عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من سرّه أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه}.

لاشك أن صلة الرحم باب خير بها تتأكد وحدة المجتمعات وتماسكها، وتمتلئ النفوس بالشعور بالراحة والاطمئنان، والرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب بهذا الحديث النفس المحبة للخير، التي تعمل على التماس السبل لسعة الرزق والبركة في العمر والأجر، فيرشد إلى هذا الطريق، فيهدي العبد إلى العمل ذي الأجر الجزيل.

وصلة الرحم تُبقي يبقى المرء دوماً بمنجى عن الوحدة، ويتأكد أن أقاربه يحيطونه بالمودة والرعاية، ويمدونه بالعون عند الحاجة.

فالحديث يقوم على أسلوب شرط، يقوم فعله على سرور السامع وسعادته، ويكشف جوابه عما يحقق هذه السعادة المرتجاة، وسبق أسلوب الشرط في الحديث على نحو يثير شوق السامعين، فالمرء حين يصغي إلى قوله عليه الصلاة والسلام: {من سرّه إن يبسط له في رزقه} تهفو نفسه إلى الوسيلة التي تحقق هذه البسطة، لكن الوسيلة لا تذكر مباشرة بل يؤخرها قوله صلى الله عليه وسلم: {وأن ينسأ له في أثره} وهو ما يضاعف شوق السامع، حتى إذا بلغ غاية مداه بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم {فليصل رحمه} فيكشف عما يتطلع السامع إلى معرفته.

صياغة الحديث على قالب أسلوب الشرط على هذا النحو أكسبته إحكاماً وترابطاً منطقياً، إذ ترتبط أجزاء المعنى فيما بينها ارتباط مكونات أسلوب الشرط بينها: وهو ارتباط السبب بالنتيجة، وكأن صلة الرحم هادياً حتمياً إلى سعة الرزق وبركة العمل والأجر والمعنى سيق على نحو يحث الهمم على صلة الرحم.

فالرسول صلى الله عليه وسلم يكشف عن الهدف المرتجى، ثم يعقب ذلك ببيان وسيلة بلوغ هذه الهدف {من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه}.


وطبيعة مفردات الحديث الشريف تكشف الطبيعة المتجددة التي يتسم بها هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفعال الحديث مضارعة دالة بذاتها على التجدد والاستمرار {يبسط}، {ينسأ}، {فليصل}، أما الفعل {سره} فقد جاء ماضياً دالاً على رسوخ هذه الرغبة في نفس كل إنسان.

فهذا الأجر الكبير الذي يخص به الله عباده الواصلين أرحامهم مقصور عليهم لن يناله غيرهم، وهو ما يجعل السامعين يحرصون حرصاً أن يكونوا ضمن هؤلاء الفائزين بالأجر العظيم {من سره أن يبسط له رزقه، وأن ينسأ له في أثره} نسأل الله أن يجعلنا من عباده الذين يؤدون حق الرحم، وأن يرزقنا سعة الرزق، والبركة في العمر.