الجزء الأول
المجموعة الشمسية: هي الشمس , وما يدور حولها من كواكب كعطارد والزهراء والأرض والمريخ , وغيرها وكل منها يدور في فلك محدود وطريق مرسوم لا يميل عنه ولا ينحرف , ويسير فيه بسرعة مقدرة منظمة لا تزيد ثانية ولا تنقص ثانية
ميزان دقيق
كيف لا تتصادم هذه الكواكب مع أنها جميعا في حركة مستمرة ؟
إن الذي خلق هذه الكواكب حكيم عليم خبير , فهو قد وضع ميزانا دقيقا محكما لبقاء هذه النظام فهو سبحانه عندما خلق كل كوكب , لم يخلقه بغير تدبير أو إحكام أو تنظيم سبحانه . وإنما خلقه بحجم خاص ووزن معلوم , ومواد محددة ووضعه في فلكه الصحيح ومداره اللائق بذلك الوزن والحجم . كما أجراه سبحانه بسرعة محددة تتناسب مع مداره وبعده عن الشمس , وبقية الكواكب . وتتناسب أيضا مع حجمه , ووزنه , فلم يكون الخلق إذا خبطا , إنما كان خلقا مقدرا محكما متقنا قام على ميزان دقيق . وباستخدام هذا الميزان تمكن الفلكيون من معرفة الكوكب المسمى " بلوتو " قبل مشاهدته بالمراصد الكبيرة وحددوا مكانه , وسرعته ووجهته وكثافته , فإذا بالنتيجة تأتي كما حددها الفلكيون قبل رؤيته وذلك بالحساب من الميزان الدقيق الذي وضعت على هذه المجموعة ومن هنا يجب أن نعلم أن تكوين مجموعتنا الشمسية لم يكن خبطا أعمى , وإنما كان بناء على خطة مرسومة , وميزان محكم , وتدبير دقيق , جعل كل كوكب في مكانه المناسب , وعلى البعد المناسب من الشمس , ومن غيرها من الكواكب .
وكونه بحجمه الصحيح , وكثافته الصحيحة . ورسم له المدار المناسب وأجراه بالسرعة المناسبة , ولو تغير شيء من هذا الميزان الدقيق لا ختل نظام مجموعتنا وتصادمت الكواكب واندثرت قال تعالى : ( والسماء رفعها ووضع الميزان ) سورة الرحمن : 7 وقال تعالى : ( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء ) سور الأعراف : 185
أولاً
الشمس
تعد الشمس اقرب النجوم إلينا وتحوي من الأسرار والغرائب اكثر بكثير مما اكتشف , وان طبيعة شمسنا ككرة غازية ملتهبة بدلا من أن تكون جسما صلبا جعل لها بعض الحقائق العجيبة منها : إنها تدور حول محورها بطريقة مغايرة تماما لطريقة دوران الكواكب الصلبة , فوسط الشمس " خط استوائها " يدور حول المحور دورة كاملة في 25 يوما بينما تطول هذه المدة في المناطق شمال وجنوب خط الاستواء حتى تصل إلى حوالي 37 يوما عند القطبين , أي أن الشمس في هذه الحالة تدور وكأنها تفتل فتلا وطريقة دورانها تسمى
( Differential Rotation )
ولعل هذه الحركة التي وصفها ابن عباس عندما قال عن الشمس إنها تدور كما يدور المغزل , وهذا بالتالي يؤدي إلى تداخل خطوط القوى المغناطيسية الموجودة على سطها بطريقة معقدة جدا وهذه بدورها ومع مرور الزمن تؤثر بشكل قوي على ظهور بعض الظواهر الشمسية مثل الكلف الشمسي
وتنتفض الشمس وتهتز مثل " الجيلي " جاء هذا الاكتشاف في دراسة أعدت سنة 1973 عندما حاول العالم
( R.H.Dicke )
قياس قطر الشمس بين القطبين وعند خط الإستواء ليتأكد اذا كان هناك أي تفلطح للشمس , أي أن قطرها عند القطبين أقل منه عند خط الاستواء والعكس صحيح فأطلق التعبير أن الشمس تهتز مثل " الجيلي" إلا أن هذا الاهتزاز مسافته لا تزيد عن 5 كيلومتر وبسرعة 10 أمتار في الثانية وهذه بالطبع تحتاج إلى أجهزة بالغة في الدقة والتعقيد لاكتشافها ثم اكتشف بعد ذلك فريق من العلماء الروس والبريطانيين سنة 1976 بان هناك " اهتزازات " أخرى
( Oscillations )
للشمس إحداهما تحدث كل خمسين دقيقة والأخرى تحدث كل ساعتين وأربعين دقيقة , واصبح الان ما يسمى بعلم " الزلازل الشمسية " ذا أهمية قصوى في علم الفلك لتعلم أسرار الشمس والتي مازال هناك الكثير لفك اسرارها وخفاياها
ثانياً
عطارد
هو أقرب الكواكب إلى الشمس , وهو يدور حولها على مسافة متوسطة تبلغ 58 مليون كلم تقريبا . ولأن عطارد هو كذلك , فإنه يتحرك بسرعة أكبر من سرعة أي كوكب آخر , إذ يبلغ متوسط سرعته 48 كلم في الثانية تقريبا , ويكمل مداره حول الشمس , في فترة تقل بالكاد عن 88 يوما
وعطارد إلى ذلك كوكب صخري صغير جدا ( وحده بلوتو أصغر منه ) تنتشر الوهاد على سطحه بكثافة من جراء ارتطام الرجوم ( الأحجار النيزكية ) به , كما توجد عليه سهول ملساء تنتثر فيها الوهاد على نحو غير كثيف
إن أكبر الوهاد إطلاقا على عطارد هو حوض كالوريس , الذي يبلغ قياسه 1300 كلم من جانب إلى آخر , ويعتقد أنه تكون عندما ارتطم بالكوكب صخر بحجم كويكب سيّار , وهو محاط بحلقات متراكزة من الجبال , ارتفعت من جراء الارتطام
يزخر سطح عطارد أيضا بحيود ( نتوءات ) عديدة , يعتقد أنها تشكلت عندما برد اللب الحار للكوكب القتيّ وتقلص منذ حوالي 4 بلايين سنة , وقد أدت هذه العملية إلى تضخيم سطح الكوكب
يدور كوكب عطارد حول محوره ببطء شديد مستغرقا 59 يوما أرضيا على وجه التقريب , ليكمل دورة واحدة . بنتيجة ذلك , يستمر يوم شمسي واحد في عطارد ( من الغروب إلى الغروب ) 176 يوما أرضيا – أرضيا – أي أطول بمرتين من السنة العطاردية التي تساوي 88 يوما
لسطح عطارد درجات حرارة طرقية تراوح بين حد أقصى يساوي 430 م على الجهة المنارة بضوء الشمس , و 170 م على الجهة المظلمة
عند هبوط الليل , تسقط درجة الحرارة بسرعة كبيرة لأن جو الكوكب شبه معدوم , وهو يتكون من كميات ضئيلة من الهليوم والهدروجين التقطها الكوكب من الريح الشمسية بالإضافة إلى آثار ضئيلة من غازات أخرى
ثالثاً
الزهرة
أشهر كواكب المجموعة الشمسية عبر التاريخ البشري وذلك بسبب سطوعه الشديد إذ يبدو لنا أسطع جرم في كبد السماء وبالذات بعد وقت الغروب أو قبل شروق الشمس ولهذا سمي هذا الكوكب منذ القديم بنجمة المساء أو نجمة الصباح , ونظرا لتألق هذا الكوكب بضيائه الرائع فقد اعتبره الأقدمون رمزا للجمال ولكن المعلومات العلمية الحديثه أعطت صورة مغايرة تماما عنه الذي يصفه بعض العلماء بــــ جهنم المجموعة الشمسية
إختلاف عن الأرض
كوكب الزهرة هو أقرب كواكب المجموعة الشمسية للأرض ويعد الكوكب التوأم لها إن جاز التعبير حيث الحجم 86 % من حجم الأرض أو الكثافة أو الجاذبية 90 % من جاذبية الأرض
ولكن عدا ذلك فكوكب الزهرة مختلف تماما عن الأرض فغلافه الجوي مغطى تماما بالغيوم الكثيفة إلا أن هذه الغيوم ليست من الماء بل من ثاني أوكسيد الكربون بالشكل الغالب , وقد أدى ذلك إلى ظاهرة الاحتباس الحراري أو ما يسمى بظاهرة البيوت الزجاجية فارتفعت درجة حرارة الجو فيه إلى حوالي 480 درجة مئوية , يضاف إلى ذلك ويسبب وجود غاز ثاني أوكسيد الكبريت في الغلاف الغازي فإن السحب هنا إذا أمطرت فإنها ستمطر حامض الكبريتيك , الذي باستطاعته إذابة أي شيء يسقط عليه علاوة على أن ضغط الغلاف الغازي يصل إلى تسعين ضعف ضغط الغلاف الغازي لجو الأرض وبالتالي أصبح كوكب الزهرة يلقب بحق جهنم المجموعة الشمسية
وقد كان لهذه الظروف القاسية وعدم توفر المياه صعوبة تخيل وجود أي نوع من أنواع الحياة على سطح الزهرة كما أنها أدت إلى تحطيم أو تعطيل كل المركبات الفضائية التي نزلت على سطحه وعددها خمسة عشرة مركبة أميركية وسوفيتية وأقصى مدة استطاعتها مركبة أن تبث المعلومات إلى الأرض كانت المركبة فينيرا الحادية عشرة وكانت مدة البث 90 دقيقة فقط أم باقي الرحلات الناجحة وعددها تسع رحلات فكانت للمركبات التي دارت حول الكوكب ولم تهبط فيه
وبسبب كثافة الغلاف الغازي الهائلة فإنك إذا كنت واقفا على سطح الكوكب فسوف ترى الأرض وكانها تتمايل وتتموج تحت رجليك برغم ثباتها
الزهرة : الدوران حول المحور ؟
أما أغرب شيء في كوكب الزهرة فهو دورانه حول محوره فهو بعكس باقي كواكب المجموعة الشمسية يدور باتجاه مغاير فتشرق الشمس فيه من المغرب وتغرب في ناحية المشرق ويبلغ طول يوم الزهرة حوالي 243 يوما وهو أطول من سنته إذ تبلغ طول السنة 225 يوما
وتكثر في سطح الزهرة البراكين وبقايا الحمم البركانية ومن أشهر الجبال البركانية جبل "جولا " ويبلغ ارتفاعه حوالي 3 كيلو مترات وجبل " سيف " أما أعلى جبال الزهرة فهي سلسلة جبال " ما كسويل " التي يبلغ 11 كيلو مترا عن متوسط سطح الكوكب وتقع في منطقة عشتار وأدنى منطقة إسمها ديانا كازما حيث تنخفض عن معدل سطح الكوكب بحوالي 2 كيلو مترا وتقع في منطقة أفرودايت
وأشهر منطقتين في كوكب الزهرة فهما منطقة عشتار في الجانب الشمالي من الكوكب ومنطقة أفرودايت وتقع اغلبها في المنطقة الجنوبية من الكوكب
الى اللقاء مع الجزء الثانى