بسم الله الرحمن الرحيم
مازلنا أعزائي الأعضاء مع سلسلة مقالات قراءات فى مانيوال الهيدروغرافيا" .. يا تري ما هي أخبار المقالات الأحد عشر السابقة؟ .. أتمنى أن تكونوا قد استفدتم منها .. فى هذه المقالة – رقم 12 – سنتناول أحدث طرق جس الأعماق فى البحار ، هذه الطريقة مختلفة تماما عما سبق تناوله قبلا فهى تستخدم الضوء بدلا من الصوت كأداة للاستشعار عن بعد وتستخدم الطائرات بدلا من السفن فى عملية المسح
Hydrographic Airborne Laser Sounding
طور الجيش الأمريكي هذه التقنية فى السبعينيات من القرن الماضي وتم إدخال تلك التقنية حيز العمل التجاري منذ العام 1995 تقريبا. يمكن أن نطلق على هذه الطريقة المسمى "قياس العمق عن طريق الضوء والمحمول جوا" أو Airborne Light Detection And Ranging
ويطلق عليها اختصارا LIDAR كما تستعمل بعض المراجع التعبير LASER AIRBORNE DEPTH SOUNDER ولا فرق بين التعبيرين
الفكرة العلمية لهذه الطريقة:
يتم تركيب جهاز مرسل/مستقبل لأشعة الليزر فى أسفل (بطن) الطائرات .. فيطلق موجات الليزر لأسفل صوب مياه البحر ويكون شكل الأشعة على هيئة قوس عمودي على اتجاه حركة الطائرة كما بالشكل التالي
ويولد الجهاز أشعة ليزر بترددين: تردد الأشعة فوق الحمراء وتردد اللون الأخضر ..
الأشعة تحت الحمراء تنعكس من السطح الفاصل بين الهواء وسطح ماء البحر وترتد إلي الجهاز مرة أخري بينما تخترق الموجات الخضراء الماء وترتد فقط من قاع البحر إلى الجهاز أيضا وبقياس فرق الزمن بين وصول كلا الموجتين يمكن حساب العمق بمعرفة سرعة الضوء مع الأخذ فى الاعتبار زاوية سقوط شعاع الليزر و زاوية انكساره خلال الماء
انظر الشكل التالي
إمكانيات وحدود هذه التقنية:
ومن الهام معرفة أن هذه الطريقة تعتمد على مدى نفاذية أشعة الليزر خلال ماء البحر أي أن مدى شفافية ماء البحر للضوء تؤثر على قدرة الجهاز على قياس العمق فى المناطق العميقة لذا لا تستخدم هذه التقنية إلا فى المناطق الضحلة حيث أن أقصى عمق يستطيع الجهاز قياسه هو 70 متر فقط
وجدير بالذكر أن ارتفاع الطائرة وسرعتها من العوامل الهامة فى القياس حيث يبلغ الارتفاع المثالي للطائرة 500 مترا فوق سطح الماء (من 400 – 730 متر) بسرعة لا تتجاوز 260 كيلومتر / ساعة
لماذا هذه الفكرة؟
تخيلوا معي أن المطلوب مسح منطقة قريبة من خط الساحل من عمق 50 متر وحتى الشاطئ (عمق 0 متر) وأن هذه المنطقة أبعادها 5 أميال (9250 متر) × 12 ميل (22250 متر) .. طبعا سنستخدم سفينة مسح متوسطة الحجم ذات غاطس حوالي 3 متر وستستغرق تلك المنطقة حوالي 5 - 10 يوم مع الوضع فى الاعتبار أن الأحوال الجوية ستكون مناسبة لعملية المسح طيلة أيام العمل .. والسفينة لن تستطيع العمل فى عمق مياه أقل من غاطسها .. إذن ستأتي بسفينة أخرى أصغر حجما (لنش) وبغاطس أصغر حوالي المتر تقريبا وننقل أجهزة المساحة عليها ثم نتابع العمل حتى عمق مياه 1 متر ثم نأتي بزورق مطاط هذه المرة (ذودياك) ذو غاطس لا يتعدى ديسمترين وننقل الأجهزة ... وهكذا
ولكن بهذه التقنية تستطيع عمل مسح بنسبة تغطية 100% لتلك المنطقة خلال أربع ساعات تكون الطائرة قد اخذت 2 مليون رصده للعمق وغطت المنطقة بالكامل
كل هذا جعلها مثالية للمناطق الساحلية الضحلة والممرات والمضايق البحرية
وللحديث بقية ... تابعونا
---------------------------
الليزر ( LASER وهي اختصار لعبارة Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation وتعني تضخيم الضوء بإنبعاث الإشعاع المحفز) عبارة عن حزمة ضوئية ذات فوتونات تشترك في ترددها وتتطابق موجاتها بحيث تحدث ظاهرة التداخل البناء بين موجاتها لتتحول إلى نبضة ضوئية ذات طاقة عالية . ويمكن تشبيه نبضة شعاع الليزر بالكتيبة العسكرية حيث يتقدم جميع العسكر بخطوات متوافقة منتظمة ، بينما يشع المصدر الضوئي العادي موجات ضوئية مبعثرة غير منتظمة فلا يكون لها قوة الليزر . وباستخدام بلورات لمواد مناسبة(مثل الياقوت الأحمر ) عالية النقاوة يمكن تحفيز إنتاجها لأشعة ضوئية من لون واحد أي ذو طول موجة واحدة وكذلك في طور موجي واحد ، وعند تطابقها مع بعضها وانعكاسها عدة مرات بين مرآتين داخل بلورة الليزر (تصبح كالعسكر في الكتيبة) ، فتنتظم الموجات وتتداخل وتخرج من الجهاز بالطاقة الكبيرة المرغوب فيها . (تعريف الليزر فقط من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة)
المفضلات