أجرة القاهرة ... أجمل ما قرأت فى وصف المجتمع المصرى

[spider girl]

(9)

كنت مدعوا أنا وولدى التوأم بهاء وبدر إلى الغذاء عند صديقتنا سحر كنا نحن الثلاثة فى منتهى البهجة والانتشاء أنا لأن سحر طباخة محصلتش وبهاء وبدر لشوقهم للقاء أبنائها وركبنا تاكسى وانطلقنا

تفحصنى السائق مليا ثم نظر لولدى الجالسين فى الخلف فتفحصته أنا الآخر .. كان رجلا ضخما .. جذع شجرة جميز جالس بجانبى ، رأسه يكاد يلامس سقف السيارة والمقود بين يديه لعبه أطفال صغيرة .. أما وجهه فكأنما قد من صخر

السائق: ولاد سعادتك طبعا؟
أنا: أيوه ولادى
السائق: ربنا يخللى .. نعمة من عند ربنا ..
أنا: ربنا يخليك
السائق: الله يحفظهم لك
أنا: الله يحفظك
السائق: وعندهم كام سنة ؟
أنا: عشرة
السائق: ربنا يديهم طولة العمر
لم أرد لأننى كنت قد مللت هذه الاسطوانة المشروخة التى كان يمكن ألا تنتهى .. ولكن بعد فترة صمت قصيرة واصل السائق
السائق: أنا برضه مخلف ولد
أنا: ربنا يبارك لك فيه
السائق: الحمد لله الحمد لله كان نعمه من عند ربنا أنا اصلى بعد ما اتجوزت اكتشفنا ان فيه مشكله فى الخلفة قعدنا نجرى هنا وهنا لغاية ما ربنا كرمنا بعد سبع سنين وخلفنا حسين
ولكن آه ويطلق أهه مشروخه من القلب بعد ما تم أربع سنين اكتشفنا ان عنده سرطان .. وهو راقد دلوقتى فى معهد الأورام سعادتك ماتتخيلش حجم المصاريف اللى اتصرفت عليه .. شحت من المسجد وكتر خيرهم إدولى فلوس .. ولكن ما قضتش ولاد الحلال قالوا لى روح الكنيسة قلت لهم بس أنا مسلم قالوا لى روح برضه .. رحت واديتهم التقارير وراحوا كتر خيرهم مدينى فلوس برضه .. عمال اشحت من كل اللى حواليا بس مفيش فايده .. الصرف على العلاج أكثر
أمه ما ستحملتش .. جالها القلب .. وهى قاعدة فى معهد القلب برضه
أنا: إيه ده .. صحيح المؤمن منصاب
السائق: الحمد لله على كل شئ .. ربنا يخلى لك ولادك
أنا: ياسيدى متشكر وحالة ابنك ومراتك عامله ايه دلوقتى ؟
السائق: ربنا يتولانا جميعا .. أنا (ويطلق أهه من القلب) لما بدخل عليه فى المعهد .. وألاقيه بيزقطط ويصرخ ويقول أبويل جه .. أبويا جه .. قلبى بينخلع من ضلوعى .. ولما أحضنه وأخده فى صدرى بأقول يارب يكنب له النجاة .. قال هذه الجملة بنرة باكية .. وأمه مش عارف أعمل لها إيه؟ لازم تعمل عملية قلب .. يلا الحمد لله على كل شئ
ثم ينظر لأبنائى
السائق: ربنا يحفظهم لك
ثم ينظر إلى فى توسل وحنان
ورغم إعتيادى على هذا النوع من السائقين الذين يعملون جاهدين على استدرار العطف كى تعطيهم مزيدا من المال لكن هذا الرجل أثر فى تأثيرا كبيرا رغم يقينى أنه على الأغلب يكذب
وأن تلك القصة ملفقة تماما من أولها للحصول على نفحة نقدية سخيه فى نهاية المشوار ومع ذلك فقد تأثرت .. لا أعلم لماذا تأثرت ؟ محتمل نتيجة أداؤه البارع أو بسبب حجمه المقارب لشجرة الجميز ومحتمل أن هاجسا داخليا جعلنى أقول إن هناك إحتمالا ولو قليلا لمعهد السرطان ومعهد القلب وأى معهد آخر فى مخيلته

وعندما حركت أرنبه أنفى وأنا جالس فى منزل سحر ... استنشقت الدخان المحمل بروائح اللحم والبصل والقرفة فشعرت بحالة أرتياح وسلام وحكيت لسحر قصتى مع السائق .. والمدهش أنها لم تندهش:

سحر: دى حكاية متكررة جدا .. دى حصلت معايا ييجى ميت مرة ما احنا بقينا شعب شحاتين .. انت ما سمعتش دى
أنا: لأ
سحر: اللى ما اتسجنش فى فترة عبد الناصر مش حيتسجن أبدا واللى ما اتغناش فى فترة السادات مش حيتغنى ابدا واللى ما شحتش فى فترة مبارك مش حيشحت ابدا

قلت لها : اعتبرينى شحات وهاتى أى حاجه آكلها أنا واقع من الجوع


رمضان كريم .. كل سنة وانتو طيبين ..

هههههههههههههه
ههههههههههههههههه وحضرتك طيب
فعلا الى مشحتش دلوقتى مش هيعرف يشحت بعد كده