قابلت من عاش طويلا...( دعوة للتأمل)

[احمد عبد الحليم]

فى ذلك اليوم

فى تلك الليلة....فى ذلك المساء

وفى هذا الطريق الغير ممهد

قابلته...

قابلت من عاش طويلا...قابلته

اراه يمشى من بعيد...وقد انحنى ظهره...

وكاد وجهه ان يلمس الارض...

احيانا لا اكترث بالنظر لهؤلاء....لكن وقفت امام طريقه

وقفت امامه تماما...ونظرت اليه من رأسه الى اخمص قدمية

فلم تكن المسافة طويلة من شدة انحناؤة...!!!!!

وجدته شيخ طاعن فى السن...قد جاوز الشيخوخة و تعكز فى طريق الهٍرم

فجاة تسارعت دقات قلبى

فوجدت...وجدت اننى فى لقاء مع الماضى والمستقبل

ماضيه.....ومستقبلى...!!!!!!!!!!!!

....نظر الرجل الى بعدما سددت طريقه بوقوفى المبهم الغامض

فوجدت فى ملامحه...وسامة قديمة قد محاها الزمن....

وفى عينيه نظرة حماس ورعونة...اخفتها التجاعيد....

وقال...انا أرى مايدور بعقلك..!!!!!!

ومد يده الضعيفة المجعدة...وامسك بيدى

فقارنت بين يده التى اصبحت عظاما بالية..ويدى القوية...!!!

فتسارعت دقات قلبى...

امسك يدى وسار معى الى تلة عالية

وجلس فى بطء....واشار لى بان اجلس امامه

قال لى.....ارى فى عينيك المستقبل....وفى قلبك الشباب...وفى عقلك الكون المظلم

قلت له....ما انت.....حدثنى عن ازلك القديم...وعمرك المديد....

بدأ حديثه بنظرة الى اللا شئ....وقال

انا...شاب قوى....اتفق الجميع على وسامتى وهيبتى وسلطتى

انا من صارع الدنيا حتى هزمته.....

كنت قويا متين البنيان...معتدل القوام...مشدود الوجه...طويل الشعر...اشقره

قلت له صف لى الدنيا....

قال وقد زادت نظرته يئسا....الدنيا مثل كوب من الماء المثلج..!!!!

اذا شربته على فترات حفظت اسنانك ومعدتك من الالم

واذا شربته جملة....فنل ما تريد من ألم...

فقلت له وبما خرجت من هذة الدنيا

هنا نظر لى...لا انكر ان السؤال قد باغته

لكنه لم يجب بلسانه

فأشار بأصبع يرتعش الى السماء

ثم ادخل يده بين طيات ملابسه

واخرج صورة بالية....قديمة

فنظرت بها.....

فوجدت فتاة رائعة الجمال..!!!!!

لم ارى جمالا مثله قط

فاخد منى الصورة واشار لى على قلبها...!!!

ففهمت هنا....ماذا خرج من الدنيا..!!!!

حب الله....وقلب محبوبته

وفجأة وجدت جسده يرتعش

فامسكت به واحتضنته فارتمى على صدرى

وقد احسست انها النهاية

اخذ يلهث...ويلهث

فقال بين لهثاته

فلتخرج منها بهاتين.!!!!

وامسك بيدى بقوة شديدة

ونظر لى نظرة....وابتسم....وانقطعت اللهثات

انقطعت لهثاته....وانصرف الماضى من اللقاء

وبقى المستقبل...فاحسست به ينظر لى فى شئ من الفتور

وقال لى

ما تراه....هوا انا....

انا مستقبلك