مينا و توحيد القطرين
الفصل الاول
الزمان : عام 3200 قبل مولد المسيح ،أي منذ أكثر من خمسة آلاف سنة.
المكان: قصر الملك مينا في مدينة (ثنى) بالقرب من "أبيدوس" (البلينا الحالية مركز سوهاج) .
المشهد الاول
جلس الملك مينا على عرشه ذات يوم وقد التف حوله أمراء مقاطعات مصر الجنوبية، وكذلك رؤساء الجيش وكبار رجال الدولة، وأخذوا جميعا يتجاذبون أطراف الحديث، إلى أن بدأ الملك حديثه
الملك مينا :إنني سعيد بكم أيها الرفاق وقد التففتم جميعا حول عرشي، بعد أن ساد بيننا الوئام وأحاط بنا السلام، ومضت إلى غير رجعة تلك الفترة العصيبة التي قضيناها في حروب ومشاحنات، حتى ألف الله بين قلوبنا وأصبحنا نحن أهل الجنوب أمة واحدة، وقد جعلتموني ملكا عليكم، ووضعتم على رأسي تاج الوجه القبلي الأبيض، ثم منحتموني الاسم الملكي (نادمر) لذي اصبح علما علي، وإني لقاء هذا الوفاء سأكون أهلا لثقتكم، كما أني سأعمل جاهدا على استكمال وحدة البلاد بضم إقليم الدلتا الشمالي إلى مملكتنا، حتى نصبح دولة واحدة عظيمة الشأن مرهوبة الجانب.
أمير مقاطعة طيبة : إن هذا هو أملنا فيك أيها الزعيم، فقد جئتنا ونحن إمارات متشاحنة، ومقاطعات متنافرة، يأكل كبيرنا صغيرنا، ويستبد قوينا بضعيفنا، فأصلحت ما بيننا، وألفت بينقلوبنا، وأصبحنا بنعمة الله أمة واحدة، فلا عجب بعد ذلك أن جعلنا منك زعيما لنا،وملكا على أقاليم الصعيد جميعا
القائد:وإننا بقوة الإله الأعظم ، وبمساندة جيشكم العظيم ، وإخلاص شعبكم الوفي، سوف نضع بإذنه تعالى تاج الوجه البحري الأحمر فوق رأسكم في القريب العاجل
الملك ضحك مبتسما وقال :شكرا لله ولك أيها قائد الباسل ، ولكن هل قدر لك أن شاهدت ذلك التاج الأحمر منقبل؟؟
القائد: نعم يا مولاي، فقد ذهبت في العام الماضي إلى مملكة الشمال لزيارة بعض أقاربي هناك،وقد هالني وحز في نفسي ما رأيته من فرقة بين أهل البلد الواحد، وكيف كان أمراؤها يتشاحنون ويتقاتلون في السر والعلن وللاستئثار بالسلطة وقد زيف الزعامة أمير منهم يدعي (واع شي)، أو كما يسمونه في بعض الأحيان (واش)، كان أميرا لمقاطعة الخطاف، ثم اتخذ لنفسه الألقاب الملكية، ووضع على رأسه التاج الأحمر الذي كان على شكل هاون أحمر اللون، يعلوه من الخلف قضيب عمودي غرس فيه عند منبته عود مائل ينتهي بالتفاف حلزوني، على عكس تاجنا الأبيض الذي يشبه الخوذة الأسطوانية البيضاء، التي تضيق عندقمتها لكي تنتهي بانتفاخ كروي.
القائد: كانوا يعتقدون يا مولاي بحماية إلهة على هيئة ثعبان (صل) تدعى وازيت الحمراء، كما اتخذوا من نبات البردي شعارا لهم، تشبها بنا عندما اتخذنا من نبات اللوتس شعارا لنا هنا في الجنوب، وقد اتخذ ذلك الملك الدعى في الشمال لقب صاحب النحلة التي تمثل الشمال، تشبها بجلالتكم عندما اتخذتم لقد صاحب نبات البوص الذي يمثل الجنوب. أما عاصمتهم فهي مدينة (بو) في إقليم بوتو (عند تل الفراعين الحالية مركز دسوق )
وعندما انتهى القائد من حديثه بدأ الاهتمام جليا على وجه
الملك: تلك معلومات قيمة أيها القائد العظيم، ولكنك لم تخبرنا عن طريقة الحكم هناك، وشعورالشعب نحو حكامه الظالمين.
القائد: إن مملكة الدلتا في الشمال يا مولاي مازالت مقسمة إلى عدد من المقاطعات (المديريات)، كما كانت الحال عندنا قبل حكم جلالتكم، ويحكم كل مقاطعة أمير، وكان الأمراء يتنازعون السلطة فيما بينهم، حتى شاعت الفرقة وساد الظلم ودبت الفوضى وعمالفساد أرجاء البلاد.
القائد: ولما استشعر الشعب ظلم حكامه، أخذ من خلال شكواه يتطلع إلينا لإنقاذه، وإني لأعتقد يا مولاي أن الوقت قد حان، لأن تقودنا حتى ننقذ من العذاب إخوانا لنا في الشمال طال انتظارهم ليوم الخلاص، وعندئذ سيتحقق على يديك فضل اتحاد البلاد، وتوحيد إدارتها، وإزالة الفرقة بينها، بمساعدة جيشك الباسل الذي أصبح على أهبة الاستعداد، بعد أن اكتملت له عناصر القوة بانضمام زهرة شباب الجنوب إليه، بعد أن تم تدريبهم على أحدث فنون القتال ، وتزويدهم بأقوى الأسلحة والعتاد، من رماح وبلط وأقواس وسهام، ولا ينقصهم يا مولاي إلا إشارة من جلالتكم لينطلقوا كالأسود الكواسر، يحطمون الحكم الفاسد في الشمال، ويرفعون عن كاهل إخوانهم نير الظلم و الطغيان، ويبسطون سلطانك على بلاد الدلتا في الشمال، ويضعون على رأسك التاج المشترك، وبهذا تنضم إلينا مملكة الدلتا التي تعتبر أهميتها للدولة بمثابة الرأس من الجسد.
انتظرونا مع الفصل الثاني غدا ان شاء الله