أجرة القاهرة ... أجمل ما قرأت فى وصف المجتمع المصرى

[Mohamed Hashem]

( 2 )

كانت سيارات الأجرة لا تستطيع أن تتحرك من شدة الزحام فى شارع عباس العقاد بمدينة نصر الساعة التاسعة مساء واجهات المحلات تتلألأ بأنوار النيون حتى إنى أغمضت عينى من شدة لمعان الأضواء وتسلل إلى السيارة من أحد المقاهى أو المحال صوت كاظم الساهر يغنى قولى أحبك
مصمص السائق شفتيه وقال بحسره:
يا عينى يا عراق يا حسرة قلبى على العراق وأهلها
أنا : رحت العراق ؟
السائق: قضيت فيها أحلى سنين عمرى .. العراقيين دول أجدع ناس لغاية دلوقتى مش قادر أصدق اللى حصل للعراق مش ده اللى كنت متخيله خالص
أنا: ايه اللى كنت متخيله ؟
السائق: بصراحة كنت حاسس ان صدام حينتصر على الامريكان حتى لما شفت بعينى الدبابات الأمريكانى بيتمشوا فى شوارع بغداد قلت فى عقل بالى دى خطة من صدام عاملها علشان يدخلهم بغداد وبعدين يعملوا لهم مقلب ويقضى عليهم
مش قادر أصدق لغاية دلوقتى بس برضه رجاله مفيش يوم عدى إلا وقتلوا لهم كام واحد أمريكانى حيصفوهم واحد واحد إن شاء الله
أنا : من بقك لباب السما بس مش شايف إن صدام سبب كل البلاوى ؟
السائق: انا بحب صدام كان له مواقف جدعنه كتير اوى مع المصريين ما تنساش إنه درس فى القاهرة ... فى التمانينيات وأنا فى العراق كان فى شوية رخامة مع المصريين لقيت صدام طالع يقول خطبه وراح قايل إن أى عراقى حيتعرض لواحد مصرى حيأخد ست شهور حبس .. كده على طول خبط لزق بعدها كنا بنمشى فى بغداد مرفوعين الرأس .. هما عايزين البترول بتاعهم وضربوا كرسى فى الكلوب ودمروا العراق يا عينى
بس زى ما بأقولك كده .. أنا عارف العراقيين كويس ومعاشرهم فوق العشر سنين دول شعب رجاله وحيطلع عين الأمريكان .. كلها كام شهر وحيهربوا ولاد اللذين دول من هنالك وديلهم فى سنانهم قبل ما يحصلهم زى اللى حصل لهم فى فيتنام
أنا: وامتى عرفت ان دى مش حركة من صدام وان بغداد وقعت فعلا ؟
السائق: والله انا لما عرفت انهم قبضوا على صدام عيطت وحسيت اننا بنتفعص زى الحشرات .. وخفت وفكرت فى أصحابى هناك ياترى عايشين ولا ميتين بس انا بقولك لحضرتك وحتشوف فى الآخر العراق هو اللى حينتصر
سرت فى جسدى قشريرعه من أمل وتفاؤل
ونزلت من التاكسى تحت منزلى فوجدت أربعة من المراهقين الشباب أحدهم يدخن السجائر المارلبورو الأمريكية والآخر يلبس حذاء نايك الشهير والثالث يرتدى تى شيرت على صدره علم أمريكا
فتبخرت شحنة التفاؤل وصعدت منزلى مطأطأ الرأس

المرة دى مش لاقى حاجه تتقال بعد كلام الكاتب غير ... حسبنا الله ونعم الوكيل