد يجهل أنه سيؤاخذ بكل كلمة تكلم بها سواءً خير أو شر.
(وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟" قال النبي صلى الله عليه وسلم :"ثكلتك أمك يا معاذ , وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟" والحديث أخرجه الترمذي في سننه وقال حسن صحيح.
وفي حديث سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة) والحديث أخرجه البخاري في صحيحه.
وفي آخر حديث سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال في آخره :( قلت يا رسول الله , ما أخوف ما تخاف عليّ ؟ فأخذ بلسان نفسه وقال :"هذا" ) والحديث أخرجه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده والترمذي في سننه وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
ثم يوجه المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمته تلك القاعدة الشرعية والمعيار الدقيق ولمن اختلطت عليه الأوراق وليقطع الشك باليقين وليسلم من الحيرة والتردد فيقول كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).
قاعدة شرعية تربوية منهجية نبوية ميزان معيار دقيق لك أيها المسلم ولكِ أيتها المسلمة يوم تجلس مجلساً "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" انظر للتربية ربط هذه القلوب باليوم الآخر "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" .. ولأن النفوس اليوم غفلت عن اليوم الآخر وتعلقت بالدنيا وشهواتها ولذاتها غفلت عن هذه القاعدة الشرعية النبوية ونسيت الحساب والعذاب ونسيت الجنة والنار وغفلت عنها .. وبالتالي انطلق اللسان يفري في لحوم العباد فرياً بدون ضوابط وبدون خوفٍ ولا وجل .. لماذا هذه القاعدة ؟
لأنه لا يصح أبداً أن يؤذي المسلم إخوانه بلسانه ولأن المسلم الصادق المحب الناصح هو من سلم المسلمون من لسانه ويده (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) كما في حديث أبي موسى الأشعري المتفق عليه.
والأحاديث في الباب كثيرة مستفيضة.
وكم نحن بحاجة لمن يردد هذه الأحاديث على مسامع الناس , كم نحن بحاجة أيها الأخيار , يا طلبة العلم , أيها الصالحون , كم نحن بحاجة أيتها الصالحات , يا أيتها القانتات الخائفات العابدات الساجدات , كم نحن بحاجة إلى من يردد على المسلمين والمسلمات أمثال هذه الأحاديث ليتذكروها ويعوها وليفهموها جيداً , حتى تتذكر النفس كلما أراد اللسان أن ينطلق بكلمة يحسب لها حسابها قبل أن يخرج لسانه بهذه الكلمات.
واسمع لرواة هذه الأحاديث من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم يوم أن سمعوها علماً وعملاً وامتثالاً للمصادر الشرعية "الكتاب والسنة" .. وإليك الأدلة من حياتهم العملية رضوان الله عليهم.
السلف الصالح مع اللسان
أسوق إليك أيها الأخ الحبيب مواقف قليلة جداً عن حال السلف مع ألسنتهم:
ذكر الإمام مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه دخل على أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه أي يجره بشدة، فقال عمر: ( مَـه !! غفر الله لك " فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه : "إن هذا أوردني الموارد"). من القائل ؟ الرجل الأول بعد الأنبياء والرسل رضي الله عنه وأرضاه , القائل أبو بكر , انظر إلى حرصه على لسانه رضي الله عنه وأرضاه ..
قال رجل : رأيت ابن عباس آخذاً بثمرة لسانه وهو يقول: ( ويحك , قل خيراً تغنم واسكت عن شرٍ تسلم. قال : فقال له الرجل : يا ابن عباس , مالي أراك آخذاً بثمرة لسانك وتقول كذا وكذا ؟ .. قال ابن عباس : بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو على شيءٍ أحنق منه على لسانه، يعني لا يغضب على شيءٍ من جوارحه أشد من غضبه على لسانه)، والأثر أخرجه ابن المبارك وأحمد وأبو نعيم وأيضاً أخرجه أحمد في كتاب الزهد , والمتن بجميع طرقه حسن والله أعلم.
وقال عبد الله بن أبي زكريا: ( عالجت الصمت عشرين سنة – انظر للحساب .. انظر محاسبة النفس – عالجت الصمت عشرين سنة فلم أقدر منه على ما أريد )، وكان لا يدع يعاتب في مجلسه أحد , ويقول : ( إن ذكرتم الله أعنـّاكم , وإن ذكرتم الناس تركناكم )، انظر للضابط " إن ذكرتم الله أعناكم وإن ذكرتم الناس تركناكم.
وكان طاووس بن كيسان رضي الله عنه يعتذر من طول السكوت ويقول: ( إني جربت لساني فوجدته لئيماً راضعاً). هؤلاء هم رضي الله عنهم .. فماذا نقول نحن عن ألسنتنا ؟!
وذكر هناد ابن السري في كتابه الزهد بسنده إلى الحسن أنه قال : ( يخشون أن يكون قولنا "حميد الطويل" غيبة لأنهم بينوه ونسبوه أنه طويل ). حميد الطويل يخشون أن تكون غيبة, رحمة الله عليهم أجمعين.
وأخرج وكيع في الزهد وأبو نعيم في الحلية من طريق جرير بن حازم قال : ( ذكر ابن سيرين رجلاً فقال : ذلك الرجل الأسود .. يريد أن يعرّفه .. ثم قال : أستغفر الله , إني أراني قد اغتبته).
وكان عبد الله بن وهب رحمه الله يقول : ( نذرت أني كلما اغتبت إنساناً أن أصوم يوماً فأجهدني – يعني تعبت – فكنت أغتاب وأصوم أغتاب وأصوم .. فنويت أني كلما اغتبت إنساناً أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم تركت الغيبة)، جرب هذا , كلما اغتبت أحداً أو ذكرته بسوءٍ فادفع ولو ريالاً واحداً .. الله أعلم بحالنا .. في آخر الشهر لن يبقى من الراتب ولو ريال واحد .. لأنا أعرف بأنفسنا في المجالس أيها الأحبة، والله المستعان !
قال النووي في الأذكار : بلغنا أن قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي اجتمعا , فقال أحدهما لصاحبه : (كم وجدت في ابن آدم من العيوب ؟ فقال : هي أكثر من أن تحصى , والذي أحصيته ثمانية آلاف عيب, فوجدت خصلة إن استعملتها سترت العيوب كلها .. قال : ما هي ؟ قال : حفظ اللسان !!)
قال إبراهيم التيمي : (أخبرني من صحب الربيع بن خثيم عشرين عاماً ما سمع منه كلمة تعاب).
وقيل للربيع : ( ألا تذم الناس ؟ قال : والله إني ما أنا عن نفسي براضٍ فأذم الناس ؟ إن الناس خافوا الله على ذنوب الناس , وأمنوه على ذنوبهم)، وصدق رحمه الله , صدق.
ألا ترون أيها الأحبة في مجالسنا نقول : نخشى عذاب الله من فعل فلان , ونخاف من عقاب الله من قول علان , ولا نخشى الله من قولنا وفعلنا .. وهذا ظاهر في مجالسنا نقول : نخشى من عذاب الله من عمل فلان وعلان , ولكننا ننسى أن نخاف على أنفسنا من عذاب الله من ذنوبنا وأفعالنا وأقوالنا.
ارجع لنفسك وانظر لعيوبها قبل أن تنظر لعيوب الآخرين وتتكلم فيهم.
وقال حماد بن زيد : ( بلغني أن محمد بن واسع كان في مجلس فتكلم رجل فأكثر الكلام , فقال له محمد : ما على أحدهم لو سكت فتنقى وتوقى). أي اختار كلماته وحسب لها حسابها.
وقال بكر بن المنير سمعت أبا عبد الله البخاري يقول ( أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً )، اسمع للثقة، والبخاري له كتب في الجرح والتعديل، ويقول الذهبي في السير معلقاً على قول البخاري هذا :( صدق رحمه الله .. ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس وإنصافه في من يضعفه فإن أكثر ما يقول – يعني أشد ما يقول البخاري إذا أراد أن يجرح رجلاً – يقول : منكر الحديث , سكتوا عنه , فيه نظر , ونحو هذا، وقلّ أن يقول فلان كذاب , أو كان يضع الحديث ,حتى أنه قال : إذا قلت "فلان في حديثه نظر" فهو متهم واهن , وهذا معنى قوله " لا يحاسبني الله أني اغتبت أحداً " وهذا هو والله غاية الورع ) انتهى كلام الذهبي.
هذا موقف السلف الصالح رضوان الله عليهم مع اللسان , والآن تعال إلى صورٍ من الواقع وهي عبارة عن مواقف مبعثرة وأحداثٍ متعددة تتكرر في مجالسنا كثيراً , اخترت منها عشرة مشاهد , أسوقها إليك فأصغ لي سمعك وفهمك وأحسن الظن فيّ فلعلي لا أحسن التصوير أو ربما خانني التعبير , ما أريد يعلم الله إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
ومن الصور المشاهدة في مجالسنا:
وأولى هذه الصور :
حديث العامة أن فلاناً فيه أخطاء، وفلان آخر فيه تقصير، والثالث فيه غفلة، والرابع لا يسلم من العيب الفلاني .. وهكذا .. أقاموا أنفسهم لتقييم الآخرين وجرحهم ولمزهم .. فيا سبحان الله !!
نسينا أنفسنا , نسينا عيوبنا وتقصيرنا وغفلتنا وكثرة أخطائنا , ولو أعمل عاقل فكره في الجالسين أنفسهم لوجدنا فيهم البذاءة وسوءاً في المعاملة والأخلاق , فهو إن حدث كذب وإن وعد أخلف , أو باع واشترى فغش وخداع، وإن جاء للصلاة نقرها نقر غراب مقصر في الفرائض مهمل في النوافل , في وظيفته تأخر وهروب وإهمال واحتيال، وفي بيته وسائل الفساد وضياع الأولاد وعقوق للأرحام , كل هذه النقائص والمصائب عميت عليه فنسيها في نفسه وذكرها في إخوانه فلم يسلم منه حتى ولا الصالحون المخلصون.
فيا أيها الأخ , والله إني عليك لمشفق ولك محب فأمسك عليك لسانك وكف عن أعراض الناس وإذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك، كما قال ابن عباس، وقال أبو هريرة: ( يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجل في عينه ).
وقال عون بن عبد الله : ( ما أحسب أحداً تفرغ لعيوب الناس إلا من غفلةٍ غفلها عن نفسه).
وقال بكر بن عبد الله المزني :( إذا رأيتم الرجل مولعاً بعيوب الناس ناسياً لعيوبه – أو لعيبه – فاعلموا أنه قد مـُكـِر به ).
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى ........ ودينك موفور وعرضك صيّن
فلا ينطقن منك اللسان بسوءةٍ ........... فكلك سوءاتٍ وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معائباً ............ فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ...... ودافع ولكن بالتي هي أحسن
صورة ثانية من الصور التي تقع في واقعنا :
جلسوا مجلسهم فبدأ الحديث فذكروا زيداً وأن فيه وفيه ثم ذكروا قول عمرو فأتقنوا فن الهمز واللمز , والعجيب أن معهم فلاناً العابد الزاهد القائم الصائم والأعجب أن من بينهم طالب العلم فلاناً الناصح الأمين , والحمد لله لم يتكلما وسكتا , ولكنهما ما سلما لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس , ولأن المستمع شريك للقائل ما لم يتبع المنهج الشرعي: ( من ردّ عن عرض أخيه بالغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار )، هذا هو المنهج الشرعي والحديث أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما من حديث أبي الدرداء والحديث حسن.
فيا أيها المسلم إذا وقع في أحدٍ وأنت في ملأ فكن له ناصراً وللقوم زاجراً وانصر أخاك ظالماً أو مظلوماً وقل للمتحدث "أمسك عليك لسانك" فإن استجابوا وإلا فقم عنهم : ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات:12).
واسمع لكلام ابن الجوزي الجميل في تلبيس إبليس قال رحمه الله تعالى : ( وكم من ساكت عن غيبة المسلمين , إذا اغتيبوا عنده فرح قلبه وهو آثم من ذلك بثلاثة وجوه :- أحدها : الفرح فإنه حصل بوجود هذه المعصية من المغتاب , والثاني : لسروره بثلب المسلمين , والثالث : أنه لا ينكره) انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
ويقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى : ( ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتى - انتبه إلى هذا الكلام الجميل النفيس – تارة في قالب ديانة وصلاح فيقول : لي ليس عادة أن أذكر أحداً إلا بخير ولا أحب الغيبة ولا الكذب وإنما أخبركم بأحواله , ويقول : والله إنه مسكين أو رجل جيد ولكن فيه كيت وكيت وربما يقول : دعونا منه الله يغفر لنا وله .. وإنما قصده استنقاصه وهضم لجنابه .. ويخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة يخادعون الله بذلك كما يخادعون مخلوقاً وقد رأينا منهم ألواناً كثيرة من هذا وأشباهه) انتهى كلامه رحمه الله.
صورة ثالثة : اتهام النيات والدخول في المقاصد من أخطر آفات اللسان , يتبعه تبديع الخلق وتصنيف الناس وتقسيمهم إلى أحزاب وهم منها براء وقد يتبع ذلك أيمان مغلظة وأقسام وأحلاف أنه العليم بفلان والخبير بأقواله .. فياسبحان الله !! أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم قصده ومبتغاه ؟
أين أنت من قول القدوة الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( إني لم أؤمر أن أنقب قلوب ولا أشق بطونهم)، والحديث أخرجه البخاري ومسلم.
ورحم الله ابن تيمية يوم أن قال في الفتاوى : (وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة وإما لآيات فهموا منها ما لم يُرد منها , وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم , وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة:286)وفي الصحيح قال : "قد فعلت") والحديث عند مسلم في كتاب الإيمان.
فيا أخي الحبيب , أمسك عليك لسانك والزم الورع والتقى ومراقبة الله عز وجل وأشغل نفسك في طاعة الله أنفع لك عند الله , فعن البراء رضي الله عنه قال : جاء أعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( دلني على عمل يدخلني الجنة – انظر للحرص – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطعم الجائع واسقِ الظمآن وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر فإن لم تطِق فكف لسانك إلا من خير) والحديث أخرجه أحمد وابن حبان وغيرهما وهو صحيح.
وعند مسلم قال :( تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك). سبحان الله ! انظر لفضل الله جل وعلا على عباده , إن كفك شرك عن الناس صدقة تكتب لك عند الله عز وجل.
فيا أيها الأخ الكريم إن أبواب الخير كثيرة وأعمال البر عديدة فأشغل نفسك فيها، فإن عجزت فكف لسانك إلا من خير , وإن أبيت إلا أن تكون راصداً لأقوال الناس حارساً لألسنتهم فقيه ببواطنهم , فحسبنا وحسبك الله.
صورة أخرى : سمع ذلك المتحدث أو بعضاً من كلماته دون أصغاءٍ جيد المهم أنه فهم فحوى الكلام وعرف قصد المتكلم أو هكذا زعم , وانتبهوا لهذه الصورة لأنها تحصل لكثير منا , قرأ ذلك الكتاب أو الخبر وهاهو يلتهم الأسطر ونظراته تتقافز بسرعة بين الكلمات التي تساقط الكثير منها من فرط السرعة المهم كما يزعم أنه فهم فكرة الكاتب وعرف قصده , ثم انتقل للمجالس ليؤدي ما تحمله ويزكي علمه , هكذا سولت له نفسه .. فذكر حديث فلان وخبر علان وأنه قال كذا وكذا , فشرّق وغرّب , وأبعد وأقرب , فقلّب الأقوال وبدّل الأحوال وما أُتي المسكين إلا من سوء فهمه والتسرع في نقله، سوء الفهم والتسرع في النقل أو القراءة، قوّل الآخرين ما لم يقولوه وقديماً قيل : وما آفة الأخبار إلا رواتها.
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً ........ وآفته من الفهم السقيمِ
ولكن تأخذ الأذهان منه ............. على قدر القرائح والفهومِ
صورة أخرى : أننا نغفل أو نتغافل فنتكلم في المجالس ونذكر العشرات بأسمائهم , فإذا ذكّرنا مُذكّر أو حذرنا غيور بأن هذه غيبة , قلنا هذا حق وما قلنا فيه صحيح، وقد يسرد لك الأدلة والبراهين على ما يقول فيزيد الطين بلة .. فيا سبحان الله !! أليس النص واضح وصريح ؟ ألم يقل الصحابي للرسول صلى الله عليه وسلم :
( أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال عليه الصلاة والسلام : "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته , وإن لم يكن فيه فقد بهته ) أخرجه مسلم
إذاً فلا مفر , فإذا كان ما ذكرته صحيحاً فهذه هي الغيبة , وإذا كان ما ذكرته كذباً فهذا ظلم وبهتان , فكلا الأمرين ليس لك خيار فأمسك عليك لسانك !
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لما عرج بي مررت بقوم لهم أظافر من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم , فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ) أخرجه أحمد في مسنده وأبو داوود في سننه وإسناده صحيح .
وعن عائشة رضي الله عنها أنها ذكرت امرأة – اسمع يا أيها المسلم , اسمع يا من في قلبك خوف من الله عز وجل- ذكرت امرأة فقالت إنها قصيرة – وفي رواية أنها أشارت إشارة أنها قصيرة – فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "اغتبتيها" وفي رواية "اغتبتها" .. والحديث صحيح عند أبي داوود في سننه وأحمد في مسنده.
إذاً ما بال نسائنا اليوم يجلسن في المجالس فيعرضن لعشرات النساء , فلانة وعلانة , فتلك فيها والأخرى فيها وهكذا , ألا يخشين الله عز وجل ؟ ألا يخفن يوم أن تقف المرأة أمام الله عز وجل ويسألها عن قولها ؟ يا سبحان الله ! ألهذا الحد وصلت الغفلة في نساء المسلمين أن يغفلن أن مثل هذا القول سيجزين عليه أمام الله سبحانه وتعالى ؟ تذكري وقوفك بين يدي الله عز وجل , احرصي أيتها المسلمة , لنحرص على أنفسنا , إننا ابتلينا بقلة الأعمال الصالحة في مثل هذا الزمن، ابتلينا في هذا العصر بكثرة الذنوب والتقصير في حق أنفسنا وحق ربنا أيها الأحبة، فلماذا إذن نزيد الطين بلة ؟ ونجمع على ذلك ذنوب الآخرين في غيبتهم وتنقـّصهم وغير ذلك ؟
وليس معنى هذا السكوت عن الأخطاء، إنني لا أطالب أن نسكت عن أخطاء الآخرين , أو حتى نتغاضى عن العصاة والمجاهرين والفاسقين, وليس معنى ذلك ألا نحذر منهم ولا نفضحهم , لا بل هذه أمور كلها مطالب شرعية، مطالبون بها شرعاً، ولكن بالمنهج الشرعي وبالقواعد العلمية كما جاءت عن السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ولكني على يقين أن أكثر ما يقال في مجالسنا لمجرد التحدث والتفكه , وربما الهوى وأحقاد وأضغان عافانا الله وإياكم منها، ورحم الله عبداً قال خيراً فغنم , أو سكت عن سوءٍ فسلم.
صورة أخرى : قلت لبعض إخواني : الزم الأدب , وفارق الهوى والغضب أو أمسك عليك لسانك وابكِ على خطيئتك وانظر حالك وردد ما قلته لك على أمثالك، وقد كنت سمعت منه قيلاً وقال وجرح وثلب وهمز ولمز في أناس ما سمعنا عنهم إلا خيراً وهم من أهل الفضل , فما رأيناهم إلا يعملون الخير ويدعون له ويسعون للبر وينهون عن الإثم، فما استجاب لي وما سمع مني، فرأيت أن ألزم الصمت معهم وفيهم ولهم وعليهم، فأقبلت على واجباتي أيما إقبال وأرحت قلبي من الأحقاد والأغلال وذهني من الهواجس والأفكار , ثم جاء بعض الفضلاء وقال يقولون فيك كيت وكيت , يعلم الله ما التفت إليهم ولا تأذيت , وقلت لهم : رب كلام جوابه السكوت , ورب سكوت أبلغ من كلام، وعلمتني الحياة أن الصفح الجميل من أحسن الشيم.
قالوا سكت وقد خـُصِمت فقلت لهم .......... إن الجواب لباب الشر مفتاحُ
الصمت عن جاهل أو أحمق شرف .............. أيضاً وفيه لصون العرض إصلاحُ
أما ترى الأُسد تـُخشى وهي صامتة .......... والكلب يَخشى لعمري وهو نباحُ
ونقل الإمام الشاطبي عن أبي حامد الغزالي رحمة الله تعالى عليهما كلاماً متيناً يغفل عنه بعض الناس فقال : ( أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جهلة أهل الحق , أظهروا الحق في معرض التحدي والإذلال , ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء , فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة , ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها) انتهى كلامه رحمه الله تعالى من كتاب الاعتصام للشاطبي.
صورة أخرى من صور الواقع مع اللسان في مجالسنا اليوم: جلس مع صاحب له أو أصحاب فتكلموا وخاضوا , ولم يكن له من الأمر شيء إلا أنه شريك في المجلس , ومن باب المشاركة قالها كلمة أو كليمات لم يحسب لها حسابها ولم يتبين خطرها , ظنها حديث مجالس , كان يسمع ثم يهز رأسه علامة للرضا ثم قالها لم يظن نه يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب، اسمع للنصوص الشرعية واستجب لها فإن فيها حياتك ونجاتك فقوله صلى الله عليه وسلم "ما يتبيّن" أي لا يتأملها بخاطره ولا يتفكر فيها ولا في عواقبها ولا يظن أنها ستؤثر شيئاً , وهو من نحو قوله تعالى: (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (النور:15) ،هكذا يلقي بعض الناس هذه الكلمات , فيا أخي الكريم انتبه للسانك إن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة فأمسك عليك لسانك.
صورة أخرى : كثير من الجلساء إذا ذكِر له صديقه أثنى عليه ولو كان يعلم أنه لا يستحق ذلك الثناء , وإذا ذكِر له خصمه ذمه ولو كان يعلم أنه خلاف ما يقول , فيا أيها المؤمن أسألك بالله هل تستطيع ذكر العيوب الموجودة في أقرب الناس إليك عند لحاجة الشرعية لذلك ؟ اسأل نفسك، وهل تستطيع أن تثني بصدق على إنسان تختلف معه في بعض الأمور ؟ أنا لا أريد الإجابة، ولكن الواقع يشهد أن أكثر الناس يجورون على خصومهم فيذمونهم بما ليس فيهم , ويجورون أيضاً على أصدقائهم فيمدحونهم بما ليس فيهم.
فإن من أثنى عليك بما ليس فيك فقد ذمك , نعم , لأن الناس يطلبون هذه الخصلة التي ذكرها فيك يطلبونها منك فلا يجدونها فيذمونك على فقدها , لا بل الأمر أدهى من ذلك وأشد فإن الحقيقة أنه كثيراً ما تنسينا العيوب القليلة المحاسن الكثيرة , انتبهوا لهذه الكلمة أيها الأحبة , وننسى القاعدة الشرعية : إذا كان الماء قلّتين لم يحمل الخبث , أفلا نتقي الله عند الجرح والتعديل وننزل الناس منازلهم؟
أليس قد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي ووصفه بأنه ملك لا يظلم عنده أحد مع أنه – أي النجاشي – حينها كان كافراً لم يسلم بعد .. فيا أيها الأحبة , أسمعت رعاك الله ؟ أنصف الناس وأنصف نفسك، فإن غلب عليك الهوى فأمسك عليك لسانك لا أبا لك ..
صورة أخرى : تناظر اثنان في مجلس أي تجادلا وتناقشا , فارتفعت أصواتهما وانتفخت أوداجهما وتقاذفا بالسب والشتم , قلت : إن التشنج والانفعال ليس هو الأسلوب الأمثل لنصرة الحق أبداً، ولكن كم من هادئ عف اللسان حليم كاظم الغيظ أقدر على نصرة الحق من غيره، وقد قال أبو عثمان ابن الإمام الشافعي رحمة الله عليهما أجمعين : (ما سمعت أبي يناظر أحداً قط فرفع صوته).
وبعض الأخوة غفر الله للجميع يظن أن من تمام غيرته على المنهج وعظيم نصرته للحق لا بد أن يقطب جبينه ويحمر عينيه ويرفع صوته وتتسارع أنفاسه وهذا لا يصح أبداً، إن اختلاف الآراء ووجهات النظر لا يدعو للأحقاد والأضغان فإن المرجو البحث عن الحق وطلبه وليس التشفي والانتقام فينطلق اللسان بالسباب والشتائم ومقاطعة الكلام , فما من الناس أحد يكون لسانه على بال إلا رأيت صلاح ذلك في سائر عمله.
واسمع للأدب الجم والخلق الرفيع عند الحوار والمناقشة , قال عطاء بن أبي رباح : (إن الشاب ليتحدث بالحديث فأسمع له كأني لم أسمعه ولقد سمعته قبل أن يولد ومع ذلك أسكت كأني لم أسمع الكلام إلا الساعة)، هكذا يكون الأدب عند الحوار وعند المناظرة.
وأخيراً : من أعظم الصور في مجالسنا ومن أخطرها على كثير من الناس إطلاق العنان للسان في التحليل والتحريم والسخرية والاستهزاء بالدين , هذه من أخطر الصور التي نرى أنها تفشت في مجالس المسلمين أياً كانوا , رجال أو نساء كبار أو صغار , وخاصة بين الشباب والعوام.
إنك لتسمع وترى تسرع فئات من الناس في إطلاق ألفاظ التحليل والتحريم وقد نهى الله تعالى عن ذلك ونهى عن المسارعة في إصدار التحريم والتحليل فقال :( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (النحل:116).
وكان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم مع سعة علمهم وفقههم لا يكثرون من إطلاق عبارات التحليل والتحريم وهذا من شدة ورعهم ومحاسبتهم لأنفسهم.
يقول الإمام مالك رحمة الله تعالى عليه : (لم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا ولا أدركت أحداً أقتدي به يقول في شيء هذا حلال وهذا حرام، ما كانوا يجترئون على ذلك وإنما كانوا يقولون : نكره هذا , ونرى هذا حسناً , ونتقي هذا ولا نرى هذا , ولا يقولون حلال ولا حرام) انتهى كلامه من جامع بيان العلم وفضله.
أما نحن فنسمع عبارات التحليل والتحريم على كل لسان وخاصة من العامة , بدون علم ولا ورع ولا دليل مما أثار البلبلة عند الناس والتقوّل على الله بغير علم , بل المصيبة أن بعض الناس يسخر ببعض أحكام الدين ويهزأ بالصالحين والناصحين , وربما سخر باللحية أو سخر بالثوب القصير أو سخر ببعض سنن المرسلين والعياذ بالله , وهؤلاء والله إنهم على خطر عظيم , ألم يسمع هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم :(وإن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب).
ألم يسمع هؤلاء قول الحق عز وجل : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (الهمزة:1)، الهمزة هو الطعان في الناس , واللمز الذي يأكل لحوم الناس.
ألم يسمع هؤلاء قول الحق عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات:11).
ألم يسمع هؤلاء قول الحق عز وجل : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:18).
سبحان الله ! غابت عليهم هذه النصوص من القرآن والسنة , غفلوا عن خطر ما يتقولون بالليل والنهار في السخرية والاستهزاء بالدين , وربما خرج بعضهم والعياذ بالله من الدين بسبب كلمة يقولها وهو لا يشعر , فحق على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه حافظاً للسانه مقبلاً على شانه.
النتيجة النهائية لإطلاق العنان للسان .
أقول أيها الحبيب المسلم أنك أحوج ما تكون للعمل الصالح، أحوج ما نكون إلى الحسنات , وأراك تحرص على مجاهدة النفس لعلها أن تعينك على القيام بعمل صالح، من صلاة أو صيام أو صدقة وقد تنتصر عليها وقد لا تنتصر , وإن انتصرت عليها وقمت بالعمل فلا يسلم من شوائب كثيرة مثل الرياء والنقص وحديث النفس وغيرها من مفسدات الأعمال , ومع ذلك كله فإني أراك تبث هذه الحسنات في المجالس وتنثرها في المنتديات.
ماذا تراكم تقولون أيها الأخيار في رجل أخرج من جيبه عشرات الريالات ثم نثرها في المجلس و بددها ؟
ماذا نقول عنه ؟ أهو عاقل أم مجنون ؟
إن من جلس مجلساً ثم أطلق للسانه العنان فهذه علامة أكيدة على إفلاسه في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتدرون ما المفلس ؟ " قالوا : المفلس منا من لا درهم له ولا متاع .. فقال :"إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا , فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته , فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ) والعياذ بالله والحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لتـُأدّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) رواه مسلم، حتى البهائم يفصل بينها يوم القيامة!!
فاحفظ حسناتك فأنت أحوج لها، واسمع لفقه الحسن البصري رحمه الله يوم أن جاء رجل فقال: ( إنك تغتابني , فقال : ما بلغ قدرك عندي أن أحكّمك في حسناتي).
وعن ابن المبارك رحمه الله قال : ( لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت والديّ لأنهما أحق بحسناتي).
ففقها رضي الله عنهما أن آفات اللسان تأتي على الحسنات وقد لا تبقي منها شيئاً، فضياع الحسنات نتيجة أكيدة لإطلاق العنان للسان.
نتيجة ثانية لإطلاق العنان للسان:
فضحه وبيان عواره وهتك أستاره، ذلك الذي أطلق لسانه وأصبح يتكلم بلا ورع في المجالس والمنتديات وربما أصبح بذيء اللسان والجزاء من جنس العمل، وعن أبي بردة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه , لا تتبعوا عورات المسلمين ولا عثراتهم فإنه من يتبع عثرات المسلمين يتبع الله عثرته , ومن يتبع الله عثرته يفضحه وإن كان في بيته ) والحديث صحيح بمجموع طرقه.
والواقع يشهد بذلك فكم فضح الله حقيقة أولئك الذين آذوا إخوانهم بألسنتهم حتى عرفهم الناس وانكشف أمرهم.
وأيضاً من نتائج إطلاق العنان للسان أنه يعد من شرار الناس فيجتنبه الناس ويحذرونه اتقاء فحشه وإن ضحكوا له وجاملوه، هذه حقيقة نشاهدها في مجالسنا كثيراً , إن من أطلق للسانه العنان يعد من شرار الناس فلذلك تجد الناس يجتنبونه ويحرصون على الابتعاد عنه وإن ضحكوا له وجاملوه فاتقاءً لفحشه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء شرّه) البخاري ومسلم.
رابعاً : من النتائج أيضاً وهي الأخيرة :
البلاء موكل بالقول , فيُبلى المتكلم بما كان يذكره في أخيه , و احذر أيها الحبيب أن تظهر الشماتة بأخ أو أخت لك فيعافيه الله ويبتليك بما كان فيه فالبلاء موكل بالقول، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ) أخرجه الترمذي0.
وقال إبراهيم التيمي: ( إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى ب).
وقال ابن مسعود : ( البلاء موكل بالقول , ولو سخرت من كلب لخشيت أن أحوّل كلباً).
هذه نتائج أربع من نتائج إطلاق العنان للسان.
وأخيراً أقول أيها المسلم هذه شذرات حول اللسان، وأظن أن الجميع بحاجة ماسة للتذكير فيها , فالعاقل يحرص والغافل يتنبه والمبليّ يحذر , يا أيها السامع كن المستفيد الأول.
ثم اعلم أنك تجالس كثيراً من الناس من أحبابك وخلانك وأصدقائك , ولا تخلو مجالس من غثاء قلّ أو كثر , فمن حقهم عليك أن يسمعوا مثل هذا الكلام وأن يذكّروا بهذه الآيات والأحاديث , فإن القلب يغفل والنفس تسلو فاسمع وسمّع واستفد وأفِد , والدال على الخير كفاعله.
أسأل الله عز وجل أن يكون خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به الجميع وأن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
اللهم طهّر قلوبنا من النفاق وعيوننا من الخيانة وألسنتنا من الكذب والغيبة النميمة والمراء والجدال وجنبنا الوقوع في الأعراض.
اللهم اجعل ألسنتنا حرباً على أعدائك سلماً لأوليائك.
اللهم إنا نسألك سكينة في النفس وانشراحاً في الصدر.
اللهم اجعلنا من الصالحين المصلحين ومن جندك المخلصين وانصر بنا الدين واجعل لنا لسان صدق في الآخرين.
اللهم انفعنا وانفع بنا.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
وصلّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
.......................................
.........
http://www.samysoft.net/forumim/worood/1/5464564564.gif
http://img28.imageshack.us/img28/2553/than4.jpg